بالطبع، يعتبر النمو السليم للطفل أحد العوامل الأساسية لتكوين شخصيات ناضجة تسهم بإيجابية في المجتمع، مما يؤكد أهمية التنمية الصحية والنفسية المناسبة منذ الصغر.
تعتبر التربية النفسية المتوازنة هي الطريق الذي يرشد الطفل نحو مستقبل آمن، خاصةً خلال السنوات الخمس الأولى من حياته، وهو ما أكدته الدراسات في علم نفس الطفولة.
الطفولة المبكرة وفقًا لعلم النفس
تشير الطفولة المبكرة في علم النفس إلى المرحلة التي تسبق بداية التعليم المدرسي، ويمتد نطاقها من نهاية فترة الرضاعة حتى الدخول إلى المدرسة الابتدائية.
يمكن تقسيم هذه المرحلة إلى قسمين فرعيين: مرحلة الحضانة التي تغطي من عمر سنتين إلى أربع سنوات، ومرحلة الروضة من عمر أربع سنوات حتى ست سنوات.
تتميز مرحلة الطفولة المبكرة بعدد من الخصائص، منها:
- استمرار النمو بوتيرة سريعة ولكن أبطأ من المرحلة السابقة.
- زيادة حركة الطفل ورغبة الاستكشاف للبيئة المحيطة.
- تحسين التوازن الفيزيولوجي والقدرة على التحكم في الإخراج.
- بداية التمييز بين الصواب والخطأ والخير والشر.
- ظهور الذات وتكوين الهوية الشخصية.
يجب أن نولي اهتمامًا خاصًا للأطفال خلال هذه المرحلة، حيث تترك الخبرات الاجتماعية والعقلية والنفسية واللغوية أثرًا عميقًا في تشكيل شخصياتهم.
السنوات الأولى في حياة الطفل
تشكل السنوات الأولى من عمر الطفل، وخصوصًا من لحظة الولادة حتى السنة الثالثة، فترة حاسمة في نموه.
خلال هذه الفترة، يحتاج الطفل إلى تغذية سليمة، ووقاية، وتحفيز ملائم لضمان نمو سليم للدماغ والجسم.
تأكدت الأبحاث أن أدمغة الأطفال تتشكل خلال هذه الفترة بمعدل مذهل يعادل أكثر من مليون اتصال عصبي في الثانية الواحدة، وهي وتيرة لا تتكرر لاحقًا، وفقًا لمركز نمو الأطفال في جامعة هارفارد. تتشكل هذه الوصلات العصبية نتيجة تفاعل الجينات مع الخبرات الحياتية.
وعليه، تظل الأسس الأساسية للنمو السليم متعلقة بالتغذية الجيدة، والوقاية، والتحفيز من خلال التفاعل اللغوي واللعب، مما يساهم في إنشاء قاعدة قوية لنمو الطفل.
جوانب النمو خلال الطفولة المبكرة
تشمل جوانب النمو في مرحلة الطفولة المبكرة عدة نقاط هامة:
النمو الجسدي والحركي
- يزيد وزن الطفل إلى أن يصبح سبع أضعاف وزنه عند الولادة، نتيجة لنمو العضلات، والعظام، والأسنان، وتحسن الجهاز العصبي بحلول عمر ثلاث سنوات.
- يبدأ الطفل في تعلم المشي والجري، والقفز، واستخدام الملعقة، والاستجابة للإرشادات الأسرية.
النمو العقلي المعرفي
- يمتاز الطفل في هذه المرحلة بالتفكير البسيط والتركيز على جانب واحد من الموضوعات المقدمة له.
النمو النفسي
- يمكن تقسيم الأطفال في هذه المرحلة إلى قسمين: الأول يتعلق بتطور شعورهم بالمبادئ نتيجة استكشاف العالم، والآخر يتضمن شعورهم بالذنب الناجم عن الاعتماد الكبير على الأهل.
النمو الاجتماعي
- يبدأ الطفل في التفاعل مع بيئات جديدة، والابتعاد تدريجيًا عن الأم، مما يسهل له اللعب مع الآخرين وبناء علاقات اجتماعية.
الجوانب النفسية
- تشهد مرحلة الطفولة المبكرة تطورًا في الانفعالات، حيث تكون هذه الانفعالات مرتفعة، مما يعني وجود حالة من عدم التوازن العاطفي.
