ما هي الكفالة؟
تُعرف الكفالة في اللغة بأنها التزام أو ضمّ، حيث تعني “كفله” ضمانه، وبالتالي تكون الكفالة تعبيرًا عن الضمانة والقيادة. أما من الناحية الشرعية، فتُفهم الكفالة على أنها ضم ذمة الشخص الضامن إلى ذمة الشخص المضمون عنه في حالة الدين، وهذا هو رأي غالبية فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة.
لا يُعتبر الشخص كفيلاً إلا إذا توافرت فيه مجموعة من الشروط الأساسية التي تشمل: العقل، حيث لا تُقبل الكفالة من المجنون، والبلوغ، إذ لا يُعتد بكفالة الصبي، إضافة إلى الحرية؛ فلا يمكن للعبد أن يكون كفيلاً. كما يُشترط أن يكون الكفيل مُلكًا أمره وحراً، وأن يكون الرضا متوفرًا، حيث لا يمكن فرض الكفالة على أي شخص بالقوة.
أنواع الكفالة
هناك أربعة أنواع رئيسية من الكفالة كما ذكرها العلماء، ويمكن أن يُلزم الكفيل بها إذا توفرت فيه شروط معينة:
- الكفالة بالنفس
تتعلق هذه النوعية بالتزام الكفيل بإحضار المدين لدى حلول وقت سداد الدين، وبعد ذلك يُعفى الكفيل. لذا يُطلق عليها أيضًا الكفالة الحضورية، ولكن لا يجوز القيام بها وفقًا لرأي عدد كبير من العلماء إذا كانت تتعلق بمعاصٍ معينة مثل: حد شرب الخمر أو الزنا، أو الحقوق المتعلقة بأفراد، كحد القذف.
- الكفالة بأداء المال
يطلق عليها الشرع “الضمان” أو “الكفالة الغرمية”، حيث يلتزم الكفيل بالتزام مالي نتيجة لهذه الكفالة.
يُروى عن سلمة بن الأكوع، أنه قال: (كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ أُتِيَ بجَنَازَةٍ، فَقالوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقالَ: هلْ عليه دَيْنٌ؟، قالوا: لَا، قالَ: فَهلْ تَرَكَ شيئًا؟، قالوا: لَا، فَصَلَّى عليه، ثُمَّ أُتِيَ بجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا، قالَ: هلْ عليه دَيْنٌ؟ قيلَ: نَعَمْ، قالَ: فَهلْ تَرَكَ شيئًا؟، قالوا: ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بالثَّالِثَةِ، فَقالوا: صَلِّ عَلَيْهَا، قالَ: هلْ تَرَكَ شيئًا؟، قالوا: لَا، قالَ: فَهلْ عليه دَيْنٌ؟، قالوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، قالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، قالَ أَبُو قَتَادَةَ صَلِّ عليه يا رَسولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عليه).
- الكفالة بالعين
يتعلق الأمر في هذا النوع بأن يقوم الكفيل بكفالة تسليم شيء لمستحقه، حيث يُطالب بتسليم هذا الشيء إذا كان بحالة سليمة، وفي حال تضرره أو هلاكه، يصبح الكفيل مسؤولًا عن تغطيته بقيمته. تنتهي الكفالة من خلال تسليم العين إلى صاحبها، أو بإعفاء الكفيل بناءً على تصريح صاحب الحق.
- الكفالة بالدرك
تشير إلى ما يخص إدراك المال المبيع والتعرض لمخاطر ماضية قبل البيع، وتعمل كضمان للحق المترتب للمشتري في حالة وجود مستحق للمبيع، كما لو تبين أن المبيع كان مملوكًا أو مرهونًا لجهة أخرى غير البائع.
أدلة مشروعية الكفالة
تتعدد الأدلة على مشروعية الكفالة، ومنها ما يلي:
- القرآن الكريم: قوله تعالى: (وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ)، حيث يُفهم معنى “الزعيم” في السياق على أنه الكفيل.
- السنة النبوية: حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (الزَّعيمُ غارمٌ).
- الإجماع: حيث اتفق العلماء على جواز وجود الكفالة.