تعتبر الحقوق المدنية في مصر من المقومات الأساسية التي تعبر عن وعى الأفراد بحقوقهم وواجباتهم، حيث تعزى إليها أهمية كبرى في بناء مجتمع متوازن وعادل. في هذا المقال، سنستعرض تعريف الحقوق، تاريخها، أنواعها، وسبل حمايتها، مع التركيز على الحقوق المدنية في مصر.
تعريف الحق في القانون
- يمكن تعريف الحق قانونياً بأنه القيمة الممنوحة للأفراد في سياقات معينة ضمن العلاقات الإنسانية، مما يسهم في تنظيم التفاعلات بين الأشخاص.
- يشمل الحق في القانون كافة الحريات التي لا تتعارض مع القوانين، مثل الحق في العيش بكرامة، الحياة الآمنة، حقوق الممتلكات، حق المساواة، والعدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى حقوق الحفاظ على النفس من أي أشكال التعنيف أو الإرهاب.
- كما يتضمن الحق في اللجوء إلى القضاء لحماية هذه الحقوق من أي انتهاك أو اعتداء، وهذا حق مكفول لجميع الأفراد.
- من المهم الإشارة إلى أن هناك حقوقاً طبيعية وأخلاقية لا يحمها القانون، وبالتالي لا يمكن الدفاع عنها أو معاقبة من ينتهكها.
- وفقًا لسالموند، فإن سيادة القانون تعتبر القاعدة الأساسية للحق، مما يستدعي ضرورة قبول تنفيذ الحقوق قضاءً وتحقيق المنافع اللازمة.
أنواع الحقوق القانونية
تنقسم الحقوق القانونية إلى عدة فئات رئيسية، تشمل:
1. الحقوق الكاملة وغير الكاملة
- تتضمن الحقوق الكاملة جميع حقوق الإنسان الأساسية، مثل حق الحياة، المساواة، الحرية الدينية وغيرها، وهذه الحقوق معترف بها قانونياً ويمكن الحماية منها عبر القضاء.
- أما الحقوق غير الكاملة، فهي حقوق منحتها القوانين ولكنها ليست ملزمة، مثل بعض المطالبات الموقوتة والديون.
2. الحقوق الإيجابية والسلبية
- تشمل الحقوق الإيجابية تلك التي تفرض على الأفراد اتباع سلوكيات إيجابية لتحقيقها، بينما الحقوق السلبية تمنع سلوكيات سلبية محددة.
- يندرج الحق في الحياة الهندي كمثال على الحقوق السلبية، حيث يشير إلى أن الاعتداء على الحياة تعد جريمة يعاقب عليها القانون.
3. الحقوق الحقيقية والشخصية
- تُعتبر الحقوق الحقيقية تلك التي تحكم القضايا المتعلقة بالجرائم بكافة أنواعها، بينما الحقوق الشخصية تتعلق بحقوق الفرد وتوثيقها عبر العقود.
- في حال انتهاكها، يُعاقب الطرف المتسبب بشكل قانوني.
4. حقوق الملكية الشخصية والعامة
- تتعلق حقوق الملكية بكل ما يمكن تسجيله باسم الفرد كالعقارات وبراءات الاختراع، بينما الحقوق الشخصية تمثل ما يتعلق بسمعة الفرد ومكانته في المجتمع.
5. الحقوق العامة والخاصة
- الحقوق العامة تمنحها الدولة للفرد كحق المشاركة في الحياة السياسية واستخدام الممتلكات العامة، بينما الحقوق الخاصة ترتبط بالاتفاقات الفردية بين الأشخاص.
6. حقوق وراثية وغير وراثية
- تنتقل الحقوق الوراثية من شخص إلى آخر بعد وفاة الفرد، بينما الحقوق غير الوراثية تختفي بموت صاحبها.
7. حقوق الملكية المطلقة والملكية المشتركة
- الملكية المطلقة تعني أن الفرد لديه الحرية التامة في التصرف بممتلكاته، بينما الملكية المشتركة تحد من هذه الحرية بوجود جهات أخرى لها حق التدخل.
الحقوق المدنية
- الحقوق المدنية، المعروفة أيضاً بالحقوق السياسية، تمثل الحماية التي توفرها الدولة لجميع المواطنين وفقاً للقانون.
- تختلف هذه الحقوق عن الحقوق الطبيعية، حيث يُعتبر أن الحقوق المدنية تُمنح لكل المواطنين ضمن الحدود الإقليمية.
