أهمية صلاة الفجر
يعد نبيّنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- مَن يلتزم بصلاة الفجر وصلاة العشاء مبشراً بمكافأة عظيمة، وهي رؤية رب العالمين بما يتناسب مع عظمته -جلّ وعلا-، مشروطاً بالمداومة على هاتين الصلاتين، حيث قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَافْعَلُوا).
تتمتع صلاة الفجر بمكانة خاصة في الإسلام، حيث يتكرر في أذان الفجر أن “خيرٌ من النوم”، مما يبرز أهميتها كما يلي:
الدخول في ذمة الله
روي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: (مَن صلى الفجرَ، فهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ بشيءٍ من ذِمَّتِهِ)، وهذا يشير إلى أن الصلاة في الفجر تعني أن العبد في حماية الله -تعالى- وفي أمان منه. وتعني ذمّة الله كذلك أن العبد في عهد الله -تعالى-.
ومعنى “فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته” يتطلب من الشخص أن يحافظ على هذه النعمة ويبتعد عن المعاصي خلال النهار. لذا، ينبغي على من يكون في ذمة الله -تعالى- أن يحافظ على هذا المفتاح من العبادة.
تحصيل شهادة الملائكة
قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ، وَصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ. فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهو أَعْلَمُ بهم: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ). وبالتالي، تحضر الملائكة في صلاة الفجر، وتدلّ هذه الصلاة على طاعة العبد لله.
وقد أراد الله -تعالى- أن يُظهر فضل عباده من خلال حرصهم على الطاعة في أوقات صعبة، ويُظهر تفضيلهم للملائكة عندما قال: (كيف تركتم عبادي؟) ما يدل على فضلهم ومكانتهم.
البراءة من النفاق
حدد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عدم حضور صلاة الفجر كعلامة من علامات المنافقين، حيث قال: (إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ). لذا، فإن مَن يحضر صلاة الفجر قد برئ من النفاق، أما المؤمن فيبذل جهده للتضحية بالنوم طمعًا في رضوان الله -تعالى-.
وقد وصف الله -تعالى- حال المنافقين عند الصلاة بقوله: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى﴾. لذا، من يلتزم بصلاة الفجر ينأى بنفسه عن صفات المنافقين.
تحصيل الأجر العظيم
خص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صلاة الفجر بمكافأة عظيمة، حيث قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا).
وقد كان -صلّى الله عليه وسلّم- يسرع لأداء ركعتي الفجر، كما روت أمّ المؤمنين عائشة -رضيَ الله عنها-: (ما رأَيْتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُسرِعُ إلى شيءٍ مِن النَّوافلِ أسرَعَ منه إلى الرَّكعتَيْنِ قبْلَ الصُّبحِ).
وعلم الصحابة -رضوان الله عليهم- فضل ركعتي الفجر، حيث قال عمر بن الخطاب -رضيَ الله عنه-: “هما أحب إليّ من حُمر النّعم”، وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: “لا تدع ركعتي الفجر ولو طرقتك الخيل”.
أسباب التكاسل عن صلاة الفجر
هناك عدة أسباب تؤدي إلى ترك صلاة الفجر، أبرزها:
- **المعاصي والذنوب**، حيث سأل رجل الحسن فقال: “أعياني قيام اللّيل”، فردّ: “قيدتك خطاياك”.
- **التغافل عن عظيم أجرها**، وفهم أنها صلاة مشهودة كما قال -تعالى-: ﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾.
- **الجهل بعقوبتها في الآخرة** حيث أخبر -صلّى الله عليه وسلّم- عن عقوبة مَن ينام عن الصلاة المكتوبة: (أَمَّا الذي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بالحَجَرِ، فإنَّه يَأْخُذُ القُرْآنَ، فَيَرْفِضُهُ، ويَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ).
- **عدم الخوف من وساوس الشيطان**، إذ روى أن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حتَّى أصْبَحَ، قالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنَيْهِ).
- **السهر حتى يثقل الاستيقاظ لصلاة الفجر**، كما قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّهُ ليسَ في النَّومِ تَفريطٌ، إنَّما التَّفريطُ في اليقَظةِ).
أمور لتعزيز المحافظة على صلاة الفجر
يتطلب الاستيقاظ لصلاة الفجر عزيمة واستمرارية، وإذا كان هناك صعوبة في بداية الأمر، فإن الاستمرار والعناية بها يجعل الأمر سهلاً. ومن الأمور التي تساعد في ذلك:
- **الدعاء لله -تعالى-** ليعينك على المحافظة على صلاة الفجر، حيث أن الاعتراف بالتقصير والدعاء يجلب التوفيق.
- **النوم المبكر**، حيث يسهل ذلك الاستيقاظ لصلاة الفجر.
- **عدم الإفراط في الأكل والشرب**، لأن كثرة الطعام تؤدي إلى ثقل البدن وتشتت الذهن.
- **استعمال المنبه** الذي يساعد على الاستيقاظ في الوقت المناسب، وتكرار ضبطه لضمان الاستيقاظ لصلاة الفجر.
- **قراءة قصص الصالحين** وكيف كانت حرصهم على صلاة الفجر.