موقع استقرار سفينة نوح
تشير آيات القرآن الكريم إلى استقرار سفينة نوح بعد الطوفان، حيث قال الله تعالى: (وَقيلَ يا أَرضُ ابلَعي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقلِعي وَغيضَ الماءُ وَقُضِيَ الأَمرُ وَاستَوَت عَلَى الجودِيِّ وَقيلَ بُعدًا لِلقَومِ الظّالِمينَ). وقد تنوعت آراء المفسرين بشأن موقع الجودي، فقد قيل إنه جبل يقع بالقرب من مدينة الموصل، بينما أشار آخرون إلى أنه يقع في منطقة الكوفة، كما تردد أنه يوجد جبل بهذا الاسم في منطقة تابعة لتركيا قرب الحدود العراقية السورية.
حقائق حول سفينة نوح
سبب بناء السفينة
بعث الله -سبحانه وتعالى- نوحًا -عليه السلام- إلى قومه ليهديهم إلى عبادة الله وحده بعد أن انحرفوا لعبادة الأصنام التي صنعوها تيمناً بأشخاص صالحين كانوا يعيشون بينهم، ومن ضمن هؤلاء الأصنام: يغوث ويعوق ونسرًا. بذل نوحٌ -عليه السلام- جهودًا كبيرة لدعوة قومه على مدى ألف سنة إلا خمسين عامًا، ولكن كلما زاد في دعوته، زاد عناد قومه واستكبارهم، حيث اتهموه أحيانًا بالسحر وأحيانًا أخرى بالكذب، وتجاهلوا دعوته قائلين إن المؤمنين معه هم من الضعفاء فقط، وطالبوه بطردهم، كما جاء في قوله تعالى: (فَقالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ ما نَراكَ إِلّا بَشَرًا مِثلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذينَ هُم أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأيِ وَما نَرى لَكُم عَلَينا مِن فَضلٍ بَل نَظُنُّكُم كاذِبينَ).
استمر نوح -عليه السلام- في دعوة قومه، لكن لم يُؤمن معه سوى القلة منهم، في حين استمر باقي القوم في تعنتهم وكراهيتهم له. أخيرًا، وصل الأمر بهم إلى أن طالبوه بإحضار العذاب الذي حذرهم منه، كما ورد في قوله تعالى: (قالوا يا نوحُ قَد جادَلتَنا فَأَكثَرتَ جِدالَنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ). وعبر نوحٌ -عليه السلام- إلى الله تعالى عن شكواه من قومه الذين كانوا يعارضون دعوته، فقال: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا).
ثم أوحى الله تعالى إلى نبيّه نوح -عليه السلام- أنه لن يؤمن من قومه إلا القلة التي آمنت معه، وأمره ببدء بناء السفينة، حيث قال الله تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ* وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ). فبدأ نوحٌ -عليه السلام- بإعداد السفينة، وعندما شاهده قومه، سخروا منه، لأنه كان يصنع السفينة في أرض جافة دون وجود بحر.
طوفان نوح ونجاة السفينة
أمر الله تعالى نوحًا -عليه السلام- بأنه عند رؤية الماء يغمر الأرض، ينبغي عليه أن يركب السفينة مع من آمن معه، ويأخذ معه من كل نوع من الحيوانات زوجين. بدأت الأرض تغمر بالمياه والسماء تمطر بغزارة، ثم همّ نوحٌ -عليه السلام- بالصعود إلى السفينة، حيث جرفتهم الأمواج، بينما أغرق الله تعالى الكافرين. ثم أمر الله الأرض أن تبتلع المياه، وأمر السماء بالتوقف عن المطر، واستقرت سفينة نوح -عليه السلام- بسلام على جبل الجودي.