هناك استخدام شائع للكلمتين “الله” و”الرب” بين الناس دون التمييز الدقيق بينهما. وقد أبدى العديد من العلماء آراء مختلفة حول الفروق بين هذين اللفظين. في هذا المقال، سنستعرض المعاني الدقيقة لكل من اللفظين وفقًا لوجهات نظر متعددة من العلماء.
اختلاف الله والرب
يوجد عدة آراء للعلماء حول الفارق بين “الله” و”الرب”، وهذه الآراء تتضمن:
- ترى مجموعة من العلماء أنه لا يوجد فرق بين الكلمتين، ويعتبرون أنهما تعبيران متشابهان. فيعتقدون أن الإله هو الرب، والعكس صحيح، ومع ذلك، يُعتبر هذا الرأي غير دقيق.
- بينما считает آخرون أن كلتا الكلمتين تعكسان وصفًا خاصًا لله عز وجل، حيث تشير “الإله” إلى المعبود، في حين تصف “الرب” الله بوصفه الخالق والمدبر والمالك.
توحيد الإلوهية
- فسر أهل اللغة كلمة “إله” على أنها تشير إلى المعبود، مع توضيح أنها تدل على القدرة على الإبداع والإيجاد.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن كلمة “إله” تحمل معاني متعددة؛ فهي تعبر في أحد معانيها عن صفة العبد، وبالتالي جاءت على وزن مفعول بمعنى المعبود.
- أما معنى “الله” فيشير إلى المعبود بشكل مطلق، حيث كان أهل قريش في القديم يطلقون على الأصنام “الآلهة”.
- وهذا يشير إلى المعنى الدقيق لـ “الإله” كالمعبود الذي يلجأ إليه الإنسان عند الشعور بالعجز، ويطلب منه العون.
- يتودد الفرد إلى الله بالتوسل والرجاء والأعمال الصالحة، ويدعوه ليكشف عنه الضر.
توحيد الربوبية
- تم ذكر كلمة “رب” في السنة النبوية في عدة مواضع، من بينها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “ألا وإنّي نُهيتُ أنْ أقرأَ القرآنَ راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الربَّ عزّ وجلّ”.
- كما وردت كلمة “رب” في قوله تعالى: “الحمدُ للهِ ربِّ العالمين”، وكذلك في قوله: “ربُّ المشرقين وربُّ المغربين”.
- تدل كلمة “رب” على المالك للأمر، فعلى سبيل المثال، تعني “رب الأسرة” الشخص المسؤول عنها، بينما “رب العمل” تشير إلى المدير أو صاحب العمل.
- قال الله تعالى: “وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديه” تعني الدعوة للرجوع إلى الشخص المسؤول عنه.
- يجدر بالذكر أن كلمة “رب” بوجود “ال” تشير حصريًا إلى الله سبحانه وتعالى.
- لأن الله هو مالك كل شيء ويتصرف بحرية في جميع الأمور في السموات والأرض.
معنى الله
قدم الإمام الشعراوي توضيحًا لمعنى كلمة “الله” كما يلي:
- كلمة “الله” هي اللفظ الذي يشير إلى الذات المتضمنة لجميع الصفات، وهذا يعكس الكمال الذي يتصف به سبحانه وتعالى.
- يعني اسم “الله” المعبود الذي يستحق العبادة، وتبرز أسماء الله الحسنى الصفات المتعددة التي يمتاز بها المولى عز وجل.
- إن صفات الألوهية التي يتمتع بها تجعل منه مستحقًا للعبادة، لأنها مؤهلة فقط للإبداع.
- وهو المستقل بالإيجاد، مما يجعله يستحق العبادة لمخلوقاته، وصفاته تتمثل في الكمال والحكمة والقدرة على فعل كل شيء.
- تدل كلمة “إله” على المعبود. كما قال الشيخ ابن تيمية: “لا يستحق أن يكون معبوداً محبوباً لذاته إلا هو، وكل عمل لا يُراد به وجهه فهو باطل، وعبادة غيره وحب غيره يوجب الفساد”.
- قال الله تعالى: “لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، فسبحان الله رب العرش عما يصفون”.
- ووفقًا لأهل الكلام، تعني كلمة “إله” القدرة على الإيجاد، وبذلك تعني عبارة “لا إله إلا الله” أنه لا يوجد من يمتلك القدرة على الخلق والإبداع سوى الله سبحانه وتعالى.
معنى الرب
فيما يلي توضيح لمعنى كلمة “رب”:
- تعني كلمة “رب” الذي خلقك وصورك وهيأك ورزقك، وهي مشتقة من التربية التي تشمل رعاية المربي لمن يتولى تربيته، ولذلك الله سبحانه وتعالى هو الذي يربي جميع العباد وينمي قلوبهم، ويمنحهم النعم.
- قال الله تعالى: “قال فمن ربكما يا موسى. قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى”.
- قال ابن فارس رحمه الله عن معنى كلمة “رب”: “الراء والباء تدل على الأصول”.
- فالأول يشير إلى إصلاح الشيء والقيام عليه، فـ”الرب” تعني المالك والخالق والصاحب، والمُصلح لحال الشيء، ويقال “ربَّ فلانٌ ضيعته” عندما يقوم على إصلاحها، والله -جل ثناؤه- هو الرب لأنه مُصلح أحوال خلقه.
- كما قال الجوهري: “ربُّ كل شيء مالكه، والرب اسم من أسماء الله -عز وجل-، ولا يُقال إلا سيدًا في غيره”.
- قال الله تعالى: “قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم”.
- وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ذَاقَ طَعْمَ الإيمان مَن رَضِيَ باللَّهِ رَبًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا”.