ابن سينا
يُعتبر ابن سينا واحدًا من أبرز العلماء والأطباء في العالم الإسلامي. وُلِد في عام 980 ميلادي في قرية أفشنة قرب بخارى، التي تُعرف حاليًا بأوزباكستان. وتوفي في العاشر من ديسمبر عام 1037 ميلادي في مدينة همدان في إيران. امتد اهتمام ابن سينا ليشمل مجموعة واسعة من المجالات مثل الطب الإسلامي، والفلك، والكيمياء، والفلسفة، والجغرافيا، والرياضيات، والفيزياء، والأدب العربي والفارسي، والعلوم الإسلامية، وعلم الكلام. حصل على ألقاب متنوعة مثل الشيخ الرئيس، وأمير الأطباء، وأبو الطب الحديث. خلال مسيرته المهنية، ألّف نحو مئتي كتاب في مجالات شتى، ومن أشهر مؤلفاته “كتاب القانون في الطب” و”الشفاء”. من أهم إنجازاته تفسير مبدأ زخم الحركة وتطوير علم الروائح، وكان لديه شغف بالترحال حيث قضى تسعة عشر عامًا من حياته في مدينتي خوارزم وهمدان من أجل طلب العلم.
ابن سينا وعلم النفس
يتجلّى تأثير ابن سينا في علم النفس الكلاسيكي بشكل رئيسي في مؤلفاته “الشفاء” و”النجاة”. في هذه النصوص، يتم الإشارة إلى “دي أنيما” وهي عبارة لاتينية تعني “أطروحات في الروح”. وقد قام ابن سينا بتقسيم النفس إلى ثلاثة أنواع: النفس النباتية، النفس الحيوانية، والنفس الإنسانية. فالنفس النباتية تمثل الكمال الأولي لجسم الإنسان الطبيعي وتمتاز بقدرتها على توليد القوة والنمو والتغذية. أما النفس الحيوانية فهي الكمال الأولي لجوانب الجسم التي يمكن التحكم بها بواسطة الإرادة. في حين أن النفس الإنسانية تمثل الكمال الأولي لعقل الإنسان الذي يُتيح له التفكير والتفاعل مع ما حوله. وقد طرح ابن سينا ثلاثة أسئلة تتعلق بمفهوم النفس: من أين تأتي النفس؟ ما هي العلاقة بين النفس والجسد؟ وما هو مصير النفس؟
براهين علم النفس
وضع ابن سينا برهانيْن رئيسيين يدلّان على وجود النفس وهما:
- براهين طبيعية: تشمل القسريّة واللاقسريّة. فالقسريّة تشير إلى التأثيرات الخارجية التي تؤدي إلى حركة داخل الجسم، في حين أن اللاقسريّة تنشأ بشكل طبيعي أو غير طبيعي.
- براهين نفسيّة: تستند إلى مجموعة من المظاهر الوجدانية وعمليات الإدراك. فالبشر يمتلكون عناصر متعددة تميزهم عن الحيوانات، مثل القدرة على العجب، والبكاء، والضحك لأسباب متنوعة. كما أن الإنسان يمتلك خصائص مثل القدرة على الكلام واستخدام الرموز والإشارات، بالإضافة إلى إمكانية فهم المعاني من خلال استنباط المعارف وتحليل المعلومات للحصول على حقائق جديدة. وفسّر ابن سينا العديد من الأعمال والأفعال التي تصدر عن الإنسان، مشيرًا إلى أنها صادرة من النفس، وليست مجرد نشاطات جسدية، مما يعكس وجود قوة مستقلة في موطن النفس.