أنواع المعاصي وأثرها

أهمية الأعمال الصالحة عند الله

خلق الله -عز وجل- الموت والحياة ليختبر عباده أيهم أحسن عملاً، ووهب لهم عقولًا يميزون بها بين ما ينفعهم وما يضرهم. فإذا قصر الإنسان في استخدام عقله، فقد يضلّ ويعاني في دنياه وآخرته. وقد أكد الله -سبحانه وتعالى- على علمه ودرايته بحركات وسكنات عباده، فهو خبير بصير سميع، يُحصي الأعمال بدقة ويتولى مراقبتها، حيث قال في كتابه العزيز: (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ). كما أرسل الله -تعالى- ملائكة لكتابة أعمال البشر وإحصائها، وعند وفاة الإنسان تُطوى صحيفته التي تُعد سجلًا لأعماله وتبقى معه في قبره حتى يوم البعث، حيث تُنشر الصحف ويصبح الإنسان حسيباً لنفسه. فإن كان قد عمل وفق تعاليم الدين، عُوفي في دنياه وآخرته، أما من انشغل بالشهوات وتخلّى عن الطاعات، فقد أفسد دنياه وآخرته.

تُعرض أعمال العباد على الله -تعالى- مرتين يوميًا، مرة في النهار ومرة في الليل، كما جاء في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يُرفعَ إليه عملُ الليلِ قبلَ عملِ النهارِ، وعملُ النهارِ قبلَ عملِ الليلِ). وتُعرض أيضًا مرتين أسبوعيًا، في يومي الاثنين والخميس. وكان السلف الصالح يحرصون على هذه اللحظات العظيمة؛ حيث بكى إبراهيم النخعي في يوم الخميس مع زوجته، نظراً لأنهما كانا يدركان أن أعمالهما تعرض على رب العباد -عز وجل-. وتعقد كذلك دورة أخرى لعرض الأعمال سنويًا في شهر شعبان. وقد أوضح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبب كثرة صيامه في هذا الشهر بقوله: (هو شهرٌ تُرفَعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، وأُحِبُّ أن يُرفَعَ عملي وأنا صائمٌ). لكل من هذه العروض حكمتها وعبرتها، مما يدل على دقة تنظيم الله وعدالته.

أنواع المعاصي

تُعتبر المعاصي بمختلف أشكالها مخالفة لطاعة الله -تعالى- وعصيان لأمره، ولكنها تتفاوت في مراتبها مما يجعلها تتنوع إلى درجات وأقسام عديدة، نعرضها كما يلي:

  • أولاً: الكفر بالله، وهو أخطر أنواع الذنوب على الإطلاق، حيث أخبر الله تعالى أن من يلقى به يوم القيامة، وهو مشرك، فلن تُغفر له؛ بل مصيره جهنم. قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِ‌كْ بِاللَّـهِ فَقَدْ حَرَّ‌مَ اللَّـهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ‌ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ‌).
  • ثانياً: البدع التي رغم أنها لا تصل حد الكفر، إلا أنها تُعتبر من الذنوب الخطيرة. فالمبتدع يدّعي على الله -عز وجل- ما ليس لديه به علم، وهذا الموقف يقربه من الشرك. حيث قال تعالى: (وَأَن تُشْرِ‌كُوا بِاللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
  • ثالثاً: المعاصي بمختلف أشكالها، سواء كانت معاصٍ قلبية مثل الحسد أو ظاهرة كسرقة أو عقوق الوالدين. تُقسم المعاصي إلى نوعين:
    • الكبائر: تشمل كل ذنب يُترتب عليه حد أو يتبع بلعنة أو غضب أو نار. وهذه الذنوب تحتاج إلى توبة نصوح، وعند لقاء الله بها يكون مصيرها وفق مشيئته -سبحانه- إما مغفرة وإما عذاب.
    • الصغائر: تبقى كذلك ما لم تبلغ حد الكبائر، مثل النظر المحرم إلى النساء، والتي وصفها الله -عز وجل- في القرآن الكريم باللمم: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ‌ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ). وقد منح الله -عز وجل- سُبل تكفيرها بكثرة، مما يدل على رحمته بعباده، ومن سُبل تكفيرها اجتناب الكبائر وممارسة الأعمال الصالحة. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا).

طرق مساعدة على التوبة من الذنوب

لكي يتوب الإنسان عن ذنوبه، يحتاج إلى بعض الأسباب التي تعينه على ذلك، ومنها:

  • استشعار مدى خطورة الذنوب وتأثيرها السلبي على حياته في الدنيا والآخرة.
  • جهاد النفس لتصحيح المسار واتباع أوامر الله وترك ما نُهي عنه.
  • التفكر في الموت وفكرته في الذهن، مما يحفز على التوبة.
  • تذكر رحمة الله وسعة مغفرته، وأنه يغفر جميع الذنوب.
  • السعي لرفقة صالحة وترك أصحاب السوء.
  • الإلحاح في الدعاء لله -عز وجل- بالثبات على الطاعة والنجاة من السيئات.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *