السمات الفنية للمقامة البغدادية

شخصيات المقامة البغدادية

  • عيسى بن هشام: تُعتبر هذه الشخصية أحد الأبطال الرئيسيين في المقامة، حيث يُظهر جوانب من المخادعة، مما يعكس الجانب السلبي من الشخصية.
  • السوادي: شخصية محورية في القصة، ورغم أن طيبته أدت إلى وقوعه في فخ عيسى، إلا أنه يجسد أيضًا صفات الغباء والجشع.
  • الشواء: شخصية ثانوية تعكس جانب العقاب، إذ يُلزم السوادي بدفع المال.
  • السقاء: ظهور هذا الشخص في المقامة يعكس حيلة عيسى للهروب من السوادي.

نبذة عن المقامة البغدادية

  • مؤلف المقامة البغدادية هو الهمزاني، المعروف أيضًا بأحمد بن الحسين ولقب بـ”بديع الزمان”، وقد أُطلق عليه هذا الاسم نسبةً إلى بلدته همزان في العراق.
  • الدافع وراء تأليف الهمزاني لهذه المقامة كان الحاجة المالية، حيث شهدت تلك الحقبة اضطرابات سياسية واجتماعية واقتصادية، مما أثّر بشكل ملحوظ على كتاباته.
  • يقول الهمزاني في المقامة: “حَدَّثَنَا عِيَسى بْنُ هِشَامٍ قَالَ:
    • اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأنا ببغداد، وليس معي عقد على نقد، فخرجت أنتظر الفرصة حتى وصلت إلى الكرخ، فإذا أنا بالسوادي يسوق حماره بجهد، ويوطئ بإزاره، فقلت له:
    • ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ، مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى وَافَيْتَ؟ وَهَلُمَّ إِلَى البَيْتِ، فَقَالَ السُّوَادِيُ: لَسْتُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَلَكِنِّي أَبُو عُبَيْدٍ”.
  • الأزاد هو نوع من التمر الفاخر، والكرخ هو حي في بغداد، بينما دفنته تُمثل بقايا آثار الحضارات السابقة.
  • يبدأ الهمزاني سرد المقامة بتصوير حكاية عيسى، الذي يُحدثنا عن حدث وقع في أحد أسواق بغداد، وتحديدًا في منطقة الكرخ.
  • يعاني عيسى من الجوع ويبحث عن الطعام، وتدور أحداث المقامة حول سعيه للحصول على ما يسد جوعه.
  • تتعمق الأحداث عندما يلتقي عيسى بالشخص المدعو السوادي، الذي يظهر عليه الوداعة، مما يدفع عيسى لمحاولة استغلال طيبته بوسائل احتيالية.
  • تمثلت حيلته في التظاهر بمعرفة مرجعه في قوله:
    • هَلُمَّ إِلَى البَيْتِ نُعِدُ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ لِنَشْتَرِي شِواءً، فالسوق أقرب وطعامه ألذ، فاستفزت الشهية السوادي، ووقعت في شباكه، وثم أحضرنا شواءً يتساقط دهنه، وحضّرنا لوازم الوليمة.
  • خلال حديثه، يوهم عيسى السوادي بأنه يريد تكريمه ويطلب منه مرافقة إلى السوق لتناول وليمة شهية.
  • يوافق السوادي على العرض، ويتبع عيسى إلى مكان الوليمة حيث يطلب عيسى جميع أنواع الطعام والحلويات الفاخرة.
  • وقال: فَوَزَنَّا وَاجْتَمَعْنَا فِي الأَكَلة، ثمّ قُلتُ:
    • يَا أَبَا زَيْدٍ مَا أَحْوَجَنَا لِلْمَاءِ المثلج، لِيُطفئ هذه الحرارة، اجلس حتى أُحضر لك سقاء من الماء.
  • ثم خرجت وجلست في مكان يسمح لي بمشاهدته دون أن يراني، وعندما تأخر عيسى عن العودة، قام السوادي إلى حماره، مقتربًا من الشواء.
  • رد السوادي على الشواء حين سأله عن ثمن الطعام الذي تناوله، مشيرًا إلى أنه كان ضيفًا وطلب مستحقاته.
  • وبعد انتهاء الوليمة، كان عيسى قد وضع خطة للهرب وأخبر السوادي بأنه ذاهب لإحضار الماء بعد هذا العشاء الشهي.
  • ذهب عيسى واختبأ، وعندما همّ السوادي بالمغادرة، التقطه الشواء ليطالبه بدفع ثمن الطعام، وندب السوادي حظه على وقوعه في هذه الخدعة.
  • ومن ثم، أنشد عيسى بن هشام ما يلي:

أَعْمِلْ لِرِزْقِكَ كُلَّ آلهْ.

لاَ تَقْعُدَنَّ بِكُلِّ حالَهْ.

وَانْهَضْ بِكُلِّ عَظِـيَمةٍ.

فَالمَرْءُ يَعْجِزُ لاَ محالة.

  • تشير هذه النهاية إلى تدهور القيم الاجتماعية، حيث يتفاخر المخادع بما فعله رغم استغلاله لشاب طيب القلب.

للتعرف على المزيد، يمكنكم الاطلاع على:

الخصائص الفنية للمقامة البغدادية

  • من حيث المضمون: تسلط النصوص الأدبية الضوء على الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية في تلك الفترة، حيث تعكس صور متنوعة من حياة العامة.
  • من حيث الشكل: تتحقق المقامة من الإمتاع والتسلية، إذ تتميز بسردها الخيالي والشائق، بدأً من الحبكة وصولًا إلى ذروة الأحداث.

الأساليب البلاغية في المقامة البغدادية:

  • الشاهد: فَقُلْتُ: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ، هنا يبرز السوادي وكأنه فريسة قد ظفر بها، مما يظهر البراعة في اللغة والتنظيم الجيد.
  • الشاهد: يَذُوبُ كَالصَّمْغِ، قَبْلَ المَضْغِ، يصف الكاتب طعم اللوزينج وكأنها تذوب في الفم، مزودة بنمط سجع رائع.

المحسنات البديعية في المقامة البغدادية:

  • السجع: تجلى في تعابير (الأزاذ وبغداد)، (حمارة وإزاره)، (صيد وزيد) وغيرها، مُظهرًا توازنًا لفظيًا بين الفقرات.
  • الموازنة: بين (صيد وزيد وعبيد)، مما يُعزز المعنى ويدعمه.
  • الجناس: كما في (عقد ونقد)، يقدم الجناس الناقص كعنصر جمالي.
  • الطباق: يظهر في العمليات المتناقضة بين الجمع والفصل.
  • الاقتباس: (إنّا لله وإنّا إليه راجعون).
  • المقابلة: “أشيب كعهدي أم شاب بعدي؟”، تضيف لمسة جمالية ونمطًا مميزًا للغة.
  • التورية: في “فانحنى الشواء بساطوره على زبدة تنورة”، تحتوي على معاني متعددة.
  • الترادف: يُظهر التكرار، كما في (تتقاطر وتترادف).

الأفكار الرئيسية في المقامة البغدادية

  • الاحتيال والتسول: تدور حول شخصية عيسى بن هشام منذ لحظة شعوره بالجوع ورغبته في الحصول على الطعام.
  • البطالة والفقر: كانت فكرة سائدة في الفترة العباسية، مما نتج عنها عدة أفكار سلبية أخرى كالخداع والمكر.
  • التفنن في أساليب الخداع: تعكس ظاهرة الانتشار الثقافي للمكر والخداع في المجتمع.
  • الحرص على المال: يجسد الشواء الذي يفرض على السوادي دفع ثمن الطعام بوسائل تهديدية.
  • الكشف عن أشكال المجتمع: يعرض شخصية المحتال، الإنسان البسيط الذي يُستغل جراء مواقفه.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *