أيام الصيام في شهر رجب
توصي السنة النبوية بصيام بعض الأيام في كل شهر، وفيما يلي توضيح لهذه الأيام:
- صيام أيام الاثنين والخميس: اتفق الفقهاء من مختلف المذاهب (الحنفية، المالكية، الشافعية، والحنبلية) على فضل صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، استنادًا إلى ما رواه أسامة بن زيد -رضي الله عنه- حيث قال: (إنَّ نبيَّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يصومُ يومي الاثنين والخميس، فسُئِلَ عن ذلك، فقالَ: إنَّ أعمال العباد تُعرَضُ يوم الاثنين والخميس). وكذلك عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: (إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ عن صَوْمِ يوم الاثنين؟ قال: ذَاك يَوْم وُلِدْتُ فيه، ويوم بُعِثْتُ، أو أُنْزِلَ عليَّ فيه).
- صيام ثلاثة أيام من كل شهر: أجمع العلماء على استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، بناءً على ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أَدَعُهُنَّ حتَّى أَمُوتَ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر).
- صيام الأيام البيض: اتفق جمهور الفقهاء (الحنفية، الشافعية، والحنبلية، وبعض المالكية) على استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، يُفضل أن تكون في الأيام البيض (13، 14، 15 من الشهر). وقد رودي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يا أبا ذَرٍّ إذا صُمْتَ من الشهرِ ثلاثةَ أيامٍ، فصُمْ ثلاثَ عَشرَةَ، وأرْبَعَ عَشرَةَ، وخَمْسَ عَشرَةَ)، كما رُوي عن موسى الهذلي أنه قال: (سألت ابن عباس عن صيام ثلاثة أيام البيض، فقال: كان عُمرُ يصومهنَّ).
- صيام يوم وإفطار يوم: ذكر الإمام ابن حزم -رحمه الله- استحباب صيام يوم وإفطار يوم، وهو من أفضل أنواع صيام التطوع، مع استثناء عدة أيام كصيام يوم الشك، واليوم الذي يلي منتصف شعبان، ويوم الجمعة، وكذلك الأيام الثلاثة من التشريق التي تلي يوم النحر، وأيام العيدين. جاء في حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أحبُّ الصَّلاةِ إلى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ عليه السَّلامُ، وأحبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُدَاوُدَ، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، ويَقُومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ، ويَصُومُ يَوْمًا، ويُفْطِرُ يَوْمًا).
- صيام يوم وإفطار يومين: يُستحسن أن يصوم المسلم يوماً ويُفطر يومين، وذلك بناءً على ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبدالله بن عمرو -رضي الله عنه-: (فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ).
- صيام يوم أو يومين أو ثلاثة أو أربعة من كل شهر: يُستحب أيضًا أن يصوم المسلم من كل شهر يوماً، أو يومين، أو ثلاثة، أو أربعة أيام؛ كما جاء في حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صُمْ يَوْمًا، وَلَكَ أَجْرُ ما بَقِيَ، قالَ: إنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: صُمْ يَوْمَيْنِ، وَلَكَ أَجْرُ ما بَقِيَ، قالَ: إنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَكَ أَجْرُ ما بَقِيَ، قالَ: إنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: صُمْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَلَكَ أَجْرُ ما بَقِيَ).
حكم تخصيص شهر رجب بالصيام
يُعتبر شهر رجب من الأشهر الحُرُم، استنادا لقوله -تعالى-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم)؛ حيث نهى الله -سبحانه وتعالى- عن ارتكاب المعاصي والآثام خلال هذه الأشهر، مما يعكس أهمية عمل الطاعات وأداء العبادات. فالأشهر التي تزداد فيها السيئات، تعظم فيها الحسنات.
ليس هناك دليل على تخصيص صيام شهر رجب بفضل معين مقارنة ببقية شهور السنة، ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم أجمعين- ما يُشير إلى ذلك. ومع ذلك، فإن الإسلام يقر بصيام التطوع بشكل عام، وصيام شهر رجب يُعتبر جزءًا من هذا الاجتهاد. يجوز للمسلم أن يصوم أياماً من شهر رجب دون تحديد معين، وبدون اعتقاد بخصوصية لهذا الشهر. يُفضل عدم صيام جميع أيام شهر رجب، لتفادي الالتباس بشهر رمضان الكريم. في هذا السياق، يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله-: “تخصيص شهر رجب بالصيام لم يرد فيه شيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أحد من أصحابه -رضوان الله عليهم أجمعين”.
تعريف شهر رجب
يأتي شهر رجب كالتالي في تسلسل الأشهر الهجرية، بعد شهر جمادى وقبل شهر شعبان. ويعتبر من الأشهر الحرم التي كانت تحظر فيها القبائل العربية القتال، بسبب حرمة ارتكاب الذنوب فيها أكثر من باقي شهور السنة. سُمي شهر رجب بهذا الاسم لأنّه كان يُعظّم ويُكرّم بين الناس.