أنواع كفالة الأيتام ومزاياها

أنواع كفالة اليتيم

تُعتبر كفالة اليتيم من أعلى مراتب النُّبل والإحسان، حيث يتم استقبال اليتيم في بيت الكافل واحتضانه ضمن العائلة، مما يمكنه من التربيّة في بيئة أسرية حاضنة تتسم بالحب والرعاية، ويستمر هذا الوضع حتى يصل اليتيم إلى سن البلوغ. وقد عُرف هذا النوع من الكفالة بين الصحابة -رضوان الله عليهم- استنادًا لما ورد في السنة النبوية الشريفة. فقد جاءت السيدة زينب، زوجة عبد الله بن مسعود، وامرأة من الأنصار إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسألان إن كانت الصدقة تُجزئ عنهما لأزواجهما وأيتامٍ في رعايتهما، فأجاب -صلى الله عليه وسلم-: (لهما أجْران: أجْرُ القَرَابَةِ، وأجرُ الصَّدَقَةِ).

هناك طريقة أخرى للكفالة تتمثل في تقديم الدعم المادي لليتيم دون الحاجة لإقامته في بيت الكافل. يُمكن للكافل أن يقدم نفقة لفائدة اليتيم أو لمن يتولى رعايته أو أن يدفع التبرعات للجمعيات الخيرية المعنية، حيث تُعتبر هذه النوعية من الكفالة أقل شأنا من الكفالة المباشرة. ولكنها تظل وسيلة مشروعة تدخل ضمن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- (أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا)، ويتوقف مبلغ الكفالة على مستوى المعيشة في البلد الذي يعيش فيه اليتيم، بحيث يشمل الحاجات الأساسية مثل الطعام والشراب والملبس والتعليم والمسكن. يُسمح أيضًا بمشاركة عدة أشخاص في كفالة يتيم واحد.

تُعتبر التبرعات لمؤسسات رعاية الأيتام وسيلة للكفالة أيضًا، حيث يُمكن استخدام الأموال المدفوعة للاعتناء بجميع الأطفال الذين تحت رعاية تلك المؤسسات. إذا كانت المساهمات كافية لتوفير النفقات والرعاية، فإن الكافل ينال أجر كفالة اليتيم، بينما إذا كانت المساهمات أقل من المطلوب، يحصل الباذل على الأجر بقدر مقدار ما دفع، وربما ينال أجرًا أكبر لكونه قد ساهم في دعم عدد أكبر من الأيتام. يُطلق مصطلح “الوصاية” على الشخص الذي يُعينه الولي أو القاضي للحفاظ على أموال اليتيم ورعايتها، وهو يشمل الوصي الذي يُعينه الميت قبل وفاته لإدارة ممتلكاته وأمواله، وكذلك الوصي الذي يُعَيّنه الأب أو الجد لرعاية أبناء القصر.

فضل كفالة اليتيم

تحمل كفالة اليتيم الكثير من الفضائل، ومنها:

  • تحصيل أجر مزدوج في حال كان اليتيم من الأقارب، مما يعني الحصول على أجر الصدقة وأجر القرابة في ذات الوقت.
  • دلالة على التواضع والقدرة على التعامل مع أبناء الأيتام برحابة صدر.
  • تقديم العناية لليتيم يُعزز من مشاعر الرحمة ويُساهم في تهذيب النفس للمكفل.
  • تعزيز قيم المودة والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم، بعيدًا عن مشاعر الحقد والكراهية.
  • الإعجاب برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما في كفالة اليتيم من إعزاز وتنمية لمن هم في حالته.
  • تنمية المال وزيادة بركته، كونها من الأخلاق النبيلة التي حثّ عليها الإسلام.
  • تربية المرأة على مكارم الأخلاق، في حال قامت برعاية أولادها بعد وفاة زوجها، وبالتالي الفوز بجنة الرحمة.
  • المشاركة في الجنة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ قال: (أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأشارَ بالسَّبَّابَةِ والوُسْطَى).
  • تُعتبر كفالة اليتيم من أهم أبواب الخير، وقد قال -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ، قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ).
  • إعداد الرعاية والإحسان لأبناء المسلمين الذين فقدوا آباءهم، حيث إنّ مَن هو محسن لهم سيكون محسناً إليه في الدنيا والآخرة.

يشمل حكم اليتيم أيضاً الأطفال غير المعروفين لأبائهم وأمهاتهم، حيث هم في أمس الحاجة للعناية والاهتمام. مع العلم أنه يحظر إدراجهم في دفاتر الأسر لأن ذلك قد يؤدي لفقدان النسب. كما يجب مراعاة الأحكام الشرعية بعد بلوغهم سن الرشد، ومنها حُرمة الخلوة والنظر، إلا في حالات الرضاعة.

مدة كفالة اليتيم

تستمر كفالة اليتيم حتى يصبح قادرًا على الاعتماد على نفسه، وهذا يتطلب إنهاء مرحلة التعليم والدخول إلى سوق العمل. أما بالنسبة للبنات المتكفلات، فإن مدّة الكفالة تستمر حتى زواجهن. قال -تعالى-: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ). تستمر الكفالة حتى يحتاج اليتيم إلى الدعم، وبعد بلوغه واستغنائه عن الكفالة، يصبح وصف اليتيم غير قائم. وبالتالي، فإن مسؤولية رعاية الأبناء تقع على عاتق الوالدين، فإن فقد الآباء، تنتقل هذه المسؤولية للأقارب، وإذا لم يكن ذلك ممكناً، فإن الرعاية تصبح مسؤولية المجتمع.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *