آثار تدمر
تعتبر مدينة تدمر (بالإنجليزية: Palmyra) واحدة من أبرز المدن الأثرية والتاريخية في العالم، وتقع في سوريا. تحظى هذه المدينة بمكانة رفيعة وحضور حضاري بارز. ارتبط تاريخ تدمر بالملكة زنوبيا، التي كانت تحكم المدينة وتسبب في ازدهارها خلال فترة حكمها. كانت تدمر نقطة التقاء للقوافل التجارية بين بلاد الشام وبلاد الرافدين، وذلك لكونها جزءًا من طريق الحرير التجاري. عُرفت المدينة أيضًا باسم “أثينا الجديدة” و”عروس الصحراء” و”واحة النخيل”، وهو الاسم الذي أطلقه الرومان عليها، بينما يُستخدم اسم تدمر كاسم قديم أطلقته شعوب ما قبل السامية.
موقع آثار تدمر
تقع الآثار القديمة لمدينة تدمر في الصحراء السورية، داخل محافظة حمص الحالية. تبعد المدينة حوالي 235 كم شمال شرق العاصمة السورية دمشق. تشكل تدمر واحة غنية بالنخيل وسط الصحراء، وقد كانت تاريخياً موقعًا بارزاً بين حضارتين عظيمتين؛ الإمبراطورية الرومانية في الغرب والإمبراطورية البارثية في الشرق. تمتد إحداثيات المدينة بين 34.56’ شمالاً و 38.27’ شرقًا.
تاريخ مدينة تدمر
تاريخ مدينة تدمر يعود إلى عصر النبي سليمان، حيث ذُكرت في الإنجيل كواحدة من المناطق التي حماها سليمان. يظهر اسمها في سياق النبي يوسف، إذ يُقال إنها المدينة التي أسسها. في القرن الأول الميلادي، وقعت تدمر تحت حكم الرومان بقيادة الإمبراطور تيبيريوس. شهِد عام 129 ميلادي زيارة الإمبراطور هادريان، الذي أعلن استقلال تدمر ومنحها لقب كولونيا مع إعفائها من الضرائب. ازدهرت المدينة في القرنين الثاني والثالث الميلاديين كأحد المراكز التجارية الهامة، وإثر سقوط الدولة البارثية، تعرضت لتحديات في طرق التجارة. عيّن الرومان الملك سبتيموس أذينة كملك على تدمر، وقد تم تسميته حاكم الشرق.
بعد تولي الملك سبتيموس أذينة الحكم، تعرض وابنه للاغتيال، مما أدى لاعتلاء زوجته الزنوبيا عرش المدينة. شهدت تدمر في عهدها ازدهارًا كبيرًا، حيث أصبحت مركزًا تجاريًا هاما، وأعلنت الاستقلال عن الإمبراطورية الرومانية في عام 270 ميلادي، قبل أن يستعيدها الإمبراطور أوريليان عام 272 ميلادي ويدمرها في العام التالي.
رغم تلك الأحداث المدمرة، استمرت تدمر كمركز على طريق ديوكلتيانوس الذي كان يربط دمشق بنهر الفرات. في عام 634 ميلادي، قام الخليفة أبو بكر بإرسال الفتوحات الإسلامية إلى تدمر بقيادة الصحابي خالد بن الوليد، وتم فتح المدينة. ومع مرور الوقت، تراجعت مكانة تدمر كمركز تجاري وتقلص دورها كحلقة وصل بين الحضارات القديمة. في عام 1785 ميلادي، زارت عدة بعثات أوروبية المدينة لاستكشافها وتوثيق حضارتها.
أهم الآثار القديمة في تدمر
تحتوي مدينة تدمر على مجموعة من المواقع الأثرية والمعالم القديمة التي تعود إلى الحضارات التي نشأت فيها. تعتبر آثار تدمر من الأجمل في المنطقة، وتعتمد المدينة حاليًا على السياحة كمصدر رئيسي للدخل. تم إدراج تدمر على قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1980 نظرًا لأهميتها التاريخية والحضارية. تشمل أبرز المعالم الأثرية في المدينة:
- معبد بل: يُعتبر أهم مبنى ديني في القرن الأول الميلادي في منطقة الشرق الأوسط، حيث بُني لعبادة إله الآلهة بل، وهو إله سامي من أصل أكادي.
- قوس النصر: يُعتبر القوس من أشهر المعالم في تدمر، وهو جزء من الطريق الذي يصل إلى معبد بل، وقد بُني في عهد الإمبراطور الروماني سيبتموس سيفيروس بين عامي 193 و211 ميلادي.
- معبد نابو: يُعد نابو إله حضارة ما بين النهرين ورمز الحكمة. يحتوي المعبد على مذبح وسلم ومدخلٍ مزين بأعمدة. يبلغ طوله 20 مترًا وارتفاعه 3 أمتار.
- الأغورا: ساحة مستطيلة الشكل تم بناؤها في القرن الثاني الميلادي، ويبلغ طولها 71 مترًا وعرضها 48 مترًا، محاطة بعدد من الأروقة الأثرية.
- معبد بعل شمين: يعود تاريخ هذا المعبد إلى القرن الأول الميلادي، وهو معبد قديم مخصص لإله الكنعانيين بعل شمين، وقد تم ترميمه عدة مرات.
- متحف الفلكلور: يعرض مجموعة كبيرة من الآثار والفنون الموجودة في تدمر، بما في ذلك تماثيل فنية تُظهر تكريم العائلات الغنية لموتاها.
- وادي القبور: يحتوي على عدد من القبور الملكية، من أبرزها قبر لامليكو.
- شارع الأعمدة: بطول 1.2 كلم، يحتوي على قوس النصر ومعبد نابو في نهايته.
- المسرح: يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي، ويشمل مقاعد للجمهور وغرفًا للممثلين.