الجزر اللانجرهاني وموقعها
تقع جزر لانجرهانز (بالإنجليزيّة: Islets of Langerhans) في داخل البنكرياس، وهي مجموعة من الخلايا المتنوعة التي تشكل جزءًا من نظام الغدد الصماء. سميت هذه الجزر بهذا الاسم نسبةً للعالم الألماني “بول لانجرهانز” الذي اكتشفها لأول مرة في عام 1869. وتظهر هذه الخلايا على شكل جزر صغيرة عند النظر إليها تحت المجهر. في الواقع، يحتوي البنكرياس البشري الطبيعي، لدى البالغين، على نحو مليون جزيرة صغيرة، يقدر وزنها الإجمالي بحوالي غرام واحد فقط. ومن الجدير بالذكر أن حوالي 75% من جزر لانجرهانز تتكون من خلايا بيتا، التي تلعب دورًا رئيسيًا في إنتاج هرمون الإنسولين، حيث تتركز هذه الخلايا في وسط الجزر بينما توجد خلايا أخرى على الأطراف. أما بالنسبة لوسائل التواصل مع البيئة الخارجية، فتحتوي جزر لانجرهانز على واحد أو اثنين من الشرايين الصغيرة التي تتفرع إلى شعيرات دموية تتصل بأوردة صغيرة خارج الجزر، بالإضافة إلى كونها تحت تأثير النهايات العصبية اللاإرادية.
تنتمي خلايا جزر لانجرهانز إلى نظام الغدد الصماء (بالإنجليزيّة: Endocrine) بسبب قدرتها على إفراز الهرمونات مباشرة إلى مجرى الدم دون الحاجة لقنوات معينة. تُعتبر الأوعية الدموية الصغيرة المحيطة بهذه الجزر أساسية في تسهيل إفراز الهرمونات مباشرة إلى الدم، مما يسمح بنقل هذه الهرمونات إلى خلايا بعيدة لشغل وظائف معينة. بالإضافة إلى كون البنكرياس جزءًا من نظام الغدد الصماء، فإنه يعد جزءًا من الجهاز الهضمي نظرًا لوجود خلايا الغدد الخارجية الإفراز (بالإنجليزيّة: Exocrine) التي تشكل أكثر من 90% من مجمل خلايا البنكرياس، وهذه الخلايا مسؤولة عن إفراز الإنزيمات الهاضمة عبر القنوات إلى الأمعاء الدقيقة.
أهمية جزر لانجرهانز
الهدف الرئيسي لجزر لانجرهانز هو إنتاج هرمون الإنسولين بالإضافة إلى مجموعة من الهرمونات الأساسية لعمليات الأيض وتخزين السكر (الجلوكوز) والأحماض الأمينية والدهون الثلاثية. هناك أنواع مختلفة من الخلايا داخل جزر لانجرهانز، حيث يختص كل نوع بإنتاج هرمون معين. يوضح الجدول التالي أهم أنواع الخلايا مقرونةً بأسماء الهرمونات المنتجة:
اسم الهرمون | |
خلايا ألفا | الغلوكاجون (بالإنجليزيّة: Glucagon) |
خلايا بيتا | الإنسولين (بالإنجليزيّة: Insulin) |
خلايا دلتا | السوماتوستاتين (بالإنجليزيّة: Somatostatin) |
خلايا D1 | الببتيد المعوي الفعال في الأوعية (بالإنجليزيّة: Vasoactive intestinal peptide) |
الخلايا شبيهة المعوية أليفة الكروم | السيروتونين (بالإنجليزية: Serotonin) |
الخلايا المنتجة للغاسترين | الغاسترين (بالإنجليزيّة: Gastrin) |
خلايا الببتيد PP | عديد الببتيد البنكرياسي (بالإنجليزيّة: Pancreatic polypeptide) |
خلايا إبسيلون | الغريلين (بالإنجليزية: Ghrelin) |
هرمونات جزر لانجرهانز
يمكن تلخيص الوظائف الأساسية لهرمونات جزر لانجرهانز على النحو التالي:
- الغاسترين: يسهم هرمون الغاسترين في عملية هضم الطعام من خلال تحفيز المعدة على إنتاج الأحماض اللازمة لهذه العملية.
- الغلوكاجون: يتعاون مع هرمون الإنسولين للمحافظة على مستوى السكر في الدم ضمن النطاق الطبيعي.
- الإنسولين: يساهم في تنظيم مستوى السكر في الجسم.
- السوماتوستاتين: يساعد في المحافظة على توازن مستوى السكر والأملاح في الدم عندما يرتفع تركيز الإنسولين والغلوكاجون من خلال التحكم في إفراز هرمونات أخرى، مثل الإنسولين والغلوكاجون وهرمون النمو.
- الببتيد المعوي الفعال في الأوعية: يتحكم في مستوى الماء داخل الأمعاء عن طريق تنظيم إفراز خلايا الأمعاء للماء، مما إذا حدث تحفيز له قد يتسبب بالإسهال وينشط عملية تحطيم الغليكوجين المخزن في الخلايا مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم.
- عديد الببتيد البنكرياسي: يحفز إفراز الإنزيمات الهاضمة في المعدة والأمعاء، بينما يحد من حركة الأمعاء.
الأمراض المرتبطة بجزر لانجرهانز
توجد عدة مشكلات صحية ترتبط جزر لانجرهانز، ويمكن توضيح بعضها كما يلي:
- السكري: يُعتبر مرض السكري من أبرز الاضطرابات المرتبطة بخلايا جزر لانجرهانز، حيث ينقسم إلى نوعين. مريض السكري من النوع الأول لا ينتج جسمه أي كمية من هرمون الإنسولين، مما يستدعي أخذ حقن الإنسولين للتعامل مع السكر. أما مريض السكري من النوع الثاني، فقد يُعاني من قلة إنتاج الإنسولين أو نقص استجابة خلايا الجسم له، يتطلب الأمر تغييرات في نمط الحياة، مثل تعديل النظام الغذائي وممارسة الرياضة للحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن الحدود المقبولة.
- الأورام: تُعتبر أورام خلايا لانجرهانز نادرة، ونتيجة لها يزداد إنتاج أحد الهرمونات حسب نوع الخلايا المتضررة. الأورام الخبيثة غالبًا لا تظهر أعراض، بينما الأورام الحميدة قد تظهر أعراض مختلفة حسب نوع الخلايا المتأثرة. من بين الأورام الحميدة الشائعة: الورم الغاستريني الذي يصيب خلايا هرمون الغاسترين، الورم الإنسوليني الذي يؤثر على خلايا هرمون الإنسولين، والورم الغلوكاغوني الذي يصيب خلايا هرمون الغلوكاجون. الجراحة تُعتبر الخيار الأكثر شيوعًا للتعامل مع الأورام الخبيثة، في حين يمكن استخدام الأدوية لعلاج الأورام الحميدة.