الكتلة الذرية لعنصر الحديد

يمثل الوزن الذري للحديد أحد الخصائص الهامة لهذا العنصر، إذ أن الحديد يعد واحدًا من أبرز العناصر التي توجد على سطح الأرض، ويلعب دورًا محوريًا في العديد من الصناعات العالمية. في هذه المقالة، سنتناول موضوع الحديد بمزيد من التفاصيل.

معلومات عامة عن الحديد

الحديد هو عنصر كيميائي ينتمي إلى الفلزات الانتقالية، يُرمز له بالرمز Fe المشتق من الكلمة اللاتينية “Ferrum”، وهو واحد من أقدم المعادن المكتشفة عبر التاريخ.
يتواجد الحديد في المجموعة الثامنة والدورة الرابعة من الجدول الدوري، ويحتل المرتبة الرابعة من بين العناصر الأكثر وفرة في القشرة الأرضية.
يظهر الحديد في الطبيعة على شكل أكاسيد ومركبات أخرى، ويعتبر الحديد ومركباته والسبائك المصنوعة منه من أكثر المواد المعدنية استخدامًا، كما أنه يحتل مرتبة عالية من الاستقرار الكيميائي.
يُعزى هذا الاستقرار إلى التوازن الموجود في نواة الذرة بين القوة النووية القوية والقوة الكهرومغناطيسية، ويتواجد الحديد بكميات وافية جدًا في الشهب والنيازك الواردة إلى الأرض، حيث تصل نسبته إلى حوالي 90%.

كيفية تكوين الحديد

يتم تكوين الحديد في النجوم العملاقة من خلال عملية تُعرف باسم احتراق السيليكون، حيث يحدث اندماج لنواة ذرة هيليوم مع نواة ذرة كالسيوم مستقرة، مما يفضي إلى تكوين ذرة تيانيوم غير مستقرة.
قبل أن تتفكك ذرة التيتانيوم، تتحد مع ذرة هيليوم، مما يؤدي إلى تكوين ذرة كروم غير مستقرة. ثم تتفاعل ذرة الكروم مع ذرة هيليوم أخرى لتتشكل ذرة حديد غير مستقرة.
تستمر هذه العملية لتشكل ذرة نيكل غير مستقرة، التي بعد ذلك تتحلل لتنتج ذرة كوبالت غير مستقرة، وفي النهاية، تتحول ذرة الكوبالت غير المستقرة إلى ذرة حديد مستقرة.
عقب عملية اتحاد ذرات الحديد مع عناصر أخرى، تتكون نواة النجم، والتي تتجمد وتستقر لتصبح أكثر ثباتًا.

خصائص الحديد

يعتبر الحديد فلزًا انتقاليًا ويتواجد في المستوى الفرعي d في الجدول الدوري، ويبلغ وزنه الذري 55.845 جرام لكل مول.
التوزيع الإلكتروني له يبدأ بالذرة النبيلة الأرجون، تبعًا لست إلكترونات في المستوى 3d وإلكترونين في المستوى 4s، وبالنسبة لأغلفة التكافؤ، فهو 2, 14, 82.
يتميز الحديد بأنه صلب ذو كثافة تبلغ 7.874 جرام لكل سنتيمتر مكعب في درجة حرارة الغرفة، بينما تكون كثافته السائلة عند نقطة الانصهار 6.98 جرام لكل سنتيمتر مكعب.
تبلغ درجة انصهار الحديد حوالي 1811 درجة كلفنية أو 1538 درجة مئوية أو 2800 درجة فهرنهايت.
بينما تصل درجة غليانه إلى 3134 درجة كلفنية أو 2863 درجة مئوية أو 5182 درجة فهرنهايت.
تكون كمية حرارة الانصهار 13.81 كيلو جول لكل مول، وكما تبلغ السعة الحرارية عند درجة حرارة 25 درجة مئوية 25.10 جول لكل (مول. كلفن).
يوجد لدى الحديد سالبية كهربائية مقدارها 1.83 وفقًا لمقياس باولنغ. بينما مقاومته الكهربائية 96.1 نانو أوم. متر في درجة حرارة 20 درجة مئوية، ونصف قطره الذري يبلغ 126 بيكومتر.

نظائر الحديد

يوجد حاليًا حوالي 28 نظيرًا معروفًا للحديد، منها المستقرة وغير المستقرة، حيث تبلغ النظائر المستقرة أربعة: Fe 54، Fe 56، Fe 57، وFe 58.
يعتبر نظير Fe 56 الأكثر وفرة في الطبيعة، حيث يمثل حوالي 91.75% من الحديد المتواجد في الكرة الأرضية، ويوجد أيضًا نظير شبه مستقر وهو Fe 60.
كما توجد حوالي 24 نظيرًا مشعًا للحديد، ولكل منها خصائصه واستخداماته المهمة في مجالات متعددة مثل الجيولوجيا وعلوم الحياة والصناعة.

الوزن الذري للحديد وكيفية حسابه

يبلغ الوزن الذري للحديد حوالي 55.845 جرام لكل مول.
يمكن حساب الوزن الذري للحديد من الافتراض أنه في كل مئة ذرة من الحديد، يتواجد حوالي 91.8% من النوع Fe 56، بينما الباقي يتوزع بين Fe 58 وFe 57 وFe 54.
تكون الكتلة الذرية لـ Fe 54 هي 3.132 جرام لكل مول وFe 56 هي 51.408 جرام لكل مول وFe 57 تصل إلى 1.197 جرام لكل مول وFe 58 تكون 0.166 جرام لكل مول.
وبما أن الوزن الذري هو مجموع هذه الكتل الذرية، يكون الناتج حوالي 55.853 جرام لكل مول.

الخصائص الميكانيكية للحديد

تخضع خواص الحديد لاختبارات متعددة مثل اختبار روكويل واختبار برينل لتحديد الخواص الميكانيكية بما في ذلك قوة الشد والصلابة.
تعتمد نتائج هذه الاختبارات على نقاء الحديد، حيث إن بلورات الحديد النقية تعد أكثر ليونة من عنصر الألومنيوم.
عند إضافة كميات صغيرة جدًا من الكربون إلى الحديد، تتزايد قوته وصلابته، حيث تزداد صلابة الحديد بزيادة كمية الكربون المضاف.

فوائد الحديد في الصناعة

يُضاف الحديد النقي إلى مجموعة من المواد بنسب مختلفة لاستخدامه في عدة صناعات، بما في ذلك الكربون والمعادن الأخرى، ويدخل الحديد في بناء هياكل قوية مثل أبراج الكهرباء.
كما يُستخدم في صناعة أنابيب البناء بنادق وقطع غيار مختلفة. الحديد الزهر يُستخدم في أدوات الطهي، بينما الحديد المطاوع يعتمد في صناعة قضبان التسليح.
تُستخدم الحديد في تصنيع المغناطيسات الكهربائية، بينما يدخل الفولاذ الحديدي في بناء السكك الحديدية وهياكل السيارات والسفن.

مركبات الحديد

الحديد يمكن أن يتواجد بتكافؤات متعددة، وغالبًا ما يكون +2 أو +3. تُسمى مركبات الحديد ذات التكافؤ الثنائي “حديدوز”، مثل أكسيد الحديدوز FeO.
أما المركبات ذات التكافؤ الثلاثي فتُسمى “حديديك”، مثل أكسيد الحديديك Fe2O3. ويمكن أن يظهر الحديد في حالة تكافؤ سداسي كجزء من مركب رابع حديدات البوتاسيوم K2FeO4.
تتكون أكاسيد الحديد عندما يتفاعل الحديد مع أكسجين الهواء، ومن أشهرها أكسيد الحديديك Fe2O3، أكسيد الحديدوز FeO، وأكسيد الحديد الأسود Fe3O4.
تُعتبر أكاسيد الحديد من الخامات الرئيسية المستخدمة في إنتاج الحديد، ومن أهم الكبريتيدات هو البيريت الذي يُعرف بـ”الذهب الكاذب” FeS2.
مسحوق الأزرق بروسيا هو أحد سيانيدات الحديد، حيث يُستخدم كعلاج ضد السموم المشعة مثل الثاليوم والسيزيوم.

استخدامات مركبات الحديد

تدخل مركبات الحديد في مجموعة متنوعة من الاستخدامات، منها:

يُستخدم كلوريد الحديد الثنائي في الصناعات العضوية، بينما يستخدم كلوريد الحديد الثلاثي في تنقية مياه الصرف وتنظيف النحاس.
تُستخدم كبريتات الحديد الثنائية في صناعة الإسمنت، بينما تُستخدم كبريتات الحديد الثلاثية في تنقية المياه.
يعمل الحديد كعوامل حفازة في إنتاج الأمونيا، وكذلك كعمل حفاز في تحويل غاز أول أكسيد الكربون إلى هيدروكربونات عضوية.

