مفهوم التبرُّك
التبرُّك هو مصطلح يعبر عن السعي لاكتساب البركة من خلال شيء معين، حيث يُشتق من الفعل العربي تبركَ. يُعتبر التبرُّك وسيلة ينشدها الإنسان في سبيل تحقيق الخير والنماء، ويستند ذلك إلى الاعتقاد بوجود البركة في أشياء معينة.
من المهم التأكيد على أن البركة يجب أن تُطلب من الله -عز وجل-، فهو المصدر الوحيد للبركة، وقد شرعت الأدلة الدينية ذلك. لذا ينبغي على المؤمن الالتزام بالدليل الشرعي واستمداد البركة من الله وحده.
أنواع التبرُّك
يمكن تصنيف التبرُّك إلى نوعين رئيسيين بناءً على مشروعيته:
التبرك المشروع
يشمل هذا النوع التبرُّك بالأشياء والأماكن والأزمنة التي نصت عليها الأدلة الشرعية، مثل التبرك برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وماء زمزم، والحجر الأسود، وكذلك الأماكن المقدسة كمدينة مكة والمدينة المنورة وبيت المقدس، إضافة إلى الأزمنة مثل شهر رمضان وليلة القدر، والعبادات كالصلاة والصيام والزكاة.
التبرك غير المشروع
يشمل التبرُّك الذي يعتمد على أشياء أو أشخاص غير مثبت مشروعية تبرُّكهم شرعياً، مع اعتقاد أن البركة موجودة فيهم. هذا النوع يُعتبر محرمًا شرعًا ويمثل مخاطر على التوحيد، حيث يمكن أن يؤدي إلى الشرك الأصغر، ومن ثم إلى الشرك الأكبر إذا تفشى الاعتقاد فيه.
أوجه التبرك غير المشروع
للتبرُّك غير المشروع صور عديدة واستنادًا إلى النصوص الشرعية، إليك أبرزها:
التبرُّك بالأشجار والأحجار والأصنام
هي من العادات الجاهلية التي كان يمارسها البعض من خلال التبرك بالأشجار والأحجار والتمسح بالأصنام، اعتقادًا بأن ذلك يجلب البركة. وهذه الأفعال ممنوعة وتعتبر محرمة ولا تنطوي على أي منفعة للمسلمين.
قال -تعالى-: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى* أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى* تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى* إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى).
التبرك بالأنبياء والصالحين
تشمل صور التبرك بالأنبياء والصالحين ما يلي:
- طلب الدعاء والشفاعة من الأموات
لا يجوز للمسلم أن يلجأ إلى غير الله -تعالى- في الدعاء أو الطلب؛ حيث قال -عز وجل-: (وَلا تَدْعُ مِنْ دُوْنِ اللهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِيْنَ).
- ممارسة بعض العبادات عند قبور الأنبياء والصالحين
لا يُستحب للمسلم التوجه إلى قبور الأنبياء أو الصالحين لأداء عبادات معينة هناك، ظنًا أن ذلك يجلب البركة. لو كان هذا جائزًا، لكانت أولى من ذلك الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، الذي حذر من ذلك قائلاً: (لا تَجعَلوا بُيوتَكم قُبورًا، ولا تَجعَلوا قَبْري عيدًا، وصلُّوا علَيَّ؛ فإنَّ صلاتَكم تبلُغُني حيثُ كنتم).
- التمسّح والقبلة عند قبورهم
لا يجوز للمسلم التمسح بقبور الأنبياء أو الصالحين، إذ إن ذلك لا يُضيف أي نفع لهم، ولم يقم به أي من الصحابة أو من تبعهم، ولو كان فيه خير لأقدَمَ عليه.