سنتعرف في هذه المقالة على السورة التي نزلت فيها براءة السيدة عائشة رضي الله عنها من حادثة الإفك. فهي ابنة أبي بكر رضي الله عنه، الذي كان أول من أسلم وصدّق برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان الصاحب المقرب له. لذلك، وُلدت السيدة عائشة في بيت مليء بالإيمان والتقوى.
قبل أن يتزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم، رأى في منامه أنها ستكون زوجته، ولذلك تمت خطبتها من والدها. سنتناول القصة المتعلقة بالسورة التي نزلت فيها براءة السيدة عائشة من حادثة الإفك في الفقرات التالية.
صفات السيدة عائشة
- السيدة عائشة كانت تمتاز بعدد من الصفات الفريدة التي جعلتها بارزة بين زوجات النبي، ومن أهم هذه الصفات هي العلم الغزير.
- كانت مرجعًا للصحابة في الأمور المتعلقة بالفرائض والمواريث.
- كان هناك حديث معروف بين الصحابة، حيث قالوا: “ما أشكَل علينا حديثٌ قطُّ فسأَلْنا عائشةَ إلَّا وجَدْنا عندَها منه عِلْمًا”.
- كما تميزت السيدة عائشة بالاجتهاد في العبادة، حيث كانت تطيل الصلاة وتستمر في صيامها، وتنفق كثيرًا من مالها في سبيل الله.
- حيث يتحدث التاريخ عن أنها أنفقت سبعين ألف درهم في يوم واحد بسبب حبها للإنفاق في سبيل الله.
اقرأ المزيد:
حادثة الإفك للسيدة عائشة
- خلال إحدى الغزوات، التي حدثت في السنة الخامسة أو السادسة من الهجرة، كان النبي صلى الله عليه وسلم برفقة السيدة عائشة.
- وكان عمرها آنذاك خمس عشرة سنة، حيث وصفت نفسها قائلة: “كنت جارية حديثة السن”.
- بعد انتهاء الغزوة وعودتهم مظفرين، وبحوزتهم أسرى من بني المصطلق، نزلوا في أحد المنازل للمبيت ليلاً.
- خلال تلك اللحظات، ابتعدت السيدة عائشة بعيدًا عن الجيش لقضاء حاجتها.
- عند عودتها، وجدت أن الجيش كان قد تجهز للرحيل، وبدأت بالبحث عن العقد الذي كان في رقبتها، ولكنه لم يكن موجودًا مما اضطرها للعودة لتفقد المكان.
- لكن هودجها قد تم حمله من قبل النساء المكلفات بذلك دون أن يلاحظوا غيابها بسبب خفة وزنها.
- وعندما عادت إلى موقع الجيش، اكتشفت أنهم قد رحلوا بدونها.
- وبقيت السيدة عائشة في انتظار من يفتقدها ويعود لمساعدتها، في الوقت الذي كلف فيه صفوان بن المعطل بمسح المكان للتأكد من عدم نسيان شيء.
- عندما رآها صفوان، عرفها وعرض عليها راحلته، فأخذها إلى قافلة المسلمين بعد ذلك.
- ولكن بعض المنافقين رأوا عودة السيدة عائشة مع صفوان بن المعطل، وبدأوا بنشر الشائعات الكاذبة بين صفوف المسلمين حول ما كان قد حدث.
التحقيقات حول حادثة الإفك للسيدة عائشة
- كان الهدف من تلك الشائعات هو إلحاق الأذى بالسيدة عائشة ونبي الله، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تؤذوني في عائشة، فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة”. لذا، استغل المنافقون هذه الفرصة لنشر الشائعات الباطلة حول شرف السيدة عائشة.
- تباينت ردود الفعل بين من صدق تلك الشائعات ومن كذبها، مما زاد من حيرة النبي صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي تأخر فيه الوحي حوالي عشرين يومًا.
- في رحمة الله، أصيبت السيدة عائشة بمرض ألزمها البيت لنحو شهر، ومن ثم لم تكن تعرف ما يتم تداوله من شائعات حولها.
- عندما تعافت، خرجت من البيت وعرفت بعض ما يجري، مما جعلها تشعر بالقلق الشديد وتطلب معرفة مصدر تلك الأقاويل الكاذبة.
- طلبت السيدة عائشة من زوجها النبي أن تمرض في بيت أهلها، فأذِن لها، وعندما سألت والدتها، أخبرتها عن كيد الناس، مما جعل السيدة عائشة تبكي طوال الليل حتى نفذ دموعها.
استشارة النبي لأصحابه حول السيدة عائشة
- استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في شأن السيدة عائشة، هل يجب عليه فراقها أم البقاء معها، وقد استمر الأمر قرابة شهر.
- بينما كانت السيدة عائشة عند والديها، جاءها النبي وقال لها: (يا عائشة، إنه بلَغَني عنك كذا وكذا. فكأنكِ بريئةٌ، فسُيُبَرِّئُك اللهُ، وإن كنتِ أَلْمَمْتِ بذنبٍ، فاستغفري اللهَ وتوبي إليهِ).
- كان لهذا الحديث تأثير كبير على السيدة عائشة، فهي لم تعرف كيف تجيب على النبي صلى الله عليه وسلم.
- قالت: “لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرَّ في نفوسكم وصدّقتم به، فلئِن قلتُ لكم: إنّي بريئةٌ، لا تصدقوني، ولئن اعتَرَفْتُ لكم بشيء، والله يعلم أنّي منه بريئة، لتُصَدِّقُنّي”.
شاهد أيضَا:
السورة التي نزلت فيها براءة السيدة عائشة من حادثة الإفك
- بعد حديث النبي مع السيدة عائشة، شعرت بالاضطراب.
- لم تكن تعلم كيف سيظهر الله براءتها، وكانت تتوقع أن يكون ذلك عن طريق رؤية للنبي في منامه، حتى يعرف أنها بريئة من الشائعات.
- ثم جاء الوحي أخيرًا.
- جاء جبريل عليه السلام بالآيات الكريمة التي تتلى إلى يوم القيامة، والتي تضمنت براءة السيدة عائشة من الشائعات الظالمة.
الآيات التي برأت السيدة عائشة
- قال الله سبحانه وتعالى في سورة النور: (إن الذين جاءوا بالإفك عُصبةٌ منكم لا تحسبوه شَرًّا لكم بل هو خير لكم، لكل امرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولى كبره منهم له عذابٌ عظيم).
- (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا وقالوا هذا إفكٌ مبين، لولا جاؤوا عليه بأربعة شهَداءَ، فإذا لم يأتوا بالشُّهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون).
- (ولولا فضل الله عليكم ورحمةُه في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضيتم فيه عذابٌ عظيم، إذ تلقونَه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم).
- (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتانٌ عظيم، يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا إن كنتم مؤمنين. ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم).
- (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، ولولا فضل الله عليكم ورحمةُه وأن الله رؤوفٌ رحيمٌ).
- تدل كلمة الإفك على الكذب الشديد، حيث يتم اتهام البريء بشيء فظيع. وعندما نزلت هذه الآيات، خفّفت كثيرًا عن النبي محمد.
- ابتسم النبي، ونادى السيدة عائشة قائلاً: (يا عائشة، أما والله فقد برَّأَكِ).
- كانت هذه الآيات هي التي برأت السيدة عائشة من الشائعات الباطلة، وبعد ذلك، قالت السيدة عائشة: “والله لا أقوم إلا إلى الله، فأني لا أحمد إلا الله عز وجل”.