الاستعارة
الاستعارة هي تحول الكلمة من معناها الأصلي إلى معنى آخر لم يكن مقصوداً لها في البداية. كما جاء في قوله تعالى: (هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ). على الرغم من أن العذاب لا يمكن أن يُعتبر نُزلاً، إلا أنه أُطلق عليه هذا الاسم لأنه أثرّ في المكافأة لغيرهم. تُعرف الاستعارة أيضاً بـ “البدل” كما في قوله تعالى: (فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى)، حيث يُعد “السعي” بدلاً من “الانسياب” الذي يُعتبر الأصل. وتتكون الاستعارة من ثلاثة أركان:
- مستعار منه، وهو المشبه به.
- مستعار له، وهو المشبه.
- مستعار، وهو اللفظ المنقول.
أمثلة على الاستعارة في القرآن الكريم
الاستعارة التصريحية
إليك بعض الأمثلة على الاستعارة التصريحية:
- قوله تعالى: (قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). يظهر في هذه الآية التناقض بين “الخبيث” و”الطيب”، مما يعكس معاني الحرام والحلال.
- قوله تعالى: (الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ). في هذا المثال، يُستخدم لفظ “الظلمات” للدلالة على الكفر، و”النور” للإشارة إلى الهدى، حيث يتم تمثيل الكفر بالظلمات والهدى بالنور.
- قوله تعالى: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ). تعني “سنقصد” حيث إن القصد لا يحدث إلا بعد الفراغ، وبهذا يفيد المعنى الإشارة إلى التهديد.
الاستعارة اللفظية
كما يظهر في قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ إِنَاثًا)، يحتوي تفسير هذه الآية على إشارة إلى أن “جعلوا” تعني “سمّوا”، مما يدل على أن المعنى يتجاوز مجرد التسمية إلى الاعتقاد بصفات الإناث للملائكة.
الاستعارة المكنية
- في قوله تعالى: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)، يصف الله -عز وجل- انطلاق الحياة مع حلول الصباح، وهو ما يُعرف بالاستعارة المكنية.
- قوله تعالى: (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)، تتضمن استعارة مكنية تعكس العذاب الشديد الذي ناله الكافرون من قوم عاد وثمود وفرعون، حيث تم تصوير أنواع العذاب بالسوط.
الاستعارة التمثيلية
قوله تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ). هنا، نجد استعارة المرض كرمز للنفاق.
الاستعارة التحقيقية
في قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)، يُشير إلى الدين الحق. هنا، فإن اللفظ المستعار يمثل معنى يعطي صفة الحقيقة للاستعارة.
الاستعارة العنادية
كما في قوله تعالى: (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ)، حيث إن “الميت” يُشبه الضلالة بالموت، بينما “الإحياء” يُشير للهداية.
الاستعارة الحسية
في قوله تعالى: (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ۖ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا)، هنا يمثل التصوير المجسم مشهد يوم القيامة، حيث يتخبط الناس في اضطراب يشبه أمواج البحر.