اللهم أكرمني في مصيبتي وامنحني ما هو أفضل منها

اللهم اجعلني أجد في مصيبتي ما يعوضني خيراً منها. الحياة التي نعيشها اليوم ليست بالضرورة مستقيمة ومثالية، إذ يتعرض كل منا لفترة من الشدائد والمصائب. إن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده ليدنيهم إليه ويعودوا إلى طريق الحق.

ويعتبر الصبر دائماً مفتاح الفرج، لذا يجب أن نتوجه بالدعاء إلى الله تعالى لرفع الكرب، وأن نردد باستمرار: اللهم اجعلني أجد في مصيبتي ما يعوضني خيراً منها.

أشكال المصائب

إن الله عز وجل يحب من عباده الصبر في مواجهة المصاعب والشدائد. يجب على المؤمن القريب من الله أن يكون مستعداً للابتلاء؛ فطلب المصيبة يعد من سوء الأدب.

ووفقاً لعلماء الدين، هناك أنواع مختلفة من المصائب تتمثل في: (مصيبة القصم، مصيبة الردع، مصيبة الدفع، مصيبة الرفع، مصيبة الكشف).

تكون مصيبة القصم والردع خاصة بالكفار، بينما مصائب الرفع والدفع تعود على المؤمنين، في حين أن مصيبة الكشف تُعطى للأنبياء؛ ولكل مصيبة حكمة خاصة بها.

روي عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أراد الله بعبده خيرًا عجل له العقوبة في الدنيا، وإن أراد به شرًا أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة.”

المؤمن يحب الله تعالى ويسأله دائماً أن ينقي قلبه من المعاصي، ولذلك يبتليه الله ليقربه منه. إذا تركه الله وشأنه، فهذا يعني أنه تركه مع ذنوبه ولم يعد يحبه؛ فالبلاء وسيلة لتقريب العبد من ربه وإعادته إلى مسار الحق.

عندما تواجه بلاءً أو عقوبة نتيجة لذنوبك، تذكر أن الله يعود بك لطريق الهداية كلما ابتعدت عنه.

الصبر على الشدائد

قد يظن الكثيرون أن ابتلاء الله لهم هو عقاب على الذنوب، لكنهم مخطئون، لأن الله يختبر صبرهم لأنه يحبهم.

يُعد الصبر على الشدائد من أكثر الأعمال التي يحبها الله، وقد أمرنا بالصبر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة]. وعلّمنا الله أن الحياة مليئة بالمصائب والخوف والجوع، وهي نذير للصابرين بأنهم سينالون الأجر.

قال الله عز وجل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِم صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِم وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة].

الصبر يعد العوامل الأساسية لبقاء الإنسان مصمماً على مواجهة تحديات الحياة؛ فهو يمكنه من مواجهة أصعب الأمور وأكثرها تعقيدًا.

كيفية التحلي بالصبر

تعد عدم القدرة على الصبر خلال الشدائد من أكبر التحديات التي يواجهها الإنسان، ولذا إليكم بعض النصائح التي قد تساعد في تطوير الصبر:

  • تهيئة النفس: يجب على الإنسان المسلم أن يعد نفسه لحدوث المصيبة مسبقاً، وأن يدرب نفسه على الصبر لأنه يتطلب تمريناً وصعوبة.
    • تذكر أن الدنيا دار فناء، وأن المصائب حتمية.
  • تأمل في رحمة الله الواسعة: يجب أن يكون المؤمن دائماً متيقناً من رحمة الله بما أن الله قال: “أنا عند ظن عبدي بي”.
    • لذا، يجب أن نؤمن بأن كل ما يأتي من الله هو الخير، حتى لو بدا ظاهرياً كأنه ألم شديد.
  • تجنب العزلة: يجب على المصاب أن يتجنب الوحدة، حيث تساهم العزلة في تحريك وساوس الشياطين.
    • ينبغي شغل الوقت بالأذكار، حيث إنها خير رفيق في هذه الأوقات.
  • الابتعاد عن الشكوى: يجب عدم الشكوى بصورة مفرطة عند وقوع المصيب، لأن هذا قد يزيد من معاناتك.
    • عند زيارة المصيبة، يجب أن تتحلى بالصبر وتتوجه إلى الله، الجهة التي ابتلاك، فهي من ستعينك.
    • كرر الدعاء: اللهم اجعلني أجد في مصيبتي ما يعوضني خيراً منها.

الإيمان بالقضاء والقدر

عندما يدرك الإنسان أن كل شيء يحدث بمشيئة الله، يصبح أكثر صبراً وقدرة على التحمل، لأنها تدل على أن كل شيء مقدر.

لذا، فالإيمان بمشية الله يعزز الثقة حتى في أشد الأوقات.

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وَعَلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ تَنْفَعَكَ بِشَيْءٍ لَمْ تَنْفَعْكَ إِلَّا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ”، مضيفاً أن كلّ رزق وأجل مُقدر منذ أن كُتبت الأقدار.

لذا، عندما تواجه صعوبات، تأكد من أنها من تقدير الله، وداوم على الدعاء بـ: اللهم اجعلني أجد في مصيبتي ما يعوضني خيراً منها.

تذكر تاريخ الرسول صلى الله عليه وسلم

يُعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة لكل مسلم، كما قال الله في كتابه: {لَقَد كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب].

حياة الرسول مليئة بالتحديات، فقد فقد عمه أبو طالب، وزوجته خديجة، بعض بناته، وابنه إبراهيم، والكثير من أصدقائه. ومع ذلك، لم تتزعزع عزيمته.

تحمل النبي صلى الله عليه وسلم ما مر به من أذى وظلم، فهو مثال للصبر.

عندما نتمعن في حياة الصالحين، نجد الكثير من الدروس. وكما قال الله: {لَقَد كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الممتحنة].

عندما نتفكر في تجربة عروة بن الزبير، الذي فقد أحد أطرافه وابنه في آن واحد، فإن مثاله يعلمنا كيف نتحلى بالصبر. قال: “اللهم كان لي سبعة بنين فأخذت منهم واحداً، وأبقيت لي ستة، وكان لي أربعة أطراف فأخذت طرفاً، وأبقيت ثلاثة”.

من خلال تأمل تلك التضحيات والصبر، ينبغي علينا أن نحافظ على صبرنا ونؤمن بقضاء الله وقدره لأنه العليم بكل شيء.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *