يُعتبر الصحابة من خير البشر وأهم أعمدة الدولة الإسلامية، إذ وقفوا بجانب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا رفقاءه في مواجهة الشدائد والصعاب. وقد آمنوا بما جاء به رسول الله من رسالة الإسلام.
وقد أشار إليهم القرآن الكريم والعديد من الأحاديث النبوية، ولكن لم يُذكر اسم أي صحابي في القرآن باستثناء صحابي واحد، وقد جاء الوقت للحديث عنه.
من هو الصحابي الذي ذُكر اسمه في القرآن؟
تميز القرآن الكريم بذكر اسم صحابي جليل لم يذكره لأي من الصحابة الآخرين، حيث نُزلت آيات متعددة تشير إليهم دون الإشارة إلى أسمائهم. والاسم المذكور هو زيد بن حارثة رضي الله عنه.
قال تعالى في سورة الأحزاب، الآية (37): (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ، فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا).
الآية التي ذُكر فيها الصحابي الجليل
يتناول العلماء تفسير سبب نزول هذه الآية الكريمة، حيث أراد الله تعالى أن يشرع أمرًا عامًا للمؤمنين.
ويُفهَم من ذلك أن الأدعياء ليسوا في منزلة الأبناء الحقيقية، من جميع الجوانب، وأن زواجهم لا يُعتبر خطيئة.
كان هذا الأمر يُعدّ من العادات المتعارف عليها والتي نادراً ما تُغيَّر.
فقد أراد المُشرّع أن يكون هذا التشريع قولًا من الرسول حين كان يُدعى زيد بن محمد.
وقد تبناه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى نُزِل الأمر بقول الله تعالى: (أدعوهم لآبائهم).
من هو زيد بن حارثة؟
زيد بن حارثة رضي الله عنه هو أحد الصحابة الجليلين، وقد وُلِد قبل البعثة النبوية بحوالي أربعين عامًا.
نشأ في قبيلة بني كلب، وتعرض للأسر وهو صغير خلال غزوة خيول بني القين.
عندما كان في سوق عكاظ، اشتراه حكيم بن حزام ليُقدمه عملاً لخديجة بنت خويلد.
وعند زواج السيدة خديجة من النبي صلى الله عليه وسلم، وهبته له، فتربيه الرسول ومن ثم تبناه، وكان أول مولى يُعلن إسلامه وأحد أوائل من أسلم من الصحابة.
وانطلق زيد ليكون أحد أبرز المناصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد خصه الله بميزة لم تُعطَ لأحد من الصحابة، وهي ذكر اسمه في القرآن الكريم في سورة الأحزاب.
عرف أهل مكة زيد بأنه زيد بن محمد، وعاش سنوات مع النبي.
ثم حدثت واقعة مثيرة حين زار بعض أفراد قبيلته كلب المدينة ورأوه، فعرفهم وعرفوه.
عادوا إلى أهله وأخبروهم بمكانه، فذهب والده حارثة وعمه كعب ليحررونه.
توجهوا إلى النبي محمد وطلبوا فداءه، فأعطاهم الخيار: إما أن يبقى معهم، أو يعود مع أهله دون مقابل.
زواج زيد بن حارثة
تزوج زيد رضي الله عنه من زينب بنت جحش رضي الله عنها.
قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تولى خطبتها له، لأنه مولاه ومتبناه.
ولكن زينب استنكفت من هذا الزواج وقالت إنها أفضل منه حسبًا، مما دعا الله سبحانه وتعالى ليقول: (وَمَا كَانَ لِمؤْمِنٍ وَلَا مؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسوله أَمْرًا أَن يَكونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسولَه فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مّبِينًا) سورة الأحزاب الآية (36).
استجابت زينب رضي الله عنها طاعةً لله ولاستجابة لكلام الرسول، وتزوجا واستمر زواجهما حوالي سنة، حيث نشأت بعض المشاكل بينهما كأي زوجين.
تقدم زيد بشكواه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه طلاقها.
أمره النبي بإمساكها والصبر عليها، ثم أنزل الله آية أخرى تتعلق بحالته.
قال الله تعالى: (وَإِذْ تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتَخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّه مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّه أَحَقّ أَن تَخْشَاه).
من هم الصحابة رضي الله عنهم؟
عُرف الصحابة في المصادر الإسلامية بأنهم الأشخاص الذين قضوا فترات طويلة في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعلموا منه، كما يُعرف الصحابي بأنه كل من قابل الرسول مؤمناً ومات على ذلك.
وقد أكد كثير من العلماء على فضل الصحابة وعظيمة مكانتهم في الإسلام.
فهم الذين ناصروا الرسول ودافعوا عن الحق وراية الإسلام، ووقفوا في وجه تحديات الكفار في العديد من الغزوات.
وقد أشار الله عز وجل إلى فضل الصحابة في القرآن بقوله: (وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّـه عَنهم وَرَضوا عَنه وَأَعَدَّ لَهم جَنّاتٍ تَجري تَحتَهَا الأَنهار).
وفي حديث للرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا، ما أدرك أحدهم ولا نصيفه).
أعلام الصحابة رضي الله عنهم
اصطفى الله تعالى الصحابة لصحبة نبيه، فكانوا في قلب قيادة الرسالة وقادة الدين والعلم. ومن بين هؤلاء الأعلام نذكر:
- أبو بكر الصديق رضي الله عنه: وُلِد في مكة، وكان أول من أسلم من الرجال، وجاهد في سبيل الدعوة الإسلامية.
- علي بن أبي طالب: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفيقه منذ الطفولة، وأول من أسلم مع السيدة خديجة.
- عمر بن الخطاب: كان بطلًا من أبطال قريش، واعتنق الإسلام قبل الهجرة بخمس سنوات، وكان من أبرز الخلفاء.
- حمزة بن عبد المطلب: عم الرسول وأخوه في الرضاعة، وكان يعد من أبطال الإسلام أيضاً.