أنظمة الحكم
يعد العيش في مجتمع أمرًا غريزيًا لدى الإنسان منذ العصور القديمة. فالإنسان، بطبعه، كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده. ومع مرور الزمن وتطور حياة الناس وأفكارهم، بدأوا في التجمّع مما أدى إلى ظهور الدول. وتعريف الدولة يتجسد في كونها مجموعة من الأفراد الذين يتشاركون في الأنشطة والحياة ضمن مساحة جغرافية محددة، ويخضعون لنظام سياسي متفق عليه لإدارة شؤون حياتهم. هذا النظام يسهم في تعزيز مختلف جوانب حياتهم الاقتصادية والاجتماعية ويضمن ازدهار الفرد ورفاهيته في إطار الدولة. تتكون الدولة من ثلاثة أركان رئيسية هي: الشعب، الأرض، والسلطة السياسية. تختلف الدول في أشكالها، ونظم الحكم فيها متباينة، وما يترتب على اختلاف نظام الحكم سوف ينعكس أيضًا على الدساتير والسياسات والقوانين الداخلية لهذه الدول.
أنواع أنظمة الحكم
أنظمة الحكم وفقًا لشكل الدولة
يمكن تصنيف الدول بناءً على تركيبها الأساسي إلى نوعين رئيسيين، هما:
- الدولة البسيطة: والمعروفة بالدولة الموحدة، حيث تتولى جهة واحدة فقط كافة الشؤون الداخلية والخارجية، مما يعني تركيز جميع السلطات في يد الحكومة. يتسم هذا النظام بوحدة في التشريع السياسي والتنفيذية، وتستمد جميع القرارات والمهام من الدستور الرئيسي للدولة. من أمثلة الدول الموحدة: اليابان، الكويت، العراق، واليمن. ويشمل هذا النوع عدة أنظمة حكم، منها:
- النظام المركزي: يعتمد هذا النظام على وجود سلطة مركزية مسؤولة عن اتخاذ جميع القرارات، وذلك دون منح أي تقسيمات إدارية صلاحيات تنفيذية إلا بموجب أمر من السلطة المركزية.
- نظام الإدارة المحلية: يتميز بوجود سلطة مركزية مع منح صلاحيات للإدارات المحلية، وذلك من خلال إنشاء مجالس محلية تهتم بالشؤون المالية واتخاذ القرارات الخاصة بكل إقليم، حيث يتم رفع المقترحات للسلطة المركزية.
- نظام اللامركزية الإدارية: يمنح هذا النظام الأقاليم سلطات واسعة تُعرف بالسلطات اللامركزية، مع الاحتفاظ بالجوانب التشريعية للسلطة المركزية. تتكون اللامركزية من مجلس محافظة ورؤساء دوائر تمثل السلطة التنفيذية، مع وجود مجلس تشريعي يتولى مراقبتها، ودولة فرنسا مثال على هذا النظام.
- نظام الحكم الذاتي: هو نظام يطبق فيه القرارات الخاصة بمنطقة معينة من الدولة دون الحاجة للرجوع إلى السلطة المركزية، وغالبًا ما يشترك الناس في أصل أو دين أو لغة موحدة. من الأمثلة على ذلك إقليم الباسك في إسبانيا.
- الدولة المركبة: والمعروفة بالدولة الاتحادية، تنشأ نتيجة اتفاق عدد من الدول أو الأقاليم على تشكيل اتحاد. تشمل هذه الفئة أربعة أنواع:
- الاتحاد الشخصي: وهو الاتحاد الذي ينشأ بين دولتين مستقلتين، حيث تحتفظ كل دولة بسياساتها، بينما يتولى رئيس الدولة الآخر حكم العرش في حالة وفاة أحد الرؤساء، مثل اتحاد التاج بين أستراليا وبريطانيا.
- الاتحاد الفعلي: يسمى أيضًا الاتحاد الحقيقي، حيث تحتفظ الدول الأعضاء بسيادتها ولكن تتشارك في السياسة الخارجية والدبلوماسية، مثل اتحاد النمسا والمجر خلال الفترة 1876-1918.
- الاتحاد الكونفدرالي: ينشأ بين دولتين أو أكثر لتشكيل هيئة اتحادية تهتم بتحقيق المصالح المشتركة مثل الدفاع والاقتصاد، كاتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وسوريا وليبيا في الفترة 1971-1973.
- الاتحاد الفيدرالي: المعروف بالاتحاد المركزي، وهو الذي يتكون من دولتين أو أكثر وفق دستور دائم يتضمن سلطات مركزية وسلطات محلية، ومن الأمثلة على ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة والمكسيك.
أنظمة الحكم وفقًا لطريقة تولي رئيس الدولة الحكم
تنقسم أنظمة الحكم بناءً على كيفية استلام رئيس الدولة لمقاليد الحكم إلى:
- النظام الملكي: يتم فيه تولي شخص محدد لرئاسة الدولة عبر الوراثة، مع وجود الدستور الذي يحدد شروط الوصول إلى المنصب.
- النظام الجمهوري: يحكم فيه شخص مختار من قبل الشعب عن طريق الانتخابات، مع وجود دستور يوضح شروط المرشحين وآلية الانتخابات.
أنظمة الحكم بحسب طريقة تولي السلطة
تقسم أنظمة الحكم استنادًا لطريقة تولي رئيس الدولة الحكم إلى:
- النظام الديكتاتوري: حيث تتركز السلطات في يد شخص واحد، وتُمنع الأحزاب السياسية والتعددية.
- النظام الديمقراطي: يعتمد على مشاركة المواطنين في شؤون الدولة، وينقسم إلى ثلاثة أنواع:
- نظام الحكم الديمقراطي المباشر: الشعب يحكم نفسه من خلال اجتماعات عامة، وقد طبق في أثينا القديمة.
- نظام الحكم الديمقراطي شبه المباشر: يشارك الشعب مع ممثلي البرلمان في القضايا السياسية عبر استفتاءات أو اعتراضات قانونية.
- نظام الحكم الديمقراطي غير المباشر: حيث ينتخب المواطنون نوابًا يمثلونهم في الحكم.
أنظمة الحكم بحسب العلاقة بين السلطات
يستند الحكم إلى ثلاث سلطات: التشريعية، التنفيذية، والقضائية، وتختلف الأنظمة وفقًا لهذه العلاقة إلى:
- النظام المجلسي: حيث تتولى البرلمان السلطة التشريعية، وتتابع السلطة التنفيذية للبرلمان، ومن الأمثلة عليها سويسرا.
- النظام الرئاسي: يعتبر فيه الرئيس هو الأساس الضامن للسلطة التنفيذية، حيث يتم انتخابه كرئيس للدولة وحكومة. يعتبر كل من الولايات المتحدة وروسيا مثالين لهذا النظام.
- النظام البرلماني: يعتمد هذا النظام على التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث يمكن لكل منهما إسقاط الأخرى، ومثال على ذلك هو بريطانيا.