- الحقوق الطبيعية، وفقاً لجون لوك، هي تلك الحقوق التي يمتلكها الإنسان منذ ولادته، مثل الحق في الحياة والحرية.
- يؤكد بعض العلماء أنه يجب تحصين هذه الحقوق عبر الاعتراف بها ضمن حقوق مدنية، وضرورة حمايتها من قبل الدولة.
تاريخ الحقوق المدنية
- تعود جذور لفظ “الحقوق المدنية” إلى الكلمة اللاتينية “ius civis”، والتي تعني حقوق المواطن.
- كان المواطنون في روما مقسومين إلى قسمين: الأحرار والعبيد، ولكل بحقوقه القانونية.
- قدمت المرسوم الميلاني عام 313 لضمان الحرية الدينية، لكن مرسوم ثيسالونيكي عام 380 فرض على جميع المواطنين اعتناق الكاثوليكية.
- على مر العصور، ظهرت دعوات لاستعادة الحقوق المدنية المثبتة، كدعوة قادة تمرد كيت عام 1949 الذين طالبوا بحقوق شاملة مستندة إلى المبادئ المسيحية.
- تأسست حقوق المواطنة بشكل متزايد خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر في أوروبا، حيث أُقر قانون الحقوق الإنجليزي عام 1689.
- خلال القرن التاسع عشر، انتشر مفهوم الحقوق المدنية عالمياً، ولاسيما في الولايات المتحدة حيث أقر الكونجرس قوانين لحماية الحقوق المدنية في أواخر القرن.
حماية الحقوق
- تعد الحقوق المدنية من أهم الحقوق التي تحتاج إلى حماية ووعي، تليها الحقوق السياسية والاجتماعية.
- بالعديد من البلدان، تتمتع هذه الحقوق بحماية دستورية، وغالباً ما تكون موثقة في وثائق الحقوق.
- تظهر الحقوق المدنية بشكل واضح في الوثائق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مثل إعلان حقوق الإنسان العالمي والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
- على الرغم من أن هذه الحقوق لا تحتاج إلى تشريع رسمي لحمايتها، إلا أن العديد من الديمقراطيات تعتمد عليها كضمانات لحقوق الأفراد.
- يؤكد بعض المفكرين، مثل توماس جيفرسون، على أنها حقوق طبيعية وليست مجرد منح حكومية.
- ولكن تظل مسألة حصول جميع الأشخاص على الحقوق المدنية موضع جدل، إذ يمكن أن يفضل بعض الدول مواطنيها في بعض الحالات.
- يحث العالِم السياسي سلفادور سانتينو على ضرورة تحليل أسباب انتهاك حقوق الإنسان وضرورة تفاعل العوامل المحلية والدولية على هذا النحو.
الحقوق الأخرى
- توجد حقوق غير موثقة لكن تعترف بها المحكمة، مثل الخصوصية، كما يظهر في التعديل التاسع في الولايات المتحدة.
- يؤكد إعلان استقلال الولايات المتحدة على حق الحياة والحرية والسعي للسعادة.
- يعتبر البعض أن الوظيفة الأساسية للحكومة تتمثل في حماية هذه الحقوق.
- تؤكد المبادئ الاستقلالية وحرية الفرد على أهمية اختياراته الشخصية في حياته.
الحركة الاجتماعية من أجل الحقوق المدنية
- تؤكد الحقوق المدنية على الحماية المتساوية للأفراد، ولكن عدم تحقيق هذه الحماية يؤدي إلى المعارضة والتمرد الاجتماعي.
- بحلول عام 1848، بدأت حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة في جمع الآراء وتنظيم الفعاليات كجزء من هذه الجهود.
- هذا كانت البداية لها تأثير في الحركة النسائية في سينيكا فولز عام 1848.
- ومن عام 1950 إلى 1980، ظهرت حركات تدعو للمساواة أمام القانون.
- تضم هذه الحركات جانبين: قانونياً ودستورياً، مما أدى إلى إنشاء تشريعات جديدة على الصعيدين المحلي والقومي.
- تمتع كل جانب بجهود نشطة خاصة في مواقف انتهاك الحقوق.
المضمون الذي دعت إليه حركات حماية الحقوق المدنية والسياسية
- أنشأت حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة استجابة لاستمرار انتهاكات حقوق المواطنين السود.
- تشكلت رابطة الحقوق المدنية في شمال إيرلندا عام 1967 استجابة لفشل المملكة المتحدة في احترام حقوق الأقلية الكاثوليكية.
