أنواع التشبيه في معلقة طرفة بن العبد
تعتبر معلقة طرفة بن العبد من أبرز قصائد العصر الجاهلي، وتحتوي على أنواع مختلفة من التشبيه، ومنها:
التشبيه التام
إليك بعض الأمثلة على التشبيهات التامة في المعلقة:
لِخَوْلَةَ أَطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَدِ
تَلوحُ كَباقي الوَشْمِ في ظاهِرِ اليَدِ
- المشبَّه: الأطلال، المشبَّه به: باقي الوشم، وجه الشبه: تلوح، الأداة: الكاف. وبالتالي، فإن نوع التشبيه هو تام الأركان.
وَتَبسِمُ عَن أَلْمَى كَأَنَّ مُنَوِّراً
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدِي
- المشبَّه: تبسّم المحبوبة، المشبَّه به: المنوّر، الأداة: كأنّ، وجه الشبه: ندي. ونوع التشبيه هو تام الأركان.
وَوَجهٌ كَأَنَّ الشمسَ حَلَّت رِدائَها
عَلَيهِ نَقِيُّ اللَّونِ لَم يَتَخَدَّدِ
- المشبَّه: وجه المحبوبة، المشبَّه به: الشمس، الأداة: كأنّ، وجه الشبه: نقي اللون، وبالتالي فإن نوع التشبيه هو تام الأركان.
التشبيه المجمل
من أمثلة التشبيه المجمل في المعلقة:
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غَدْوةً
خَلَايَا سَفينٍ بِالنَّواصِفِ مِن دَدِ
- المشبَّه: الحدوج، المشبَّه به: خلايا سفين، وجه الشبه: محذوف، الأداة: كأنّ. وبالتالي، فإن نوع التشبيه هو مجمل.
أَمُونٍ كَأَلواحِ الأَرانِ نَصَأتُها
عَلى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهرُ بُرجُدِ
- المشبَّه: أمون، المشبَّه به: ألواح الأران، وجه الشبه: محذوف، الأداة: الكاف. كما أن المشبَّه: لاحِب، المشبَّه به: ظهر بُرجُد، وجه الشبه: محذوف، الأداة: كأنّ. لذا، فإن نوع التشبيه هو مجمل.
جَماليَّةٍ وَجَناءَ تَردي كَأَنَّها
سَفَنَّجَةٌ تَبري لِأَزعَرَ أَربَدِ
- المشبَّه: الناقة، المشبَّه به: سفنّجة، وجه الشبه: محذوف، الأداة: كأنّها. وبالتالي، فإن نوع التشبيه هو مجمل.
كَأَنَّ جَناحَي مَضرَحيٍّ تَكَنَّفا
حِفافَيهِ شُكّا في العَسيبِ بِمَسرَدِ
- المشبَّه: عسيب الناقة، المشبَّه به: جناحي مَضرَحيّ، وجه الشبه: محذوف، الأداة: كأنّ. لذا، فإن نوع التشبيه هو مجمل.
لَهَا فَخِذانِ أُكمِلَ النَحْضُ فيهِما
كَأَنَّهُما بابا مُنيفٍ مُمرَّدِ
- المشبَّه: فخدان، المشبَّه به: باب مُنيف، وجه الشبه: محذوف، الأداة: كأنّ. لهذا، فإن نوع التشبيه هو مجمل.
التشبيه البليغ
ومن التشبيهات البليغة في المعلقة:
خَذولٌ تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ
تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي
- المشبَّه: هي، المشبَّه به: خذول، وجه الشبه: محذوف، الأداة: محذوفة. لذا، فإن نوع التشبيه هو بليغ.
الاستعارة المكنية
تظهر في معلقة طرفة العديد من الاستعارات المكنية البارزة، ومنها:
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُهَا بِهَا
كَما قَسَمَ التُرْبَ المُفايِلُ بِاليَدِ
- يسحب الحيزوم حباب الماء، ففي ذلك تم تشبيه الحيزوم بالأداة التي تشق، حيث تم حذف المشبَّه به الأداة وأبقي على ما يُشابهها وهو الشق على سبيل الاستعارة المكنية.
قَسَمَ التُرْبَ
- شَبَّه الشاعر التراب بالشيء الذي ينقسم، حيث تم حذف المشبَّه به هذا الشيء وأبقي على ما يشابهه وهو الانقسام على سبيل الاستعارة المكنية.
خَذولٌ تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ
تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي
- أصبحت خذول.
شَبَّه الشاعر الغزالة بالإنسان الخذول، حيث تم حذف المشبَّه به الإنسان وأبقى على ما يُشابهها وهو الخذل على سبيل الاستعارة المكنية.
سَقَتْهُ إِيَاتُ الشَّمْسِ إِلّا لِثَاتِهِ
أُسِفَّ وَلَم تَكادِم عَلَيْهِ بِإِثْمِدِ
- سَقَتْهُ إِيَاهَا الشَّمْس.
شَبَّه الشاعر الشمس بالإنسان الذي يسقي، حيث تم حذف المشبَّه به الإنسان وأبقى على ما يُشابهها وهو السقاية على سبيل الاستعارة المكنية.
تُبَارِي عِتَاقاً ناجِيَاتٍ وَأَتْبَعَت
وَظيفاً وَظيفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ
- أصبحت تُبَارِي.
شَبَّه الشاعر الناقة بالإنسان الذي يباري، حيث تم حذف المشبَّه به الإنسان وأبقى على ما يُشابهها وهو المباراة على سبيل الاستعارة المكنية.
أبيات معلقة طرفة بن العبد
يقول طرفة بن العبد:
لِخَوْلَةَ أَطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَدِ
تَلوحُ كَباقي الوَشْمِ في ظاهِرِ اليَدِ
وَقُوفاً بِهَا صَحبي عَلَيَّ مَطِيَّهُم
يَقُولُونَ لا تَهْلِك أَسًى وَتَجَلَّدِ
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غَدْوةً
خَلَايَا سَفينٍ بِالنَّواصِفِ مِن دَدِ
عَدَوليَّةٌ أَو مِن سَفينِ ابْنِ يَامِنٍ
يَجورُ بِهَا المَلَّاحُ طَوْراً وَيَهتَدِي
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُهَا بِهَا
كَما قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلُ بِاليَدِ
وَفِي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ
مُظاهِرُ سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
خَذولٌ تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ
تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي
وَتَبْسِمُ عَنْ أَلْمَى كَأَنَّ مُنَوِّراً
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّملِ دِعصٌ لَهُ نَدِي
سَقَتْهُ إِيَاتُ الشَّمْسِ إِلّا لِثَاتِهِ
أُسِفَّ وَلَم تَكادِم عَلَيْهِ بِإِثْمِدِ
وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَّمْسَ حَلَّت رِدائَها
عَلَيْهِ نَقِيُّ اللَّونِ لَم يَتَخَدَّدِ
وَإِنِّي لَأَمْضِي الهَمَّ عِندَ اِحْتِضَارِهِ
بِعَوجاءَ مِرْقالٍ تَروحُ وَتَغْتَدِي
أَمُونٍ كَأَلواحِ الأَرانِ نَصَأتُها
عَلى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرجُدِ
جَماليَّةٍ وَجَناءَ تَرْدِي كَأَنَّها
سَفَنَّجَةٌ تَبْري لِأَزْعَرَ أَرْبَدِ
تُبَارِي عِتَاقاً ناجِيَاتٍ وَأَتْبَعَت
