الصبر يعتبر من القيم النبيلة التي تحمل في طياتها معاني متعددة، حيث يترافق مع الألم والشعور بالحزن والظلم، ولكنه يتضمن أيضاً الإيمان والرضا بقضاء الله تعالى.
الفرق بين الصبر والصبر الجميل
الصبر
- الصبر هو ضبط النفس والامتناع عن التصرفات السلبية، سواء من قول أو فعل.
- يعتبر الصبر من أفضل الخصال التي يُحبها الله تعالى، حيث ورد ذكره في العديد من الآيات القرآنية، مبرزًا محبة الله للصابرين وموعدهم بأجر عظيم.
- يسعى المسلم للصبر من خلال تمالك نفسه في مواجهة الجزع والخوف، مؤمنًا أن اختيارات الله له متفوقة على ما يراه.
- قال الله تعالى واصفًا نبي الله أيوب عليه السلام: (إنّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
الصبر الجميل
- الصبر الجميل هو شكل أرقى من الصبر، حيث يتميز بأن صاحبه لا يتحدث عن همومه وآلامه أمام الآخرين.
- ومع ذلك، يجوز له الشكوى لله عز وجل، مع البكاء والتوجه نحو الدعاء لرفع البلاء.
- كما جاء في القرآن الكريم قول نبي الله يعقوب، الذي عبر عن حزنه بالقول: (إنّما أَشكو بَثّي وَحُزني إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ).
- من هذا نستنتج أن الشكوى إلى الله لا تتعارض مع منزلة الصبر الجميل.
- يتجلى الصبر الجميل عند الفراق، سواء بسبب الغربة أو فقدان الأحبة، وأيضاً عند مواجهة المرض بقبول وصبر مخلص لله.
- كما وردت واقعة سيدنا يعقوب عندما جاءه أبناء يوسف بدم كاذب على قميصه، فقال تعالى: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ).
- وعندما زاد البلاء عليه بإخبارهم بسجن ابنه الآخر، أجاب أنه سيصبر صبرًا جميلاً، قائلاً: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَني بِهِم جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
- يُظهر العبد الصابر الذي يحبه الله سكينة وثباتاً أمام المصائب، رافضًا الجزع لأنه مؤمن بأن الله هو المدبر لكل شيء.
كما يمكنك التعرف على:
أنواع الصبر
تنقسم أنواع الصبر إلى ثلاثة، وكل نوع يحمل دلالاته الخاصة ولكنه يشترك في ضبط النفس وتوجيهها نحو الطريق الصحيح:
الصبر على الطاعة
- أولاً، الصبر على الطاعة يُعتبرا من أصعب أنواع الصبر، حيث يتطلب من الإنسان المثابرة والجهد.
- على سبيل المثال، فإن قيام الليل يتطلب ترك النوم، وتكون صلاة الفجر في أوقات صعبة، مثل الشهور الباردة.
- الصبر هنا هو الابتعاد عن الراحة والذهاب إلى المساجد، مُطيعًا لإرادة الله.
- وخلال شهر رمضان المبارك، يتمثل الصبر في الصيام من الطعام والشراب اليومية، وهي عبادة تحتاج إلى إصرار.
الصبر على المعاصي
- الشكل الثاني هو الصبر على المعاصي، وهو أحد أشد أنواع الصبر، حيث يتطلب مقاومة الشهوات.
- عندما تتاح أمام الشخص الفرصة للوقوع في المعصية، ويختار الابتعاد عنها، يكون هذا هو الصبر على المعاصي.
- مثلاً، موقف سيدنا يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز يُظهر كيف أنه تمسك بالصبر رغم كل الإغراءات.
الصبر على البلاء والرضا بالقضاء
- النوع الثالث هو الصبر على البلاء والرضا بما قُدِّر، حيث يُبتَلى العبد بحسب قوته في الدين.
- يجب على المسلم أن يستقبل البلاء برضا، محولاً الألم إلى فرصة للتقرب من الله.
- إن الله عزيز، ويريد من عباده الصبر والرضا، حيث قال: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
كما يمكنك الاطلاع على:
الصبر في الحديث النبوي الشريف
- (مَرَّ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقالَ: اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي قالتْ: إلَيْكَ عَنِّي، فإنَّكَ لَمْ تُصَبْ بمُصِيبَتِي، ولَمْ تَعْرِفْهُ).
- هذه الحادثة تعكس أهمية الصبر في بداية الفاجعة، حيث يُظهر المسلم المؤمن القدرة على تحمل الأمر بعد استيعاب الألم.
فضل الصبر الجميل
الصبر الجميل هو تحمل الأذى مع الثقة والرضا بقضاء الله:
- أمر الله رسوله بأن يكون صابرًا صبرًا جميلاً خاليًا من القلق، ليكون مثالاً للمؤمنين.
- لضمان جزاء عظيم للصابرين، حيث يُجمع التقدير للصبر الجليل من قبل الله سبحانه.
- يُعد الصبر علامة على أن المؤمن مع الله، حيث ينظر إلى آلامه وخسائره كجزء من مشيئة الله.
مثال على الصبر الجميل
عندما اتفق أخوة سيدنا يوسف عليه السلام على الإضرار به، أبلغوا والدهم بأن الذئب أكله، ولكن بدلاً من الغضب، تحلى بالصبر الجميل وأجاب: “صبرًا جميلًا والله المستعان على ما تصفون”.