دروس وعبر من الهجرة النبوية الشريفة

تُعَدُّ الهجرة النبوية مدرسةٌ تعليمية للمسلمين، فقد تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم لاضطهادٍ شديدٍ من قريش، الذين عرضوا مكافأة لمن يقتله. بأمرٍ من الله، قرر النبي الهجرة إلى الحبشة. ورغم وجود غير المسلمين فيها، فقد بشر رسول الله بفتحٍ عظيمٍ بدلاً من قلقه، ولذلك يجب أن نتأمل الدروس المستفادة من هذه الهجرة.

وجوب التوكل على الله واليقين بأقداره

  • تجلى توكل الرسول صلى الله عليه وسلم ويقينه بقدر الله عز وجل، مما جعل الهجرة ممكنة.
  • لو كانت الحسابات هي الأساس، لما كان ليهاجر تحت ظروفٍ بالغة الصعوبة والخطر.
  • لم يكن لديه المعرفة بما قد يحدث له أثناء طريقه إلى المدينة، أو عدد الأعداء الذين قد يتربصون به.
    • كما أنه لم يكن يمتلك كميات كافية من الطعام والشراب.
  • ومع ذلك، قام الهجرة دون أي ترتيبات، متوكلاً على الله، وقد ظهر ذلك بوضوح في عدة مواقف، ومنها:

الإذن بالهجرة الأولى إلى الحبشة

  • على الرغم من بُعد الحبشة عن مكة، هاجر بعض الصحابة برفقة الرسول بعد الحصول على إذنه.
  • ومع عدم إسلام أهل الحبشة، إلا أن الرسول كان موقنًا برحمة الله وقدرته على تحقيق النصر هناك.

هاجر النبي إلى الحبشة من طريقٍ غير متوقع

  • حيث كانت قريش تسعى للحصول على مكافأة لقتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقاموا بمحاصرة بيته.
  • ولكن الله عز وجل حماهم من أعينهم، حيث خرج النبي من منزله دون أن يلاحظه أحد.
  • في بحثهم عنه، كان النبي لم يعد لديه الوقت للبحث عن الطعام الكافي، إلا أنه استمر في رحلته نحو الحبشة.

اختيار الصديق الأمين من سداد الرأي

  • أحب جميع الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقدموا أرواحهم فداءً له.
  • لكن النبي اختار أبو بكر الصديق كمرافق له، بسبب المواقف العديدة التي أظهرت إخلاصه وصدقه.

ومن تلك المواقف:

  • كان أبو بكر يتمتع برؤية وحكمة استثنائيتين، وذكاءً كبيرًا.
  • قدّم أبو بكر كل ما يمتلكه من أموال لمساندة الرسول في رحلته السرية.
  • كما تم توثيق فضل أبو بكر في القرآن، حيث قال الله عز وجل (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا).

حسن التخطيط من خصال المؤمن القوي

  • تعتبر الهجرة النبوية دروسًا وعبرًا، حيث لم يكن لدى الرسول خطة مفاجئة للهجرة، بل فكر مليًا قبل اتخاذ تلك الخطوة.
  • ومن بين التخطيطات التي قام بها الرسول:

تجهيز المدينة عبر إرسال من ينشر فيها الإسلام

أرسل الرسول من ينشر الإسلام في المدينة قبل مغادرته مكة.

الإذن لمرافقيه بالهجرة قبله

  • اتفق الرسول مع الصحابة على مغادرة مكة إلى المدينة قبل مغادرته بفترة قصيرة.
    • وذلك لتجنب انتباه كفار قريش الذين لو اكتشفوا مغادرته، جعلوا منهم هدفًا لعملياتهم.

اختيار الرفقة والزمان والطريق

  • اختار الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر ليكون رفيقه، حيث كانت العلاقة بينهما وثيقة جدًا.
    • فهو أحد أقرب الصحابة إليه.
  • كما اختار كذلك طريقًا غير المعتاد بين مكة والمدينة لتفادي اكتشافه من قبل كفار قريش، وتم اختيار الوقت المناسب للرحيل.
  • بالإضافة إلى ذلك، أرسل الرسول من يقوم بمسح آثار أقدامه وأقدام الصحابي أبو بكر، وهو عامر بن فهيرة، الذي سار مع غنمه لإخفاء الأثر.