- تتعلق الحركات في المجتمعات الشيوعية بمساعي التغيير، مثل حركة ربيع براغ وميثاق 77 من تشيكوسلوفاكيا.
- تستند معظم هذه الحركات إلى تقنيات المقاومة السلمية لتحقيق أهدافها.
- في بعض الدول، ترتبط هذه النضالات بحالات من التمرد المسلح أو الاضطراب الاجتماعي.
- في حين حققت بعض الحركات تقدماً في مجال الحقوق المدنية والسياسية، إلا أن هناك مناطق أخرى تواجه تحديات كبيرة في تحقيق أهدافها.
الحقوق المدنية في مصر
- تتعلق الحقوق المدنية في مصر بالقوانين الأساسية التي تحمي هذه الحقوق، سواء كانت مكتوبة أو ضمنية أو مستمدة من الأعراف.
- تشمل هذه الحقوق الحق في الخصوصية، الحق في التعويض، الحق في الاحتجاج السلمي، والحق في الوصول إلى العدالة.
- يشمل ذلك أيضًا حقوق التنقل والحماية المتساوية.
- على الرغم من انضمام مصر إلى العديد من المعاهدات الدولية، إلا أن تطبيق هذه المعاهدات لا يحدث بشكل كامل.
- عانت مصر من انتهاكات حقوق الإنسان منذ ثورة 23 يوليو، وقد اتسمت فترة حكم جمال عبد الناصر بممارسات قمعية.
- استمر هذا الوضع في ظل قانون الطوارئ، مما أدى إلى تركيز الأجهزة الأمنية على الشؤون الداخلية.
- تزداد هذه الانتهاكات حدة في حال تحرك الشارع، كما ظهرت خلال حركات مختلفة مثل حركة 18 و19 يناير 1977.
- في سياق التسعينيات، تم تطبيق مزيد من الإجراءات القمعية ضد الحركات الجهادية، وزادت حالات التعذيب خلال فترة حكم مبارك.
- عرف جهاز أمن الدولة بحالات التعذيب، وكان الحوادث الشهيرة مثل خالد سعيد وسيد بلال من العوامل التي أدت إلى اندلاع ثورة 25 يناير، التي كانت أحد مطالبها إيقاف التعذيب.
- استمرت الانتهاكات بعد الثورة، حيث شهد عام 2011 حالات متعددة مثل ما حدث في 9 مارس داخل المتحف المصري.
- فتح المجلس العسكري باب محاكمة المدنيين عسكريًا، مما أدى إلى انتهاكات لحقوق المتهمين خلال التحقيق معهم.
المشاكل والتحليل حول الحقوق المدنية والسياسية
- تعددت التساؤلات حول الحدود التي يتعين على الحكومة عدم تجاوزها فيما يتعلق بحماية حقوق الأفراد.
- كما طرحت أسئلة حول كيفية معالجة التمييز الوظيفي وتأثيره على الخدمات العامة والخاصة.
- تتعامل هذه القضايا ضمن إطار النظرية السياسية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية.
الجيل الأول من الحقوق
- يعرف الجيل الأول من الحقوق أيضًا بالحقوق الأرجوانية، حيث يركز على الحريات والمشاركة في الحياة السياسية.
- تتمتع هذه الحقوق بالطابع الفردي، مما يحمي المواطنين من تدخلات الدولة وتتركز جولتها حول الحقوق المدنية والسياسية.
- تتضمن الحقوق الأساسية حق التعبير، حق المحاكمة العادلة، الحق في حيازة السلاح، وحق الانتخاب.
- ساهمت وثيقة حقوق الولايات المتحدة وحقوق الإنسان والمواطن في القرن الثامن عشر في تأسيس هذه الحقوق.
- ترتبط هذه الحقوق بما يسمى الوثيقة العظمى عام 1215، ووثيقة حقوق الإنسان الإنجليزية عام 1689.
- استحقت هذه الحقوق مكانة عالمية في البندين 3 و21 من إعلان حقوق الإنسان العالمي عام 1948، وتابع الاعتراف بها في وثيقة عام 1966 للحقوق المدنية والسياسية.
- تجسدت هذه الحقوق في اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية عام 1953، حيث شكلت نضالًا للحصول على العدالة الاجتماعية، خاصة للمواطنين السود في الولايات المتحدة.
- تم تعديل الدستور الأمريكي عام 1868 لحماية حقوق السود، مما شكل قاعدة أساسية للحقوق المدنية.
