الفرق بين القدر والنصيب في الإسلام: فهم المفهومين في الإيمان الإسلامي

يسعى كل مسلم لفهم الفرق بين القدر والنصيب في الإسلام، ومن الجدير بالذكر أن المفهومين يحملان معانٍ متقاربة جدًا.

الفرق بين القدر والنصيب في الإسلام

للتفريق بين القدر والنصيب بشكل واضح في الإسلام، من الضروري أن نتعرف أولًا على معاني كل منهما في اللغة والشريعة، وسنستعرض ذلك فيما يلي:

أولًا: مفهوم القدر

  • في اللغة، يُشير مصطلح القَدْرُ إلى الْقَضَاءُ والحكم، وهو ما يُقَدِّره الله -سبحانه وتعالى- في الأمور المختلفة.
  • على سبيل المثال، قدرة الله في الرزق تعني قسمته، والتقدير الإلهي يتطلب التفكير والتروية لتسوية الأمور.
  • أما بالنسبة لمفهوم القدر في الاصطلاح، فإنه يحمل معنيين:
  • المعنى الأول هو التقدير السابق المستند إلى علم الله سبحانه وتعالى الأزلي.
  • المعنى الثاني: القدر هو كل ما أوجده الله سبحانه وتعالى وفق إرادته وعلمه.

ثانيًا: مفهوم النصيب

  • النصيب في اللغة يعني الجزء من الشيء، ويتفق مع قوله سبحانه وتعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ).
  • فمعنى النصيب هنا هو جزءٌ وحِصَّة من التركة.
  • النصيب أيضًا يعني حظًا في كل شيء.
  • فمثلاً يُقال: “لا نصيب له في المال”، أي لا يمتلك أي حصة فيه.
  • تعتبر بعض كتب اللغة أن هناك فرقًا بين النصيب والحظ، حيث يشمل النصيب ما هو محبوب وغير محبوب، بينما الحظ يتعلق فقط بما هو خير.
  • أما النصيب كمصطلح، فهو يدور حول حظ الشخص من كل شيء وحصته من الشيء الذي تم تقسيمه.

الفرق بين القدر والنصيب

يتضح من المعلومات السابقة أن الفرق بين القدر والنصيب في الإسلام ليس كبيرًا، حيث:

  • تقريبًا لا يوجد فرق بين اليقين والقدر، فكل ما يُصيب الإنسان إنما هو مقدر ومكتوب.
  • حتى إذا اختار الإنسان نصيبه، فإن ذلك بمراد الله سبحانه وتعالى.
  • الله هو الذي قسم الحظوظ، كما قال الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم): (كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ).

علاقة القدر والنصيب بحرية الاختيار

يتساءل البعض عما إذا كان النصيب أو القدر يؤديان إلى إلغاء حرية اختيار الإنسان. نجيب على هذا السؤال من خلال النقاط التالية:

  • يعتقد البعض أنه لا توجد حرية للإنسان في اختيار مصيره تحت تقدير الله لكل شيء، حيث الله هو الذي يمنح النصيب ويحدد القدر، وقد قدر كل شيء قبل خلق السموات والأرض.
  • بناءً على ذلك، يتساءل البعض عن أهمية العمل إذا كان الله قد قدر كل شيء مسبقًا.
  • لكن هذا الاعتقاد غير صحيح؛ فالإنسان يمتلك حرية الاختيار، ولكن ضمن مقادير الله المرسومة مسبقًا. الله يعلم مسبقًا ما سيفعله العبد، لكنه لا يجبره على فعله.
  • من الأدلة على حرية الاختيار في ظل قدَر الله، ما ورد عن الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذ قال: (عندما نزلت هذه الآية فَمِنْهُمْ شَقيٌّ وَسَعِيدٌ سألتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-، فقُلتُ: يا نبيَّ اللَّهِ، على أي شيء نعمل؟ هل على شيء قد فُرِغَ منه، أو على شيء لم يُفرَغْ منه؟ قال: بل على شيء قد فُرِغَ منه وجرت بِهِ الأقلامُ يا عمرُ، ولكن كلٌّ ميسَّرٌ لما خُلق له).