ضمان استمرار مؤن الطعام والشراب في غار حراء

  • طلب الرسول الكريم من أسماء بنت أبي بكر تأمين الطعام والشراب وإرسالها إليهم في الغار.
  • كان ذلك لمواجهة حالة عدم اليقين حول مدة مقامهم في الغار، كما كان أيضًا لمنع أي عملية اكتشاف من قبل الكفار.

التَّخطيط لمتابعة أخبار قريش حتى بعد مغادرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمكة

عمل الرسول على مراقبة تحركات قريش من خلال معرفة الثغرات، مما سمح له بتأمين الاحتياطات اللازمة.

تأسيس قاعدة معرفة الطريق إلى المدينة

اختار النبي عبدالله بن أريقط ليكون مرشدًا، مما يسلط الضوء على ضرورة اختيار العناصر المناسبة لأداء المهام.

تحضير من يمحو الأثر

أرسل النبي من يمحو آثارهم لتجنب اكتشاف خط سيرهم من قبل قريش، مما يدل على أهمية الحذر في مواجهتهم.

حسن أداء الدور يؤدي إلى نجاح المهمة

  • كان كل من تم تكليفه بمهمة يؤدي دوره بفاعلية، مما ساهم في نجاح الرحلة دون أن تطالهم أيدي المشركين.
  • هذا بفضل تنظيم الأدوار التي تم توزيعها على النحو التالي:

دور التجهيز

حيث كان الصحابي الجليل أبو بكر الصديق، يحمل على عاتقه مسؤولية تجهيز كافة مستلزمات الرحلة.

دور التضحية وإعادة الحقوق

  • طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من علي بن أبي طالب أن ينام في سريره لإبعاد الشبهات، ولتغطيته حتى لا يُكتشف مكانه.
  • كما كان عليه إعادة جميع الأمانات التي تركها المسلمون عنده.

دور التغطية والتمويه

قام عبدالله بن فهيرة بإزالة آثار الأقدام المحيطة بمكانهم، والتي أزعجت الفريق أثناء تنقلاتهم.

دور اكتشاف الطريق

تولى الصحابي عبدالله بن أريقط مهمة تأمين المنطقة والمكان الذي يمرون منه.

دور تضليل المطاردين

كان لسراقة بن مالك دوراً حيوياً في الحيلولة دون لعب الأعداء دورًا في تعقبهم.

دور إعداد أهل المدينة لاستقبال الرسول

  • كان عطاء الصحابي مصعب بن عمير دليلاً واضحًا على ارتقاء الرحلة المنظمة من مكة إلى المدينة، ناشئًا أولاً من ترتيب الله سبحانه وتعالى.
  • ثم جاء دور الرسول بانسيابية كل فرد في تلك الرحلة.

الثبات وتحمّل الصعاب من أساسيات تحقيق الهدف

  • تعتبر الهجرة النبوية دروسًا عميقة في تحمل المصاعب.
  • حيث واجه النبي ظروفًا صعبة مثل تجنبه أن تُلاحظهم أعين كفار قريش، والخوف من أن تنقصهم المؤن.
  • كان يخشى أيضًا معرفة أهل مكة برحيله، بالإضافة إلى التحديات التي قد يواجهونها خلال الرحلة.

الصبر واليقين بالله سر الوصول للهدف

  • كان بإمكان الله أن يمكّن النبي من الوصول إلى المدينة في لمح البصر.
  • لكن الله أراد أن تكون المعرفة والدروس متعمقة؛ ولذلك جعل الرسول يخوض هذه التجربة بنفسي، ليتعلم دروس الصبر واليقين وأن الله سيعينه في مواجهة التحديات.
  • كما احتاجت الهجرة إلى صبرٍ إضافي نتيجة الفراق عن الأهل والأصدقاء، والابتعاد عن موطنهم الأصلي.

دور المرأة الصالحة في نشر الدعوة

ولم تكن النساء غائبات في هذه الرحلة، فقد قمن بدور جبار رغم المخاطر المحتملة. ومن هؤلاء النساء:

أسماء بنت أبي بكر

كانت تزود النبي وصاحبه بالمؤن، وتحملت ظلم أبي جهل عندما ضربها، لكنها لم تفشِ عن مكان الرسول.

الصحابية الجليلة أم معبد

على الرغم من أن الرسول لم يخطط لدورها، إلا أنها قدمت للرسول وصاحبه الحليب، دون أن تخبر أحدًا بمكانهم.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *