وصف الجنة في القرآن الكريم
لقد بشر الله -عز وجل- المؤمنين بجزائه الحسن وثوابهم في الآخرة، حيث وعدهم بالجنة وما فيها من نعيم. وقد قدم الله لنا تصورات عن الجنة من خلال الأمثال والتشبيهات، بهدف تحفيز المسلمين على فعل الخير، واتباع أوامره، وتجنب نواهيه. لذا نجد أن القرآن الكريم يتناول أيضاً موضوع الجزاء والثواب، إلى جانب ما تناولته من ذكر ووعيد.
وذلك لكي تُخفف على المؤمنين أعباء الدنيا، ولتكون لديهم الأولوية للأخرة، حيث إن الجنة هي مكان متجدد من النعيم، الذي لا ينتهي، ويعيش فيه المؤمنون في سعادة دائمة. يتمتعون بجميع أنواع النعم من طعام وشراب وملابس ومسكن، ويعيشون في أجواء من الصفاء والطمأنينة، فهو نعيم لا يمكن حسابه، أبدي ولا ينقطع. فداخل الجنة لا يوجد موت، ولا حتى نوم.
لأوصاف الجنة في القرآن الكريم نذكر ما يلي:
الجنة فريدة من نوعها
إن ما نقرأه من أوصاف الجنة هو جزء يسير من كنه نعيمها؛ فأنفسنا وعقولنا تحدها المحدودية. ذكر الله ما يمكن إدراكه وفهمه بناءً على ما فيه من تجارب عالمنا، ولكن الجنة هي أعظم وأجمل بكثير من ذلك. وكما ورد في القرآن الكريم: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
أبواب الجنة
تشير الآيات الكريمة إلى أن الجنة تحتوي على أبواب يدخل المؤمنون من خلالها، وكذا الملائكة التي تلقي التحية على أهلها. وقد ورد في السنة النبوية أن عدد هذه الأبواب هو ثمانية. ومن الآيات التي تذكر أبواب الجنة:
- (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ).
- (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ).
- (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ).
أنهار وعيون الجنة
تصف الآيات الكريمة نعيم الجنة، حيث تشير إلى عيونها وأنهارها. تناولت كيف يكون شراب أهل الجنة، الذي قد يكون صافياً أو ممزوجاً بأطيب النكهات. ومن بين العيون التي ورد ذكرها في القرآن الكريم:
- عين الكافور، قال -تعالى-: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا* عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا).
- عين التسنيم، قال -تعالى-: (يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ* خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ* وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ* عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ).
- عين السلسبيل، قال -تعالى-: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا*عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا).
أما أنهار الجنة، فإنها ليست مجرد أنهار من الماء، بل تشمل أنهاراً من الماء، واللبن، والعسل، والخمر، التي تختلف عن خمر الدنيا، حيث قال -تعالى-: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ).
وليس لهذه الأنهار مكان محدد بعيد، بل تجري تحت أهل الجنة، كما قال -تعالى-: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ). ومنحه الله سبحانه وتعالى نهر الكوثر، وهو أحد أنهار الجنة، كما ذكر في قوله -تعالى-: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ).