موقع سفينة نوح عليه السلام
بعد أن قضت السفينة 150 يومًا في عرض البحر تعاني من ارتفاع الأمواج وانخفاضها، أذن الله سبحانه وتعالى لها بالاستقرار على جبل يُعرف باسم “جبل الجودي”. وقد اختلف العلماء حول موقع جبل الجودي، فتشير بعض الآراء إلى أنه يقع في العراق، تحديدًا في الجنوب الشرقي من نهر دجلة، بينما يُعتقد آخرون أنه يمتد إلى أجزاء من تركيا أو حتى الهند.
قال الله تعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). تشير التقديرات الحديثة إلى أن المنطقة الكردية في العراق تحتضن جبل الجودي، على الرغم من تغيير اسمه إلى جبال آراط أو آرات. وهذا الجبل يشرف حاليًا على جزيرة تعرف باسم جزيرة ابن عمر. إن الأهم هنا هو أن هذه هو المكان الذي رست فيه سفينة نوح عليه السلام.
سيدنا نوح عليه السلام
سيدنا نوح بن لامك بن متوشلخ عليه السلام هو رسول من أولي العزم، ويُعتبر أبو البشرية الثاني بعد سيدنا آدم عليه السلام. وقد تفصل بينه وبين سيدنا آدم حوالي عشرة قرون. خلال هذه الفترة، كان الناس يدينون بدين الحق ويعبدون الله وحده، لكن الأمور تغيرت حين بدأ الناس في اتخاذ الأصنام كآلهة من دون الله تعالى.
أرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا نوحًا إلى قومه ليبصرهم بعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام. لكن قومه قابلوه بالأذى والاستهزاء، ولم يؤمن معه إلا القليل على مدار ألف عام إلا خمسين سنة. لذلك، أمر الله سيدنا نوحًا بصناعة سفينة كبيرة ليأخذ فيها من آمن معه ومن كل زوجين اثنين من الحيوانات.
قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ* أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۖ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ* فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ* قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ).
صناعة سفينة نوح
بدأ سيدنا نوح عليه السلام في تشييد السفينة كما أوحى الله إليه، بينما استمر قومه في تكذيبه والسخرية منه بسبب بناء السفينة في منطقة صحراوية. تحمل سيدنا نوح كل أنواع الأذى من قومه، لكنه أبى إلا أن يستمر في دعوتهم، وواجه كافة الصعوبات بعزيمة وصبر. ورغم جهوده ودعوته المستمرة، لم يستجب لهم من قومه إلا القليل. وعندما حان وقت العقاب، أرسل الله عليهم الطوفان، فهلك الجميع إلا من آمن مع سيدنا نوح في السفينة.
قال الله تعالى: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ* فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ* حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ).