الفرق بين التبني ورعاية اليتيم
تتجلى الفروق الجوهرية بين التبني ورعاية اليتيم من خلال تعريف كل منهما وفهم طبيعة كل منهما:
التبني
- التبني هو عملية استقبال رجل لطفل وجعله جزءاً من أسرته، مع نسب الطفل إليه. يعتقد البعض أنه لا توجد مشكلة في ذلك، حيث:
- كان التبني شائعاً في بداية الإسلام، فمثلاً، كان يعرف المقداد بن الأسود بهذا الاسم نسبة إلى الذي تبناه.
- كما عُرف الصحابي زيد بن حارثة بين المسلمين باسم زيد بن محمد، نسبة إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لكن هذا النظام تم تحريمه فيما بعد.
- عرف الرومانيون واليونانيون التبني قديماً باعتباره عقداً يتم بين الطرفين.
رعاية اليتيم
يشرح علماء الدين مفهوم الكفالة كالتالي:
- اليتيم هو الطفل الذي فقد والده في مرحلة مبكرة من حياته.
- الكفالة أو الرعاية تعني تقديم العون لليتيم وإنفاق المال عليه دون أن يُنسب إليه الطفل.
- كفالة اليتيم من الأعمال المحمودة في الإسلام ولها أجر عظيم، كما يشير الله تعالى إلى ذلك بقوله: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم).
- تشير الأحاديث النبوية إلى أن كفالة اليتيم أمر عظيم الأجر، حيث قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: “أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة” وأشار بإصبعيه.
حكم التبني في الإسلام
حرم الدين الإسلامي التبني لأسباب عدة، منها:
- حتى لا يحصل الابن أو الابنة بالتبني على حق الميراث من الأبناء الشرعيين، ما يمثل ظلماً لهم وينقص من حقوقهم.
- قد يؤدي التبني إلى سلوكيات محظورة في الدين، مثل الخلوة بين الأبناء حين يُعتبرون إخوة، مما يسبب كشف العورات.
- إذا كان الطفل المتبنى فتاة، فإن ليس لها خصوصيتها، مما يؤدي إلى كشف عوراتها أمام الرجال الأجانب.
- لا يحق للطفل، عند البلوغ، الزواج من المحارم حين يكون اسمه نسبا للمتبني.
- نزلت آية تحظر التبني بعد تبني النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة، حيث قال الله تعالى: (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين وموليكم).
أحكام خاصة بالتبني
حدد علماء الدين بعض الضوابط التي ينبغي الالتزام بها عند حدوث التبني:
- تُخصص أموال المسلمين للإنفاق على اليتيم، وفي حال وجود مال معه، يتم الصرف منه.
- إذا وجد شخص طفلاً يتيمًا، ينبغي عليه تسليمه للجهات المختصة التي تعني بهؤلاء.
- يجب ألا يُنسب الطفل إلى اسم الشخص القائم برعايته في حال رغب في استضافته في منزله.
- تُراعى الضوابط الشرعية بتحريم الخلوة بين هذا الطفل وبنات الرجل أو زوجته.
- تُعتبر الخلوة حال إرضاع الزوجة لهذا الطفل جائزة، حيث يصبح أخًا بالمصاهرة، مما يسمح بالخلوة.
فضل كفالة اليتيم
بينما نعرض الفرق بين التبني ورعاية اليتيم، يجب أن نبرز الفضل الكبير الذي يخص الله سبحانه وتعالى كافل اليتيم، حيث:
- ينال كافل اليتيم شرف مصاحبة الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الجنة إن شاء الله، وهي صحبة عظيمة.
- تؤدي كفالة اليتيم إلى تقوية المجتمع وتعزيز الحب والمودة بين أفراده، مما يساعد على التغلب على مشاعر التوتر والكراهية.
- تُعزز الكفالة بركة الله في رزق الشخص وماله وأولاده.
- تُعتبر البيوت التي تحتوي على يتيم يتم الإحسان إليه من أفضل البيوت عند الله تعالى، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُحسن إليه، وشر بيت فيه يتيم يُساء إليه”.
- تحافظ كفالة اليتيم على الأطفال من الانحراف والابتعاد عن الدين نتيجة غياب ولي يصلح سلوكياتهم.
- ترفع مكانة المؤمن عند ربه وتُمحى سيئاته وتُزاد حسناته.
- روى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله”.
- تُعد كفالة اليتيم من صفات الأنبياء، كما جاء في القرآن الكريم: “أما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحًا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرًا”.
شروط كفالة اليتيم
يوضح علماء الدين الشروط التي يجب أن تتوفر في كفالة اليتيم كما يلي:
- الإحسان إلى الطفل والمعاملة الحسنة معه وتجنب أي مظاهر للظلم.
- تستمر الكفالة بالنسبة للفتاة حتى تُقبل على الزواج.
- تستمر كفالة الولد حتى البلوغ أو وصوله سن الرشد.
- يقول الله تعالى: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم).