في هذا المقال، سنستعرض الفروق بين النبي والرسول فيما يتعلق بالتكليف، حيث إن كلاهما أرسله الله -سبحانه وتعالى- للناس ليكونوا نوراً وهدايةً تدعو إلى عبادته. سنناقش أيضاً الفروق الأساسية بينهما.
النبي والرسول
- لقد بعث الله -سبحانه وتعالى- الأنبياء والرسل في مختلف العصور وكل الأمم، ولكلٍ منهم رسالة معينة.
- حيث يقوم هؤلاء بإبلاغ الناس عن الله وشرعه في الأرض، ويوجهونهم نحو الحقيقة والخالق.
- أرسل الله الأنبياء والرسل ومنحهم المعجزات ليكونوا دليلاً للناس. وهناك العديد من الآيات القرآنية التي تذكر هؤلاء الأنبياء والرسل.
- فهم قد أُرسلوا بآيات وعلامات تؤكد أنهم مبعوثون من الله -سبحانه وتعالى-.
- كما واجه الأنبياء والرسل تهم التكذيب والاستهزاء، حيث استهان بهم العديد من الأمم.
- ومع ذلك، صدّقهم كثير من الأمم الأخرى، لأنهم قاموا بأداء أمانتهم وبذلوا جهوداً كبيرة في دعوة الناس إلى توحيد الله.
الفرق بين النبي والرسول من حيث التكليف
- يوجد فرق واضح بين النبي والرسول من حيث التكليف، فدور الرسل في التكليف يكون أكبر بكثير.
- الرسل يأتون إلى الناس بشرع جديد، ويؤدون مهمة التبليغ عنه للأمم.
- دور الرسل يعتمد على وحي من الله يتضمن وحياً بشريعة جديدة، حيث يوحي الله للرسل بالدين الجديد ليقوموا بتبليغه.
- لذلك يُعتبر كل رسول نبي، لكن العكس ليس صحيحاً.
- دور الأنبياء هو إبلاغ الناس بالدين الذي جاء به الرسول، مما يجعل مهمة النبي تأتي بعد ظهور الرسول، حيث يخبر الناس عن الشرع الموجود بالفعل.
- بناءً على ذلك، يجب أن نعلم أن النبي لا يظهر شريعة جديدة، بل يكرر الشريعة التي أتى بها الرسول من قبل.
- الرسول يبلّغ بينما يتبع النبي ذلك بالتبليغ للأمم والناس لنشر الشرع والدين.
المعنى اللغوي للرسول والنبي
- كلمة “رسول” تُجمع على “رسل”، وهي تتكون من ثلاثة أحرف (الراء، السين، اللام) وأصل الكلمة هو الانبعاث والامتداد.
- لأن الله يرسل الرسل ليؤمرهم بإبلاغ الناس وإرساء الدين.
- استناداً إلى قوله تعالى: (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)، يمكن القول إن الرسول هو مبعوث من الله، وهو حامل الرسالة.
- أما كلمة “نبي”، فهي مشتقة من “نَبَأ” بمعنى الخبر، ويمكن استنباط المعنى اللغوي من قوله تعالى: (قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ).
- النبي هو الذي ينبئ الناس بوحي من الله تعالى.
- وتعتبر كلمة “نبي” أيضاً مشتقة من “نبو”، أي العلو، ويُطلق على من يخبر برسالة الله النبي بسبب علو منزلته.
الفروق بين الرسل والأنبياء
- تتجاوز الفروق بين الرسول والنبي التكليف، حيث توجد جوانب أخرى، والبعض يعتقد أنه لا توجد فروق بينهما.
- وهو خطأ شائع، كما أن بعض الأشخاص يرون فروقاً غير صحيحة بينهما.
- من الخطأ أن نفيد بأن الرسول مُكلف بالتبليغ بينما النبي غير مُكلف.
- بل الصحيح أن الرسول يكون مُوحى له، بينما النبي لا يُوحى له.
- هذا يتضح في قوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ موسى ۚ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا).
- وأيضاً ما جاء في الآيات: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تمنى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ…). حيث جاء ذكر كلمة نبي معطوفةً على رسول، مما يدل على الاختلاف بينهما.
- لأن العطف يشير إلى وجود فرق، ولو كانا بنفس المعنى، لكان تم ذكرهما بلفظة واحدة.
ما يشترك فيه الرسول والنبي
هناك العديد من أوجه الشبه والسمات المشتركة بين الرسل والأنبياء، وسنوضحها في النقاط التالية:
- يعتبر كل من الرسل والأنبياء مبعوثين من الله سبحانه وتعالى.
- تم اختيارهم من بين البشر من قبل الله.
- الإيمان بالله والرسل والأنبياء يعد من أركان الإيمان، وإنكار أي منهم يعتبر كفراً.
- كلاهما معصومان من الكبائر، ولكن ليس بمجرّد الذنوب العادية.
- الهدف من إرسالهم هو هداية الناس وإصلاحهم.
- تم ذكر العديد من الأنبياء والرسل في القرآن الكريم والسنة الشريفة، إلا أن هناك المزيد منهم لم يُذكر.
- تتمثل وظيفتهم في إبلاغ الناس عن الله والدين.
- يمتازون بصفات خاصة منحها الله لهم لا توجد في غيرهم.
- من الصفات الخاصة بالأنبياء والرسل الوحي والعصمة من الكبائر، ويجوز أن تنام أعينهم ولكن قلوبهم يقظة.
- كما ورد في صحيح البخاري: (وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ، وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ).
- لديهم خيار عند الموت، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إِلاَّ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ).
- تُدفن الأنبياء والرسل في الأماكن التي توفوا فيها، كالنبي محمد –عليه الصلاة والسلام– الذي وُدفن في حجرة السيدة عائشة -رضي الله عنها-.
- ولا تأكل الأرض أجسادهم.
من الرسل والأنبياء
- تم ذكر العديد من الرسل والأنبياء في القرآن والسنة، وهناك من لم يُذكر، كما قال تعالى: (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك).
- موسى -عليه الصلاة والسلام-، رسول أُنزل معه التوراة، وعيسى -عليه الصلاة والسلام-، رسول أُنزل عليه الإنجيل، بينما داوود -عليه الصلاة والسلام-، رسول أُنزل معه الزبور.
- ذُكر في القرآن خمسة وعشرون نبيًا فقط، لكن الرسول ذكر أن عدد الأنبياء أكبر بكثير، وما يعلمه الله هو العدد الحقيقي.
- من بين الأنبياء الذين ذُكروا نوح، يوسف، ويعقوب -عليهم الصلاة والسلام-، وهارون -عليه الصلاة والسلام- الذي بعثه الله عوناً لموسى -عليه الصلاة والسلام-.
- أيوب وذو الكفل وسليمان -عليهم الصلاة والسلام-.
ترتيب الأنبياء والرسل
ذُكر في القرآن خمسة وعشرون نبيًا ورسولاً، ومن بينهم ثمانية عشر مذكورين بالترتيب، حيث كانت البداية مع سيدنا آدم.
وفي قوله تعالى:
وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم*ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا
ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ( 84 ) وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ( 85 )
وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ( 86 ) ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ( 87 )
ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ( 88 )
أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ( 89 )
أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين ( 90 )