الرئتين
تقوم الرئتين بدور حيوي في عملية التنفس لدى الإنسان، حيث يعدان جزءاً أساسياً من الجهاز التنفسي. تتضمن هذه العملية المعقدة إدخال الأكسجين إلى الجسم أثناء الشهيق، بينما يتم طرد ثاني أكسيد الكربون أثناء الزفير.
خلال العصور السابقة، برع العديد من العلماء العرب في مجالات عدة، وكان من بين هؤلاء العالم الشهير ابن النفيس، الذي يعتبر أول من اكتشف الدورة الدموية الصغرى في جسم الإنسان.
الدورة الدموية الصغرى في الإنسان
تعرف الدورة الدموية بأنها الحركة المستمرة للدم في جميع أنحاء الجسم. وتشير الدورة الدموية الصغرى إلى انتقال الدم من القلب إلى الرئتين ثم العودة إلى القلب مرة أخرى. يبدأ القلب بضخ الدم غير المؤكسد (أي الدم الذي لا يحتوي على الأكسجين) عبر الشرايين الرئوية من البطين الأيمن إلى الرئتين. هنا، تتحد كريات الدم الحمراء مع الأكسجين ليصبح الدم نقياً، ثم يعود مرة أخرى عبر الأوردة الدموية إلى الأذين الأيسر في القلب، مكتملةً بذلك الدورة الدموية الصغرى.
بعد ذلك تنتقل الدورة الدموية الكبرى، حيث يتم نقل الدم النقي والمحتوي على الأكسجين من القلب إلى جميع أجزاء الجسم.
ابن النفيس
ابن النفيس هو أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الجزم القَرشي الدمشقي، وُلِد في مدينة دمشق عام 607هـ، الموافق 1213م. يُعتبر طبيباً عربياً مسلماً من علماء العصور الوسطى، وله إسهامات كبيرة في علم الطب، حيث برع في دراسة وظائف أعضاء جسم الإنسان وتأليف العديد من الكتب في الطب، الفقه، المنطق، السيرة النبوية، اللغة، وعلم الحديث. توفي ابن النفيس في القاهرة عام 687هـ – 1288م.
حياة ابن النفيس
نشأ ابن النفيس في دمشق، حيث درس الفقه الشافعي وتعلم على يد عدد من العلماء البارزين، من بينهم العلامة الطبيب ابن الدخوار. درس الطب في البيمارستان النوري، الذي يعتبر أول مستشفى في الدولة الإسلامية خلال العصر الأموي تحت حكم الخليفة الوليد بن عبد الملك. من خلال هذه التجربة، أصبح طبيباً متمكناً.
عاصر ابن النفيس الغزوات المغولية التي اجتاحت العراق والشام والأندلس، مما دفعه للانتقال إلى القاهرة، كونها المنطقة الوحيدة التي لم تتعرض لهجوم المغول.
تولى ابن النفيس منصب طبيب خاص لدى الحاكم الظاهر بيبرس لمدة 22 عاماً، وحقق إنجازات عظيمة خلال حكم السلطان المنصور القلاوون الذي أمر بإنشاء أكبر مستشفى في القاهرة، وعُين ابن النفيس رئيس أطباء البيمارستان المنصوري، حيث عاش بقية حياته في مصر حتى وفاته.
إنجازات ابن النفيس
يُعتبر ابن النفيس من الأطباء البارزين، ومن أبرز إنجازاته تصحيح المفاهيم الخاطئة في الطب. إذ اكتشف الدورة الدموية الصغرى، مما كان تعديلاً مهماً على المعتقدات الخاطئة التي أتى بها الطبيب الروماني غالينوس، والذي رأى أن الدم يتولد في الكبد ثم يتجه إلى القلب ليتم ضخه إلى الجسم. أدرك ابن النفيس الخطأ في هذا الرأي، وأثبت أن الدم يخرج من القلب إلى الرئتين ليعود نقياً بالأكسجين إلى القلب مرة أخرى، موثقاً ذلك في مؤلفاته الطبية قبل أن يكتشفه المؤلف الغربي ويليام هارفي في عام 1616م.