بعض العوامل السلبية المؤثرة على نمو الطفل
هناك عدد من العوامل التي قد تؤثر على حصول الطفل على احتياجاته من التغذية، والوقاية، والدعم، مما يؤدي إلى تأخر النمو.
من هذه العوامل المؤثرة:
- غالبًا ما يعاني الأطفال المحرومون من أقل فرص الحصول على التغذية اللازمة للنمو السليم.
- يمكن أن تؤدي بعض العوامل البيولوجية إلى إجهاد يؤثر سلبًا على نمو الدماغ.
- تؤدي هذه العوامل إلى مشاكل سلوكية وصحية في مرحلة البلوغ.
- يواجه الأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاع مخاطر تهدد حياتهم وصحتهم.
- قد يؤدي الإهمال في متابعة متطلبات النمو إلى تأثيرات سلبية على صحة الطفل وسعادته، مما يؤثر لاحقًا على سلوكهم في مراحل البلوغ.
العوامل المؤثرة على نمو الدماغ
تؤثر مجموعة من الظروف على نمو الطفل، سواء من الناحية الجسدية أو النفسية أو العصبية.
إليك بعض من هذه العوامل:
- يؤدي الفقر إلى سوء التغذية خلال مرحلة الطفولة، مما يتسبب في تأخر النمو. أظهرت الدراسات أن الفقر يؤثر على طفل واحد من بين كل أربعة أطفال دون سن الخامسة.
- يمكن أن تؤثر أساليب التأديب العنيفة على نمو الطفل، حيث أظهرت الإحصائيات أن نحو 70% من الأطفال بين سن الثانية والرابعة يتعرضون للعنف الجسدي أو اللفظي.
- تؤثر الظواهر الاجتماعية السلبية على أكثر من 300 مليون طفل حول العالم.
- تؤدي ضعف ظروف المعيشة في بعض المناطق إلى انتكاسات مبكرة في نمو الأطفال وسلوكياتهم في المراحل اللاحقة.
- تعتبر قلة خدمات الرعاية الصحية عاملًا مؤثرًا في ضعف نمو الطفل، مما ينتج عنه أطفال ذوي بنية صحية هشة تؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني مستقبلًا.
مطالب وحاجات النمو في مرحلة الطفولة المبكرة
هناك مجموعة من المهام والاحتياجات الأساسية التي يجب على الأطفال تعلمها في مرحلة الطفولة المبكرة، من أبرزها:
- تطوير المهارات الحركية الأساسية اللازمة للعب والأنشطة.
- تعلم المشي.
- فهم أساسيات القراءة والكتابة وبعض العمليات الحسابية البسيطة.
- تعلم الحماية الشخصية.
- استخدام الجسم والعضلات بشكل فعّال.
- التقليل من الاعتماد على الآخرين في التحكم في الإخراج.
- التفريق بين الجنسين.
- تعليم أساسيات الأمان والسلامة.
- تعزيز الخطوات نحو الاستقلالية الشخصية.
- تكوين فهم أساسي للواقع الاجتماعي.
- تعلم كيفية التحكم في العواطف والحالة النفسية.
كيفية اكتشاف تأخر النمو
هناك العديد من العلامات التي ينبغي على المشرفين على الأطفال دون الخامسة ملاحظتها، وذلك لضمان نمو الطفل بشكل سليم في جميع الجوانب.
تكون الأم هي الأكثر مسؤولية عن ملاحظة أية علامات تدل على تأخر النمو. تشمل هذه العلامات:
- مراقبة تطورات نمو الطفل ومقارنة معدلاته بمعايير منظمات الصحة.
- ملاحظة أي تأخير في النمو مقارنة بالتوقعات الطبيعية.
- تجنب التصرفات غير المناسبة.
- الحرص على التفاعل الإيجابي والفعّال.
- التدخل المناسب عند كشف أي خلل في نمو الطفل.
- تطوير برامج فردية مخصصة للمشكلات التي تحتاج إلى تدخّل.
يوصى الأمهات بعدم التردد في استشارة المتخصصين في الصحة النفسية والنمو عند الشك في وجود أي تأخر في نمو الطفل.
توفر هذه المراكز والعيادات أفضل العلاجات والارشادات للأهل لضمان النمو الصحي والمتوازن للطفل، وهو ما يؤثر بشكل إيجابي على حياته في المجتمع مستقبلاً.