لقد ظهر مفهوم القصيدة النثرية في الأدب العربي عام 1960م، ويهدف إلى استكشاف القيم الشعرية الكامنة في لغة النثر. من خلال موقعنا، نقدم لكم اليوم مقالاً يتناول القصيدة النثرية وإشكالياتها، بالإضافة إلى الفروق بينها وبين الشعر العربي التقليدي.
تعريف القصيدة النثرية
- يشير مصطلح القصيدة النثرية إلى نوع أدبي جديد يُستخدم لاستكشاف القيم الشعرية في النثر.
- ويسعى إلى خلق بيئة مناسبة للتعبير عن المعاناة والتجارب الإنسانية، من خلال تضمين صور شعرية مبتكرة تجمع بين الشفافية والكثافة.
- تتمثل أهمية القصيدة النثرية في قدرتها على تعويض نقص الوزن والقافية الموجودة في الشعر التقليدي.
القصيدة النثرية وإشكالياتها
- تسعى القصيدة النثرية إلى التحرر من قيود نظام العروض حيث تتخلص من الالتزام بقواعد الشعر التقليدي.
- عرف بعض النقاد القصيدة النثرية بأنها نص هجيني ينفتح على السرد والشعر والنثر الفني.
- تفتقر هذه القصيدة إلى البنية الصوتية الكمية المنظمة، ولها إيقاع داخلي فريد لا يعتمد على الانتظام.
- يمكن ملاحظتها من خلال توزيع علامات الترقيم والبنية الدلالية المستندة على التضاد.
ظهور حركة القصيدة النثرية
- بدأت حركة القصيدة النثرية في عام 1954م، مع صدور مجموعة شعرية للشاعر الفلسطيني توفيق صايغ بعنوان “ثلاثون قصيدة”.
- وشمل رواد هذه الحركة حوالي 14 شاعراً، من بينهم أنسي الحاج، محمد الماغوط، توفيق الصايغ، وأدونيس.
خصائص القصيدة النثرية وإشكالياتها
- تتميز القصيدة النثرية بأنها خالية من الوزن والقافية.
- لا تحتوي على المحسنات البديعية مما يمنحها حرية التعبير وفق أسلوب الشاعر الخاص.
- القوافي في نهاية السطور والجمل تبقى ساكنة دون حركات.
- يمكن قراءة نصوص القصيدة دون الالتزام بالحركات، مما يعمم السكون على النص بأكمله.
- قد تكون معقدة وصعبة الفهم، مما يتطلب من القارئ التمهل والتأمل أثناء القراءة.
- تقبل القصيدة النثرية التعديل، وقد وُصفت بكونها تتسم بأسلوب مرن.
- يعود تاريخ القصيدة النثرية إلى آلاف السنين، مما يضفي عليها عمقاً تاريخياً.
الفروق بين القصيدة النثرية والشعر الحر
من خلال هذا المقال، نوضح أن هناك خلطاً بين مصطلحي القصيدة النثرية والشعر الحر منذ بداية ظهور القصيدة النثرية.
يُعتبر مصطلح “قصيدة النثر” محور جدل واسع بين الباحثين والنقاد، حيث أصبح البعض يتداخل بين القصيدتين.
على الرغم من ذلك، يُعتبر هذان الأسلوبان مختلفين، ولديهما عدد من الفروق المهمة، من بينها:
- تعتمد القصيدة النثرية على موضوعاتها ومحتواها، بينما الشعر الحر يتطلب وجود نص مكتوب، بلا أي تأثير شفهي.
- القصيدة النثرية تفتقر إلى التقطيع، بينما الشعر الحر يتطلب التزاماً بالقواعد الشعرية ووجود فراغات في الأبيات.
- تعد القصيدة النثرية نصاً مفتوحاً قادراً على التفاعل مع أنواع أدبية مختلفة.
كتابات الشاعر عز الدين المناصرة حول القصيدة النثرية وإشكالياتها
- تحظى كتابات الشاعر عز الدين المناصرة حول القصيدة النثرية وأزماتها بأهمية كبيرة.
- تعود أهميتها إلى أنه قام بتجربة كتابة هذا النوع من الأدب منذ منتصف الستينيات.
- في عام 1969، نشر قصيدة نثرية شهيرة بعنوان “مذكرات البحر الميت”.
- أصدر مجموعة شعري تحت عنوان “كنعانية” في عام 1983، لكن بدا أنه ظل قلقاً بشأن هذا النوع الأدبي.
- في كتابه الذي يحمل نفس الاسم، وصف القصيدة النثرية بأنها “جنس كتابي خنثى”.
- ومع ذلك، أطلق عليها وصف “نص مفتوح يعبر الأنواع”.
- كانت كتاباته تظهر إشكاليات القصيدة النثرية ولا تزال تعبر عن هذا الموضوع.
