تفاصيل الفروق بين الكلابية والأشاعرة هي مسألة كانت محور نقاش بين الفقهاء والعامة من المسلمين لعدة قرون. حيث قدمت كل فرقة رؤى علمية أغنت الساحة الفقهية والشرعية.
اختلافات الكلابية والأشاعرة
توجد العديد من الاختلافات بين الكلابية والأشاعرة، مع وجود بعض نقاط التوافق. نسلط الضوء على أبرز معالم هذه الفروقات في النقاط التالية:
- تنفي الكلابية الصفات الفعلية عن الله سبحانه وتعالى، لدرء الاعتقاد في حلول الحوادث به.
- تأثرت الكلابية بفكر المعتزلة الذين تبنوا هذا الرأي أيضا.
- أما الأشاعرة فهم ينفون الصفات الفعلية الاختيارية عن الله جل جلاله، لمنع القول بحلول الحوادث به.
سمات منهج فرقة الكلابية
لكي نوضح الفرق بين الكلابية والأشاعرة، نستعرض سمات الفكر والمنهج الخاص بفرقة الكلابية كما يلي:
- مؤسس الفرقة، عبد الله بن كلاب، لا يثبت الصفات الفعلية، لكنه يقر بأسس الصفات.
- يشدد على قدم وأزلية الصفات.
- يعتبر أن صفة الكلام عند الله سبحانه وتعالى تتجلى في صوت مسموع أو حروف مادية.
- يؤكد ابن كلاب أن صفة البصر موصوف بها الله ولكنه واحد أزلي.
- يرى الكلابية أن الله موصوف بصفة الرحمة أيضاً، وهو واحد أزلي، وهكذا.
- تبع ابن كلاب في آرائه الحارث بن أسد المحاسبي الصوفي، المعروف أيضاً بصفاءه الروحي.
- فرع هذا الفكر عبر كتاب المحاسبي “فهم القرآن”، الذي لا يزال متاحاً حتى الآن.
- بذلك، فإن أفكار وآراء ابن كلاب تُعتبر جزءاً من مذهب أهل السنة.
مخالفات الكلابية لأهل السلف الصالح
يعتقد السلفيون أن الكلابية خالفوا منهج السلف الصالح في عدة مسائل، منها:
- يثبتون الأسماء والصفات، باستثناء الصفات الفعلية والاختيارية.
- كان العوام قبل ابن كلاب إما يثبتون الصفات أو ينفونها.
- يقومون بتأويل بعض الصفات، مثل تأويل صفة الأصابع بأنها تشير إلى نعم الله.
- يعتبرون القرآن غير أنه كلام الله الحقيقي، بل هو حكاية عنه، ويعتقدون أن معنى كلام الله قائم في ذاته وليس له ألفاظ أو أصوات.
- بالرغم من ذلك، يعبرون عن أن القرآن الكريم أو كلام الله غير مخلوق.
- يرون أن الإيمان هو التصديق القلبي، وأنه قول يُتلى باللسان، وهو قول لا يزيد ولا ينقص، وقد يُستثنى منه.
- اتفقوا على أن مرتكب الكبيرة يُعتبر مؤمناً، بل وكامل الإيمان.
- ويرون أن أعمال الجوارح لا تدخل في تعريف الإيمان.
ملامح منهج فرقة الأشاعرة
الأشاعرة ينتمون إلى الإمام الكبير أبي الحسن الأشعري، دعونا نستعرض منهجهم بمزيد من التفاصيل:
- يتصل نسب الإمام أبي الحسن الأشعري بالصحابي أبي موسى الأشعري.
- الأشاعرة يُعتبرون مدرسة سنية.
- كان لهذه المدرسة الكثير من أتباعها من كبار علماء الأمة مثل: الفخر الرازي، النووي، السيوطي، والعز بن عبد السلام، والتقي السبكي، وغيرهم.
- يؤمن الأشاعرة بوجود سبع صفات لله.
- عرفوا بكثرة تباين آرائهم مع أهل السنة والجماعة.
- انتشر مذهبهم في القرن الرابع الميلادي، حيث لاقى صدى واسع في أوساط طلاب العلم.
- عرف الأشاعرة بعلم الكلام الذي تفاعل مع الفلسفة.
اختلاف الأشاعرة مع أهل السنة والجماعة
بشكل عام، يعتبر الأشاعرة من أهل السنة، ولكن لا يمكن إخفاء الخلافات التي بينهم، ومن أهمها:
- مصدر تلقيهم هو العقل، وليس النقل، كما يعتقد أهل السنة والجماعة.
- يعتبرون أن نصوص القرآن والسنة النبوية لا تعطي دلالات يقينية دون وجود عوارض.
- يعتبر العديد من الأشاعرة أن روايات الصحابة ذات احتمال.
- دليلهم على إثبات وجود الله هو الحدوث والقدم، وهو ما يتعارض مع رأي أهل السنة والجماعة الذين يرون أن كل شيء موجود دليل على وجود الخالق.
حول الخلاف بين الكلابية والأشاعرة
توجد ملامح رئيسية للخلاف بين الكلابية والأشاعرة، ويمكن تلخيص وجهات نظرهم فيما يلي:
- يرى الكلابية، بما فيهم ابن كلاب، أن كلام الله – سبحانه وتعالى – هو معنى قائم في ذاته.
- يعتقدون أن كلام الله يتكون من أربعة عناصر: الخبر، الاستفهام، الأمر، والنهي.
- يتفق معظم أتباع الكلابية على هذا المنهج.
- وبشأن القرآن الكريم، يعتبرونه حكاية للأمور الأربعة المذكورة.
- الأشاعرة يتفقون مع الكلابية في بعض النقاط، لكنهم يختلفون في مسائل أخرى.
- يرون أن الصفات ليست أربعة بل هي معنى واحد، وأن القرآن ليس حكاية بل هو عبارة عن كلام الله سبحانه وتعالى.
- يُعرّف كلام الله بتعبيرين، إما من خلال جبريل – عليه السلام – أو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- وبذلك، يُعتقد أن الله سبحانه وتعالى قد علم جبريل بما في نفسه، فتحدث جبريل به.
- وبالتالي، عندما كلم الله موسى – عليه السلام – لم يتحدث إليه بشكل مباشر، بل سمع الكلام من شجرة أو من الهواء.