مثال على حرية الاختيار في ظل قدر ونصيب الله

يقدم الشيخ محمد متولي الشعراوي مثالًا يوضح هذه الفكرة:

  • لنفترض أن أبًا لديه طفلان، وقد أعطى لكل منهما مبلغًا من المال.
  • بعد ذلك، دعاهم بعد إنفاق المال، وأخبرهم بأن أحدهم أنفق مالك كله على الحلوى، بينما الآخر أنفق جزءًا من ماله على الفقراء والباقي على الحلوى.
  • وقد كان بالفعل ما قاله الأب صحيحًا.
  • لذا، لم يتدخل الأب في أفعال أبنائه، لكنه كان يعرف مسبقًا ما سيفعلونه بناءً على معرفته بشخصياتهم، فما بالك برب العالمين، الذي خلق كل البشر!

ما علاقة الحظ بالنصيب والقدر؟

في الدين الإسلامي، تعتبر كل الأشياء بيد الله سبحانه وتعالى، بما في ذلك ما يعرف بالحظ، حيث:

  • الحظ هو التوفيق الذي ينال الشخص في مجريات حياته اليومية، حيث يشعر أن هناك توفيقًا يرافق قراراته.
  • يعتقد الشخص المحظوظ بأنه يحصل على ما يريد دون جهد كبير.
  • قد يحدث الحظ لبعض الأشخاص ولا يحدث للآخرين، كما قد يظهر بدون سبب واضح.
  • ومع ذلك، فالحظ يتبع قضاء الله سبحانه وتعالى وإرادته.
  • يمكن القول إن الحظ ضمن نطاق القدر والنصيب، ولا يتجاوز التقدير الإلهي المسبق.

هل كل ما يحدث للبشر مكتوب؟

بالتأكيد، يُكتب كل ما يحدث للإنسان في حياته، سواء كان خيرًا أم شرًا، فهو من عند الله سبحانه وتعالى، حيث:

  • الله يسبق علمه بكل شيء، فهو المُقدِّر وهو الذي يمنح النصيب.
  • الله قد قدر كل شيء في اللوح المحفوظ قبل خلق البشر.
  • دليل ذلك قوله سبحانه وتعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) {التوبة: 51}.

أركان الإيمان بالقدر

تتجلى أركان الإيمان بالقدر فيما يلي:

الإيمان بعلم الله الشامل

  • يشير هذا الإيمان إلى اعتقادنا بأن الله يعلم كل شيء، سواء كان ظاهرًا أم خفيًا، من الأمور الكبيرة إلى الصغيرة، ومن الماضي إلى المستقبل.
  • يعني علم الله الشامل أنه يعي كل تفاصيل حياتنا، وكل أفكارنا، وكل أحداث الكون بما فيها ما لم يحدث بعد.
  • قال الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا).

الإيمان بكتابة الله في اللوح المحفوظ

  • الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ، وهو الموضوع الذي تُكتب فيه جميع الأحداث والأشياء التي تحدث في العالم.
  • تظل هذه الكتابة ثابتة ولا تتغير، وتشمل كل شيء، حتى الأحداث التي قد نراها صغيرة أو عابرة.
  • قال الله تعالى: “إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ”.

الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته المطلقة

  • كل ما يحدث في الكون هو بمشيئة الله، وهو قادر على تقدير وخلق كل ما يحدث حسب حكمته.
  • تعني قدرة الله الكاملة أنه لا يوجد قوة تتجاوز قوته، وهو التحكم في كل جانب من جوانب الكون.

الإيمان بأن الله خالق كل شيء ولا شريك له في خلقة

  • الله هو الخالق الوحيد لكل ما هو موجود في الكون، ولا يوجد له شريك في ذلك.
  • هذا يعني أن ما نراه من جمال الطبيعة وتنوع الحياة وروعة الكون هو من صنع الله وحده.

أسئلة شائعة حول القدر والنصيب

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *