المعجم واللغة
يمتاز العالم بتعدد اللغات التي يتحدث بها البشر، وتعتبر اللغة العربية واحدة من أكثر اللغات شيوعًا ورواجًا بين الناس. فهي تنتمي إلى عائلة اللغات السامية، وتعد من أحدث اللغات من حيث النشأة والتاريخ. تكتسب اللغة العربية مكانة رفيعة بين اللغات العالمية، كونها اللغة التي أنزل بها القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما زاد من اهتمام المسلمين بتعلمها للنطق بها وفهم تعاليم دينهم. ومع توسع الدولة الإسلامية وانتشار الإسلام والعربية في أنحاء العالم، انضم العديد من غير الناطقين بالعربية إلى الدول العربية، وبدؤوا بتعلم اللغة العربية لفهم المجتمع العربي وثقافته وحضارته. أدى هذا التداخل إلى ظهور مصطلحات وكلمات قد تكون غير مفهومة لبعضهم، مما جعل من الضروري وجود معاجم لغوية توضح معنى الكلمات والألفاظ العربية ضمن سياق استخدامها.
تعريف المعجم
المعجم في معناه اللغوي: هو كتاب يحتوي على مفردات لغوية مرتبة بطريقة معينة مع شرح لهذه المفردات، أو تقديم معانيها في لغات أخرى. أما اصطلاحًا، فهو الكتاب الذي يجمع بين تفسير المفردات والألفاظ اللغوية، ويوضح معانيها وصفاتها ودلالاتها.
تعود جذور المعاجم في اللغة العربية إلى نزول القرآن الكريم، الذي تطلب ضرورة توضيح المفردات والألفاظ اللغوية. وقد بدأت هذه الحاجة تظهر بشكل واضح مع دخول غير العرب إلى الإسلام في القرن الثاني الهجري. وقد اشتُق اسم “المعجم” من الفعل “أعجم”، الذي يعني إزالة العجمة. يُستخدم الكثير من الناس كلمة “المعجم” مكان “القاموس”، حيث أن القاموس في اللغة يعني البحر، لكنه يُعتبر صفة للمعجم وليست أكثر، مما يدل على وجود المعاجم لتفسير الكلمات التي قد يجدها البعض صعبة الفهم.
أنواع المعاجم
تُقسم المعاجم العربية إلى عدة فئات، وهي:
- معاجم المعاني: تشمل المعاجم التي تركز على المواد اللغوية بغض النظر عن ترتيب الألفاظ.
- معاجم الألفاظ: تشرح وتوضح المعاني والدلالات المتعلقة بالألفاظ اللغوية، وتكون مرتبة أبجديًا حسب الحرف الأول أو الأخير للكلمة، أو بحسب موضوع معين، أو حسب المخارج الصوتية العربية.
- معاجم المُعرَب والدخيل: تحتوي على الألفاظ والمفردات التي تمت إضافتها إلى اللغة العربية من أقوام وشعوب أجنبية، مثل الروم والفرس، وتم تعريبها.
- معاجم الأمثال: تشمل الأمثال العربية وشرحها وتوضيح معانيها وأهدافها.
- معاجم المفردات: تحتوي على المعاني الخاصة بمفردات القرآن الكريم والسنة النبوية.
- معاجم المصطلحات العلمية والفنية: تشرح وتوضح المصطلحات الطبية والعلمية والفنية.
أهم معاجم اللغة العربية
يوجد العديد من المعاجم العربية التي ألفها مؤلفون مختلفون، وقد اتبع كل منهم أسلوبًا وتنظيمًا خاصًا يميزه عن الآخر. فيما يلي قائمة بأهم معاجم اللغة العربية ومؤلفيها مقسمة حسب طريقة ترتيبها ونوعها:
- معاجم الألفاظ: مثل “العين” للخليل الفراهيدي، “أساس البلاغة” للزمخشري، “المُحكم” لابن سيده، “ديوان الأدب” للفارابي، و”المعجم الوسيط” لمجمع اللغة العربية.
- معاجم المعاني: تتمثل في “مَتجر الألفاظ” لابن فارس، و”المُخصّص” لابن سيده، و”الغريب المُصنّف” لأبي عبيد القاسم بن سلام.
- معاجم المصطلحات: تشمل “كتاب التعريفات” للجرجاني، و”الكُليّات” للأبي البقاء أيوب بن موسى الكفوي، و”قاموس طبي إنجليزي عربي” لخليل خير الله، و”المعجم العسكري الموحد” للجامعة العربية.
- معاجم الأمثال: مثل “مجمع الأمثال” لأحمد الميداني، و”المستقصي” للزمخشري، و”الوسيط في الأمثال” للواحدي.
- معاجم المفردات: تشمل “المفردات في غريب القرآن” لأبي القاسم الأصفهاني، و”المعجم المُفَهرس لألفاظ القرآن الكريم” لمحمد فؤاد عبد الباقي.
تبقى إحدى التحديات الكبرى التي تواجه المعاجم العربية هي قدرتها على تغطية كافة المفردات والكلمات العربية. فالكثير من المعاجم الحالية لا تحتوي على كل الألفاظ والمفردات نظرًا لاعتمادها على جهود الأفراد فقط. وفي نظر التحديات الكبيرة التي تواجه اللغة العربية في عصر السرعة والعولمة، وانتشار اللغة الإنجليزية في التعليم وفي العديد من المجالات، يصبح من الضروري تكثيف الجهود للحفاظ على اللغة العربية، وتطوير معاجم جديدة تسهم في تعزيزها والحفاظ عليها.
أهمية المعجم في اللغة
للمعجم العربي دور بارز في الحفاظ على اللغة العربية ورونق لغة القرآن الكريم التي تتسم بالبلاغة والفصاحة. عند مواجهة صعوبات في فهم معاني القرآن الكريم، يأتي المعجم كحل مثالي لهذه الإشكالية. تتمثل أهمية المعجم العربي في الأمور التالية:
- المحافظة على القرآن الكريم وضمان فهم معانيه وسلامتها.
- دمج الألفاظ اللغوية والمفردات مع الشواهد والأمثلة القرآنية والنبويّة لضمان استمرار استخدامها عبر الزمن.
- توفير مادة سهلة وميسّرة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الثقافات والشعوب الأخرى حول العالم.
- حماية اللغة العربية من الضياع والتدهور.
- توضيح المعاني والمفردات والألفاظ الجديدة بطريقة تبسطها وتزيد من فهمها.
- بيان طريقة اللفظ والهجاء لكل المفردات الواردة فيه.
- تحديد النوع الصرفي للكلمة، سواء كانت اسمًا أو فعلًا أو حرفًا، والتمييز بين المذكر والمؤنث.
- توضيح معنى الكلمة والإشارة إلى مجال استخدامها، لأن هناك العديد من الكلمات في اللغة التي تحتمل معاني متعددة.