هو عالم اجتماع فرنسي يُعرف بإسم ديفيد إميل دور كايم. يُعتبر واحدًا من أبرز مؤسسي علم الاجتماع الحديث، حيث ابتكر منهجية جديدة تسهم في تطوير هذا العلم.
كانت منهجيته تتمحور حول دراسة الحياة الاجتماعية ومكوناتها وحقائقها، كما أسهم بشكل كبير في نشر مجموعة واسعة من المؤلفات في مواضيع متعددة.
لعب دور كايم دورًا محوريًا في استكشاف طبيعة المجتمعات المختلفة لفهم القيم والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها التعليم في المجتمع.
خلال مسيرته البحثية والعلمية، قدم جهدًا مضنيًا في علم الاجتماع مقارنةً بالتخصصات الأخرى.
نشأة العالم دور كايم
وُلِد دور كايم في فرنسا عام 1858، في عائلة يهودية أرثوذكسية كانت تتمتع بتماسك اجتماعي كبير.
كان والداه من عائلة دينية، حيث كان والده مويس حاخامًا في مدينة أبيجال في ثلاثينات القرن التاسع عشر، بينما كانت والدته تنتمي لأسرة تجارية يُدعى اسمها ميلاني.
بناءً على ذلك، اتبع دور كايم تقاليد عائلته في البداية وعمل كحاخام، إلا أنه انفصل عن اليهودية بصورة نهائية لاحقًا.
الحياة الأكاديمية والعملية لدور كايم
بدأ دور كايم دراسته في مدرسة حاخامية، ولكنّه قرر عدم الاستمرار على نهج والده وجده في وقت مبكر من حياته، متوجهًا إلى مدرسة النور بباريس العليا حيث درس الفلسفة.
بعد تخرجه، قام بتدريس الفلسفة، وتم تعيينه أستاذًا لعلوم الفلسفة والاجتماع في جامعة بوردو، حيث أسس أولى دورات علم الاجتماع الرسمية في فرنسا.
تزوج من لويز دريفوس وأنجب منها طفلين، وأسهمت أعماله الأكاديمية في تعزيز مسيرته المهنية.
أحد أعماله البارزة كانت “قواعد الطريقة الاجتماعية” والتي نُشرت في عام 1895، أما أطروحة الدكتوراه حول تقسيم العمل الاجتماعي فقد ظهرت في عام 1893.
كما أصدر دراسة هامة حول موضوع الانتحار في علم الاجتماع عام 1897، والتي من خلالها حقق مرتبة مرموقة في علوم التربية بجامعة السوربون.
شارك دور كايم في تقديم العديد من المحاضرات والمقالات المتنوعة، ورغم ميوله السياسية إلا أنه أبقى السياسة خارج نطاق عمله.
ورغم عدم انتمائه لأي حزب سياسي، تأثر بجروح الحرب العالمية الأولى عندما فقد مجموعة من طلابه وابنه أندريه، مما أسفر عنه صدمة عميقة.
تسبب هذا الحزن في إصابته بسكتة دماغية، وتوفي بعد فترة من الزمن تاركًا آخر أعماله الاجتماعية بعنوان “الأخلاق”.
إنجازات دور كايم
تتسم إنجازاته في علم الاجتماع والأخلاق بأنها تتعلق بفهم تفاعل عناصر المجتمع مثل الطبيعة، الأخلاق والدين.
يعتقد دور كايم أنه يمكن دراسة هذه العناصر بشكل علمي، حيث يرى أن علم الاجتماع يتناول المؤسسات والجماعات وأنماط التفكير والشعور والسلوك.
إحدى أبرز مزاياه هي تسليط الضوء على الطريقة الاجتماعية كأهم عنصر في الدراسة الاجتماعية، مشددًا على أن علم الاجتماع يتكون من مجموعة من الحقائق الاجتماعية التي تساهم في صياغة القواعد الاجتماعية.
وعلى الرغم من إشادته بالفرد، إلا أنه اعتبر أن المجتمع أكثر من مجرد تجمع للأفراد في مكان ما؛ بل هو مزيج من المشاعر والمعتقدات والأفكار المتنوعة التي يجلبها الأفراد داخل المجتمع.
لذا، يُستخدم التحليل الاجتماعي كوسيلة لفهم الواقع النفسي للأفراد، مما يسهم في تطور سماتهم الخاصة.
من السمات الأساسية التي أشار إليها دور كايم هي اللغة، القيم، المعتقدات الدينية، والميولات السلوكية مثل الانتحار.
رأى أن أحد الأدوار الرئيسية للدين يكمن في الحفاظ على النظام الاجتماعي، معتبرًا أن الدين والتعليم من أهم الوسائل لدعم البشرية وتوجيهها.