جوانب الإنسان: المظهر والجوهر
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أفضل هيئة، وقدّمه على العديد من مخلوقاته. ومن مظاهر هذا التكريم هو منح الله الإنسان نعمة العقل، التي تمكّنه من التمييز بين الأمور وفهم أسباب الحياة. كما أن الله وهب الإنسان أيضاً القلب والفؤاد، الذي يحمل مشاعر الحنان والرحمة والرأفة. إن كل ما يميز الإنسان، سواء كان ظاهراً أو باطناً، هو نعمة إلهية تستحق الشكر. لا شك أن للمظهر دوراً مهماً في حياة الإنسان، كما أن للجوهر والقيم والأخلاق أهمية كبيرة أيضاً. فما هي أهمية المظهر؟ وما هي قيمة الجوهر؟ وكيف يمكن للمرء أن يحقق التوازن بينهما؟
أهمية جوهر الإنسان
تنبع أهمية الجوهر من كونه يحدد شخصية الفرد وطريقة تفاعله مع الآخرين، وكذلك مستوى انضباطه والتزامه بالقيم والمبادئ والأخلاق. إذا كانت لدى الإنسان فضيلة الصدق، فإنه سيكون صادقاً في تعاملاته مع الآخرين، مما يساهم في بناء الثقة. وينطبق ذلك على جميع الأخلاقيات التي تعكس الصورة الحقيقية للفرد بدون تزييف. كما جاء في الحكمة الشهيرة: “الإنسان مخبوء تحت لسانه”، حيث يعبر عن مشاعره وقيمه واندفاعاته. وقد شدد النبي محمد عليه الصلاة والسلام على أهمية الجوهر عندما قال: (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيرهم في الجاهلية خيرهم في الإسلام إذا فقهوا). فلكل إنسان معدنه الذي يدل على أصالته، وهي خاصية لا تتغير رغم تقلبات الظروف.
التوازن بين المظهر والجوهر
لا بد للإنسان من الانتباه إلى أهمية جوهره أكثر من التركيز على مظهره الخارجي. حيث إن الله تعالى يحاسب الناس على أعمالهم وينظر إلى قلوبهم ونياتهم، وليس إلى مظاهرهم الظاهرة. فقد يصل بعض الأفراد إلى درجات عالية عند الله بأعمالهم وإخلاصهم، متجاوزين بذلك أقرانهم ممن يمتلكون المناصب والمظاهر الجذابة. ومن المهم على الإنسان أيضاً أن يعكس مظهره الجوانب الداخلية له، بحيث يتناسب ويتوافق معها دون أي تعارض. كما قيل عن سيدنا عمر رضي الله عنه إنه كان إذا أعجب برجل، وسئل عن حرفته، فإن لم يكن له حرفة سقط ذلك الرجل من عينه.