تُعتبر هذه المقولة جزءًا من القصيدة الشهيرة التي تحمل نفس الاسم، والتي أبدع في كتابتها ابن القيم الجوزية، المعروف بلقب شمس الدين.
إن كنت تعلم فتلك مصيبة
في إطار تناولنا لمقولة “إن كنت تعلم فتلك مصيبة”، نعرض القصيدة التي تحتوي على العبارة الكاملة، وهي “إن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم”، وذلك على النحو التالي:
ذاك إلا غيرة أن ينالها
سوى كفئها والرب بالخلق أعلم
وإن حجبت عنا بكل كريهة
وحفت بما يُؤذي النفوس ويُؤلم
فلله ما في حشوها من مسرة
وأصناف لذات بها يتنعم
ولله برد العيش بين خيامها
وروضاتها والثغر في الروض يبسم
ولله واديها الذي هو موعد ال
مزيد لوفد الحب لو كنت منهم
بذيالك الوادي يهيم صبابة
محب يرى أنّ الصبابة مغنم
ولله أفراح المحبين عندما
يُخاطبهم من فوقهم ويسلم
ولله أبصار تري الله جهرة
فلا الضيم يغشاها ولا هي تسأم
فيا نظرة أهدت إلى الوجه نضرة
أمن بعدها يسلو المحب المتيم
ولله كم من خيرة إن تبسمت
أضاء لها نور من الفجر أعظم
فيا لذة الأبصار أن هي أقبلت
ويا لذة الأسماع حين تكلم
ويا خجلة الغصن الرطيب إذا انثنت
ويا خجلة الفجرين حين تبسم
فإن كنت ذا قلب عليل بحبها
فلم يبق إلا وصلها لك مرهم
ولا سيما في لثمها عند ضمها
وقد صار منها تحت جيدك معصم
تراه إذا أبدت له حسن وجهها
يلذ به قبل الوصال وينعم
تفكه منها العين عند اجتلائها
فواكه شتى طلعها ليس يعدم
عناقيد من كرم وتفاح جنة
ورمان أغصان به القلب مغرم
وللورد ما قد ألبسته خدودها
وللخمر ما قد ضمه الريق والفم
تقسم منها الحسن في جمع واحد
فيا عجبا من واحد يتقسم
لها فرق شتى من الحسن أجمعت
بجملتها إن السلو محرم
تذكر بالرحمن من هو ناظر
فينطق بالتسبيح لا يتلعثم
إذا قابلت جيش الهموم بوجهها
تولى على أعقابه الجيش يهزم
فيا خاطب الحسناء إن كنت راغبا
فهذا زمان المهر فهو المقدم
ولما جرى ماء الشباب بغصنها
تيقن حقا أنه ليس يهرم
وكن مبغضا للخائنات لحبها
فتحظى بها من دونهن وتنعم
وكن أيما ممن سواها فإنها
لمثلك في جنات عدن تايم
وصم يومك الأدنى لعلك في غد
تفوز بعيد الفطر والناس صوم
وأقدم ولا تقنع بعيش منغص
فما فاز باللذات من ليس يقدم
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها
ولم يك فيها منزل لك يعلم
فحي على جنات عدن فإنها
منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبى العدو فهل ترى
نعود إلى أوطاننا ونسلم
وقد زعموا أن العدو إذا نأى
وشطت به أوطانه فهو مغرم
وأي اغتراب فوق غربتنا التي
لها أضحت الأعداء فينا تحكم
وحي على السوق الذي فيه يلتقى
المحبون ذاك السوق للقوم يعلم
فما شئت خذ منه بلا ثمن له
فقد أسلف التجار فيه وأسلموا
وحي على يوم المزيد الذي به
زيارة رب العرش فاليوم موسم
وحي على واد هنالك أفيح
وتربته من أذفر المسك أعظم
منابر من نور هناك وفضة
ومن خالص القيان لا تتقصم
وكثبان مسك قد جعلن مقاعدا
لمن دون أصحاب المنابر يعلم
فبينا همو في عيشهم وسرورهم
وأرزاقهم تجرى عليهم وتقسم
إذا هم بنور ساطع أشرقت له
بأقطارها الجنات لا يتوهم
تجلى لهم رب السماوات جهرة
فيضحك فوق العرش ثم يكلم
سلام عليكم يسمعون جميعهم
بآذانهم تسليمه إذ يسلم
يقول سلوني ما اشتهيتم فكل ما
تريدون عندي أنني أنا أرحم
فقالوا جميعا نحن نسألك الرضا
فأنت الذي تولى الجميل وترحم
فيعطيهمو هذا ويشهد جمعهم
عليه تعالى الله فالله أكرم
فيا بائعا هذا ببخس معجل
كأنك لا تدرى؛ بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
نبذة عن ابن القيم الجوزية
وُلِد ابن القيم الجوزية في عام 1292 ميلادي، وعاش في مدينة دمشق. يُعتبر ابن القيم من أبرز علماء المسلمين في القرن الثامن الهجري.
تلقى ابن القيم تعليمه في صغره على يد أستاذه ابن تيمية الدمشقي، حيث رافقه لمدة تقارب 16 سنة، حتى تم اعتقاله في قلعة دمشق.
بعد خروجه من السجن في عام 728 هـ، اكتشف أن شيخه قد توفي، وكان قد ألّف العديد من الكتب في مجالات مثل القرآن الكريم، والنحو، والصرف، والحديث.
نال شهرة واسعة في الكثير من العلوم، وتوفي ابن القيم عام 1349 ميلادي، ودفن بجوار قبر والدته.
أهم مؤلفات ابن القيم الجوزية
كما ذُكر سابقًا، يمتلك ابن القيم العديد من المؤلفات القيمة في الصرف، والنحو، وأنواع أخرى من العلوم، ومن أهم مؤلفاته:
- طريق الهجرتين وباب السعادتين.
- أحكام أهل الذمة.
- الكافية الشافية في النحو.
- الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية.
- روضة المحبين ونزهة المشتاقين.
- شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل.
- مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة.
- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.
- إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان.
- الكلام على مسألة السماع.
- الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة.
- كتاب الصلاة وأحكام تاركها.
- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء.
- اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية.
- التبيان في أقسام القرآن.
- عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين.
- إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان.
قصة قصيدة “إن كنت تدري فتلك مصيبة”
تتعلق هذه المقولة ببيت من القصيدة التي كتبها الإمام ابن القيم الجوزية في وصف الجنة، وقد تم استخدامها بشكل واسع بعد ذلك. إليكم القصة كما يلي:
- تبدأ القصة عندما أرسل أحد الخلفاء رسالة مع مجموعة من قادة الجيش.
- تملكت الشكوك هؤلاء القادة حول مضمون الرسالة، التي كانت مختومة بإحكام من قبل الخليفة.
- عندما فتح هؤلاء القادة الرسالة، وجدوا فيها طلبًا بإعدامهم فور وصولهم.
- قد جاء هذا الطلب من الخليفة إلى والي مصر، مما أدخل القادة في حالة من الحيرة والقلق.
- نظرًا لأمانتهم وشجاعتهم، قرر القادة إرسال رسالة توضح الشكوى للخليفة، مع الرسالة التي تلقوها.
- تضمنت الرسالة الحكمة المعروفة: “إن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم”.