وَظيفاً وَظيفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ
تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَوْلِ تَرْتَعِي
حَدائِقَ مَوليِّ الأَسِرَّةِ أَغَيْدِ
تَرْعَى إِلَى صَوْتِ المُهِيبِ وَتَتَّقِي
بِذِي خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَفَ مُلْبِدِ
كَأَنَّ جَناحَي مَضرَحيٍّ تَكَنَّفا
حِفافَيْهِ شُكَّا في العَسيبِ بِمَسْرَدِ
فَطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّمِيلِ وَتَارَةً
عَلى حَشَفٍ كَالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ
لَهَا فَخِذَانِ أُكْمِلَ النَّحْضُ فِيْهِما
كَأَنَّهُمَا بَابَا مُنِيفٍ مُمَرَّدِ
وَطَيُّ مَحالٍ كَالْحَنيِّ خُلوفُهُ
وَأَجْرِنَةٌ لُزَّت بِدَأٍ مُنَضَّدِ
كَأَنَّ كِناسَي ضَالَةٍ يُكنِفَانِهَا
وَأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ
لَهَا مِرْفَقَانِ أَفْتَلَانِ كَأَنَّهَا
تَمُرُّ بِسَلَمَي دَالِجٍ مُتَشَدَّدِ
كَقَنطَرَةِ الرُّومِيِّ أَقْسَمَ رَبُّهَا
لَتُكْتَنَفَنَّ حَتَّى تُشادَ بِقَرْمَدِ
صُهَابِيَّةُ الْعُثنونِ مَوْجَدَةُ القَرى
بَعِيدَةُ وَخَدِ الرِّجْلِ مَوّارَةُ الْيَدِ
أُمِرَّت يَدَاهَا فَتَلَ شَزَرٍ وَأُجِنِحَت
لَهَا عَضُدَانِ في سَقيفٍ مُسَنَّدِ
جُنُوحٌ دِفاقٌ عَندَلٌ ثُمَّ أُفْرِعَت
لَهَا كَتَفَانِ في مُعَالٍ مُصَعَّدِ
كَأَنَّ عُلوبَ النِّسعِ في دَأَياتِهَا
مَوارِدُ مِن خَلقاءِ في ظَهْرِ قَردَدِ
تَلاقَى وَأَحْيَاناً تَبِينُ كَأَنَّهَا
بَنائِقُ غُرٌّ في قَمِيصٍ مُقَدَّدِ
وَأَتْلَعُ نَهَّاضٌ إِذا صَعَّدَتْ بِهِ
كَسُكَّانِ بَوَصِيٍّ بِدِجلَةَ مُصعِدِ
وَجُمَجُمَةٌ مِثْلُ العَلاةِ كَأَنَّما
وَعَى المُلتَقَى مِنْهَا إِلَى حَرْفِ مِبْرَدِ
وَخَدٌّ كَقِرْطَاسِ الشَّآمي وَمِشْفَرٌ
كَسِبَتِ الْيَمَاني قَدُّهُ لَم يُجَرَّدِ
وَعَيْنَانِ كَالْمَاوَيَّتَينِ اِسْتَكَنَّتَا
بِكَهْفَي حِجَاجَي صَخْرَةٍ قَلَّتِ مَوْرِدِ
طَحُورَانِ عُوَّارَ الْقَذَى فَتَرَىٰهُمَا
كَمَكْحُولَتَي مَذعُورَةٍ أُمِّ فَرقَدِ
وَصَادِقَتا سَمْعَ التَّوَجُّسِ لِلسُّرَى
لِهَجٍ خَفِيٍّ أَو لِصَوْتٍ مُنَدَّدِ
مُؤَلَّلَتانِ تَعْرِفُ الْعِتقَ فِيْهِما
كَسَامِعَتَي شَاةٍ بِحَوْمَلَ مُفْرَدِ
وَأَروَعُ نَبَّاضٌ أَحَذُّ مُلَمَّلٌ
كَمِرْدَاةِ صَخْرٍ فِي صَفِيحٍ مُصَمَّدِ
وَأَعْلَمُ مَخْرُوتٌ مِنَ الأَنفِ مَارِنٌ
عَتِيقٌ مَتَى تَرجُم بِهِ الأَرضَ تَزْدَدِ
وَإِن شِئتُ لَم تُرْقِل وَإِن شِئتُ أَرْقَلَت
مَخَافَةَ مَلْوِيٍّ مِنَ القَدِّ مُحَصَدِ
وَإِن شِئتُ سَامَى وَاسِطَ الْكُورِ رَأْسُهَا
وَعامَت بِضَبعَيْهَا نَجَاءَ الْخَفِيدَدِ
عَلى مِثْلِهَا أَمْضِي إِذا قَالَ صَاحِبِي
أَلا لَيْتَني أَفْدِيكَ مِنْهَا وَأَفْتَدِي