الأوائل في ضبط أحرف القرآن الكريم
يعتبر التابعي أبو الأسود الدؤلي هو الرائد في ضبط القرآن الكريم، إذ قام بإضافة النقاط على الحروف. كل نقطة تحمل دلالة خاصة تعتمد على موقعها: النقطة الموضوعة أمام الحرف تشير إلى الضمة، والنقطة الموضوعة فوقه تدلّ على الفتحة، بينما النقطة التي توضع تحت الحرف تعبر عن الكسرة. جاءت هذه المبادرة نظراً لظهور عدد كبير من غير العرب في الإسلام خلال فترة الخليفة علي بن أبي طالب، مما أدى إلى الصعوبات في تعلم اللغة العربية. وكان القرآن، في زمن النبي، يفتقر إلى النقاط أو الشكل المحدد للأحرف، مما زاد من احتمالية الأخطاء اللغوية. واستمر هذا النظام حتى جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي ليضيف طريقة ضبط جديدةً تختلف عن تلك التي وضعها أبو الأسود، حيث استبدل النقاط بأشكال أخرى؛ مثل الألف المبطوحة فوق الحرف للفتحة، والألف تحت الحرف للكسرة، ورأس واو صغيرة للضمة، وهذا النظام يسمى نقط الأعجام.
أهمية اللغة العربية لفهم القرآن الكريم
تتمتع اللغة العربية بخصوصية كبيرة كونها لغة القرآن الكريم والدين الإسلامي، كما ورد في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). وقد تم إرسال النبي بلسان العرب، لذا فإنه يتعين على المرء فهم اللغة العربية بكل فروعها لفهم القرآن والدين. قضى الإمام الشافعي عشرين عاماً يتعلم اللغة العربية، وعندما سألوه عن سبب ذلك، أجاب: “ما أردت بهذا إلّا استعانةً للفقه”، أي ليفهم ويتعلم القرآن والسنة بشكل صحيح، إذ أن عدم الفهم الدقيق للغة قد يؤدي إلى الأخطاء في استنباط الأحكام.
قصة وضع نقط الحروف
كتبت المصاحف العثمانية دون نقاط، مما أتاح لها استيعاب الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ولكن ذلك أدى إلى حدوث أخطاء لغوية بسبب دخول غير العرب في الإسلام. كان أول من وعي لهذه المسألة هو رجل يُدعى زياد بن أبيه. في أحد الأيام، طلب معاوية بن أبي سفيان من زياد، والي البصرة، أن يُرسل إليه ابنه عبد الله. وعندما حضر الابن، اكتشف والده أنه يرتكب أخطاء في اللغة، فأرسل رسالة لزياد يعبر فيها عن استيائه. بدوره، كتب زياد إلى أبو الأسود وحثه على وضع نظام يساعدهم في القراءة، وعلى الرغم من رفضه في البداية، إلا أنه أُدرك مدى الخطأ الذي كان يقع فيه الناس عند قراءة كلام الله. وفي نهاية المطاف، عيّن رجلاً يحمل مصحفاً وحبراً، وشجعه على وضع النقاط وفقاً للحركات. بدأ أبو الأسود القراءة، بينما الكاتب يسجل النقاط، حتى تم الانتهاء من المصحف بشكل كامل.