إنتاج الحديد

يمكن إنتاج الحديد من خاماته بطرق متعددة عبر الأفران المختلفة، ومنها:

الإنتاج بالفرن اللافح، حيث يتم اختزال خام الحديد بالكربون عند درجة حرارة تصل إلى 2000 مئوية، باستخدام خامات مثل الهيماتيت Fe2O3 أو الماغنتيت Fe3O4.
تُخلط خامات الحديد مع الكربون في شكل فحم كوك، بالإضافة إلى الحجر الجيري لإزالة الشوائب كثاني أكسيد الكربون.
تتم عملية الاختزال عبر خطوات كيميائية متتالية، حيث يتم الحصول على الحديد المنصهر، والذي يُستخدم في المراحل اللاحقة، بينما يستخدام الخبث في تطبيقات مختلفة مثل رصف الطرق.
تمثل الصين أكبر منتج لخامات الحديد، تلها البرازيل وأستراليا والهند.
طريقة الاختزال المباشر توفر عدة مزايا، إذ تقلل من استخدام الفحم وبالتالي تقلل التكلفة.
يمكن إنتاج الحديد الصلب باستخدام أسلوب “الصهر”، حيث يدخل الحديد في صورة سائلة عبر أفران محددة أو باستخدام البلازما.

أضرار مصانع الحديد على البيئة

يمكن أن تسبب مصانع الحديد تلوثًا بيئيًا نتيجة انبعاث الغازات الضارة من عمليات الإنتاج، مما قد يؤثر على صحة العمال.
هذه الغازات قد تؤذي المحاصيل الزراعية، كما تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة البيئة المحيطة، وتصاعد الأتربة خلال عمليات الصب.

طرق تقليل تلوث مصانع الحديد

لتقليل تلوث البيئة الناجم عن مصانع الحديد، يمكن اتباع عدة خطوات، منها:

إعادة استخدام المواد الصلبة.
جمع الأتربة الناتجة من عمليات الإنتاج.
معالجة المياه الناتجة عن التصنيع لاستخدامها مرة أخرى بأمان.
استرجاع الغازات المنبعثة من أفران الاختزال وإعادة استخدامها.
استخدام غاز ثاني أكسيد الكربون في صناعة الكبريت أو حمض الكبريتيك، واستخدام غاز أول أكسيد الكربون كوقود.

الحديد في القرآن الكريم

تكررت كلمة “حديد” في العديد من الآيات القرآنية، وهناك سورة تحمل اسم سورة الحديد.
قال الله تعالى: “لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ.”
تشير هذه الآية إلى أن الحديد ينزله الله من السماء، مما يدل على أن هذا العنصر لم يكن موجودًا على الأرض قبل ملايين السنين.

الحديد في الكائنات الحية

يعتبر الحديد عنصرًا أساسيًا في العديد من الإنزيمات والمركبات العضوية الموجودة في جميع الكائنات الحية.
يلعب الحديد دورًا محوريًا في نقل الأكسجين من الرئتين إلى خلايا الدم الحمراء بواسطة الهيموجلوبين، كما ينتمي لمجموعة المركبات العضوية الفلزية.
تؤدي تلك المجموعات أدوارًا حيوية ضرورية، مثل (خضاب الدم) الذي يتكون من سلاسل الهيم والتي تحتوي على حلقة عضوية بمركزها ذرة الحديد.
تشمل المجموعات الأخرى (الميوغلوبين) الذي يُستخدم في تركيب الألياف العضلية، و(النتروجيناز) كإنزيم يستخدم في تثبيت النيتروجين في الكائنات الحية.
أيضًا، يوجد خضاب الخلية أو (السيتوكروم) الذي يحتوي على الهيم ويُساعد في عمليات التنفس الخلوي.

أطعمة غنية بالحديد

توجد العديد من الأطعمة التي تحتوي على الحديد، والذي يُقسم إلى نوعين: الحديد الهيمي من المصادر الحيوانية والحديد غير الهيمي من المصادر النباتية. ومن المصادر الأخرى:

يتم امتصاص الحديد من المصادر الحيوانية بشكل أفضل مقارنةً بالمصادر النباتية، حيث يُعتبر اللحم الأحمر ومشتقات الأسماك والدواجن من أغنى المصادر، بالإضافة إلى البقوليات مثل الحمص والفول والعدس، وبعض الخضروات مثل الباذنجان والسبانخ.
الكبدة الأحشاء الداخلية تُعتبر من أغنى المصادر بالحديد، حيث تحتوي كل قطعة من الكبد البقري على حوالي خمسة ملليجرام من الحديد.
لكن من المهم التعامل بحذر مع الكبدة بسبب احتوائها على مستويات عالية من الكوليسترول، بالإضافة إلى فيتامين A، مما يتطلب الحذر للحوامل.
يفضل استشارة مختصين قبل تناول كميات كبيرة من هذه الأطعمة لتجنب الأضرار المحتملة.