القراءات النقدية لكتابات الشاعر عز الدين المناصرة
- وصف محمد ناصر الخوالدة العمل الذي أنجزه الشاعر بأنه “الأهم في مجاله بين الكتابات الأدبية العربية”.
- أضاف أن المناصرة كان ذكياً في دعمه لشرعية القصيدة النثرية، مما حولها إلى موضوع جدال.
- وتلقى نظريته حول “الجنس الأدبي المستقل” استقبالاً من النقاد العرب منذ عام 1997.
- يمكن التعاطي مع كتاب المناصرة الأخير بطريقة مشابهة لكتاب نازك الملائكة أو أدونيس، من حيث الفاعلية، بعيداً عن الإنكار والجمود.
- خصص المناصرة الفصل الأول من كتابه لمناقشة إشكاليات القصيدة النثرية، بدءاً من القضايا المتعلقة بالتسمية والتاريخ.
- تناول كتاب “سوزان برنار” المعروف بـ “قصيدة النثر من بودلير إلى زمننا” ورؤية عدد من النقاد المشاركين.
- تخلل ذلك تحليله لنظرية بول شاؤول المطروحة في الثمانينيات والتسعينيات.
- وفي نهاية الفصل، استعرض دراسة أحمد بزون المتعلقة بالقصيدة النثرية العربية.
آراء النقاد في إشكاليات القصيدة النثرية
- أوضح الناقد المغربي نجيب العوفي أن القصيدة النثرية نشأت من رحم قصيدة التفعيلة.
- بينما أكد الناقد السعودي الدكتور محمد مريسي الحارثي أن القصيدة النثرية تبقى ضمن إطار النثر.
- وصفها الشاعر زهير أبو شايب بأنها تتميز “بالكتابة البرزخية”.
- يعتبر الشاعر حكمت النوايسة أنها جنس نثري مستقل، بينما يرى الباحث اللبناني د. عبد المجيد زراقط أن لها مرجعية فرنسية.
- في حين يصفها الشاعر العراقي شاكر لعيبي كنوع شعري مخادع.
- أشار كاتب القصيدة النثرية العراقي رسول عدنان إلى أن الشعر بدأ من القصيد النثري، مما يؤكد عودته الحالية إلى جذوره.
- بينما يؤكد الباحث الجزائري الدكتور حبيب مونسي أن “النثيرة” ليست شعراً، وليست بديلاً عنه.
- عبر كاتب القصيدة النثرية التونسي حاتم النقاطي عن أن القصيدة النثرية تظل نوعاً من الكتابة الإبداعية، فيما دعا الشاعر السوري محمد عبد المولى للانضمام إلى النثر “العظيم”.
معلومات حول القصيدة النثرية وإشكالياتها
- استمرت الإجابات حول قصيدة النثر في التباين بين الدقة والشمولية، وقد توصل الشاعر عز الدين مناصرة لعدة نتائج.
- أهمها أن النثر الشعري أو الشعر المنثور كان له دور في ظهور قصيدة النثر منذ بداية الخمسينيات.
- صدرت مجموعة “ثلاثون قصيدة” للأديب توفيق صايغ عام 1954، مما أثر بشكل كبير على تطور القصيدة.
- كما أثر ترجمة الكتاب المقدس على تجليات القصيدة النثرية.
- تضمنت كذلك النصوص الكنعانية والمصرية والكتابات الصوفية وملحمة جلجامش، بالإضافة لترجمات قصيدة النثر الفرنسية والشعر الأوروكي.
- استطاعت القصيدة النثرية أن تتشكل من وحدات السطر والفقرة، حتى وصلت في التسعينيات إلى درجات عالية من الشاعرية.
- تمكنت القصيدة من الوصول إلى ما يعرف بـ “النص المفتوح” و”الكتابة الحرة”.
مراحل القصيدة النثرية وإشكالياتها
- أما بالنسبة لموضوع التجنيس، فقد توسعت القصيدة النثرية من حيث النوع والكم.
- أصبحت تشكل ظاهرة تميل نحو الاستقلال عن الفهم التقليدي لكل من الشعر والنثر.
- في ذلك الوقت، حاولت الجمع بين الشعر والسرد، مما يجعل مواصفات “سوزان برنار” أقل حضوراً في تلك النصوص.
- لا يُعتبر وجود الشعور محوري، حيث تضعف الكثافة السردية وتختفي التوترات الشعرية مع تبرد اللغة.
- ومع تداخل الأنواع، تمكنت القصيدة النثرية من تشكيل نص يجمع بين الأنماط الأدبية.
- وقد أشار المناصرة إلى أن القصيدة النثرية لم تُعترف بها نقدياً خلال الخمسين سنة الماضية، مما خلق تناقض في الفهم.
- ومع ذلك، اكتسبت القصيدة شرعيتها من خلال تنوع وكمية المنجزات النصية في بعض الأحيان.