الفرق بين الغيبة والنميمة
يمكن تعريف الغيبة والنميمة من قبل علماء اللغة بتعريفات تسلط الضوء على الفروقات بينهما:
- الغيبة تُعرّف على أنها الإضرار بالناس، أو الحديث عن عيوبهم ومساوئهم في غيابهم.
- أما النميمة فتشير إلى نقل الأحاديث بغرض الفساد وإثارة الفتن بين الناس.
- المعاني الاصطلاحية لكل من الغيبة والنميمة لدى علماء الإسلام تتقارب بشكل كبير من المعاني اللغوية.
- فقد عرّف رسول الله صلى الله عليه وسلم الغيبة بأنها “ذكرك أخاك بما يكره” كما ورد في حديث مسلم.
- في حين أن النميمة تعني إفشاء الأسرار ونقل الكلام بين الناس بنية الإفساد والضرر.
حكم الغيبة والنميمة
حكم الغيبة
- بعد توضيح الفرق بين الغيبة والنميمة، من المهم ذكر الأدلة من الكتاب والسنة التي تحرّم كليهما.
- ففيما يتعلق بالغيبة، نجد عدة نصوص تشير إلى تحريمها، مثل قول الله عز وجل:
- “يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنوا اجْتَنِبوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعْضًا، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا؟ فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ” (الحجرات 12).
- من ضمن النصوص أيضًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَة؟” قَالُوا “اللَّه وَرَسُولَهُ أَعْلَم” قَالَ “ذِكْركَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَه” ثم سُئل:
- “أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُول؟” قَالَ “إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُول فَقَدِ اغْتَبْتَه، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّه” رواه مسلم.
- كما ذكر أيضًا “يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَن يَتَّبِعْ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ يَتَّبِعُ اللَّهَ عَوْرَتَهُ، وَمَن يَتَّبِعْ اللَّهَ عَوْرَتَهُ يَفضَحُهُ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ” (مجمع الزوائد 8/96).
- وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: “حسبك من صفيّة كذا وكذا”، فقال: “لقد قلت كلمةً لو مزجت بماء البحر لمزجته” (صححه الألباني).
حكم النميمة
- بالنسبة للنميمة، هناك أيضًا نصوص عديدة تحذر منها وتذمّها، مثل قوله تعالى:
- “وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ” (القلم 10-11).
- وخير مثال على ذلك أيضًا قوله تعالى “وَيْلٌ لِكُلِّ هَمَزَةٍ لَمَزَةٍ” (الهمزة 1)، ومن السنة: “لا يدخل الجنة نمَّام” (رواه مسلم).
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: “مرّ النبي ﷺ بقبرين، فقال: إنهما ليعذّبان، وما يعذّبان في كبير، أمّا أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأمّا الآخر فكان يمشي بالنميمة” (رواه البخاري).
يمكنك أيضاً الاطلاع على:
أنواع الغيبة والنميمة
أنواع الغيبة
تنقسم الغيبة إلى نوعين؛ غيبة محرمة، وغيبة مباحة، حيث أن بعض العلماء لا يصنف الغيبة المباحة كغيبة.
أما الغيبة المباحة، فتنقسم إلى عدة أقسام:
- أولها التظلم، حيث يجوز للشخص الذي تعرض للظلم أن يذكر البلاء الذي وقع عليه من الظالم، بشرط أن يكون التظلم موجهًا إلى شخص قادر على إنصافه.
- أيضًا، تُعتبر مسألة طلب العون لإزالة المنكر وإعادة عصاة إلى الصواب جزءًا من الغيبة المباحة.
- وكذلك طلب الفتوى في حالة معينة تتطلب ذكر الظلم أو سوء السلوك من أحد الأطراف.
- تحذير المسلمين من الأعداء أو من يكيد لهم يعتبر من الأمور المباحة أيضًا.
- أما الشخص المجاهر بالفسق والبدعة، فإن ذكره جائز لحماية مصلحة المسلمين.
- وآخر صور الغيبة المباحة يكون عند التعريف بشخص بلقبٍ مميز كالأعمى، مما يساعد السامع على التعرف عليه.
- وبالنسبة للغيبة المحرمة، فهي كل ذكر للمسلم بشيء يكرهه، باستثناء الأنواع الستة السابقة.
أنواع النميمة
أما النميمة، فتقسم إلى ثلاثة أنواع: نميمة محرمة، وواجبة، ومباحة:
- الأولى: النميمة المحرمة، والتي تهدف إلى الإفساد بين المسلمين.
- الثانية: النميمة الواجبة، والتي يقتضي نقلها إنقاذ حياة شخص أو تفادي ضرر محتمل.
- أما النميمة المباحة، فتكون وفقًا لما تقتضيه المصلحة، مثل تحريض المسلمين ضد أعدائهم أثناء الحرب.
- أيضًا، يمكن اعتبار الإصلاح بين الناس نوعًا من النميمة المباحة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس بالكذاب من ينم خيرا” (رواه مسلم).
أضرار الغيبة والنميمة
أضرار الغيبة
- تمتد العقوبات الأخروية لتشمل كل من الغيبة والنميمة، بالإضافة إلى الأضرار التي يلحقها المغتابون والنمّامون بأنفسهم في الدنيا.
- فالذي يغتاب يُعاقب بأن تكون له أظافر من النحاس يجرح بها وجهه وصدره.
- وقد رُوي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر:
- “لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُم أَظْفَارٌ مِن نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَسَأَلتُ جِبْرِيل عنهم، فقال: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ” (رواه أحمد وأبو داود).
أضرار النميمة
- أما بالنسبة للنمامة، فإن النمّام لن يدخل الجنة كما أفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتعرض للعذاب في قبره.
- وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين، فقال: “إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أمّا أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة” (متفق عليه).
- النمامين يُعدّون من أسوأ الناس يوم القيامة، لأنهم يزرعون الفتنة بين الناس ويتحدثون بوجهين.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تجد من شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه” (متفق عليه).