التدوين الأول للحديث الشريف
يعتبر التدوين الرسمي الأول للحديث النبوي الشريف في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، وتحديدًا في السنة المئة للهجرة. حيث كان يخشى من ضياع السنة النبوية نتيجة وفاة عدد من العلماء الكبار من التابعين الذين كانوا حافظين للحديث. لذا، أصدر أمرًا بتدوين وكتابة وجمع الأحاديث. وقد كانت هذه الخطوة هي البداية الفعلية للتدوين، وكان أول من قام بتصنيف الحديث بناءً على توجيهات عمر بن عبد العزيز هو محمد بن شهاب الزهري، ومن ثم بدأت جهود العلماء تتوالى في تدوين الحديث وفق أساليبهم الخاصة.
ابن شهاب الزهري: الرائد في تدوين الحديث
محمد بن مسلم بن شهاب الزهري هو أحد كبار التابعين، وقد ساهم بشكل كبير في علم الحديث وتاريخ المغازي والسير. التقَى بعدد كبير من الصحابة واستفاد من علومهم، كما أنه تتلمذ على يد عدد من كبار التابعين، مثل سعيد بن المسيب. وقد انتفع من علمه عدد من العلماء، أبرزهم الإمام مالك بن أنس. ويعد الزهري من أبرز الشخصيات التي أسهمت في تدوين العلوم في عصره، ويُذكر أنه توفي -رحمه الله- في سنة مئة وأربع وعشرين هجريًا.
تدوين الحديث في زمن النبي
على الرغم من أن التدوين الرسمي للحديث الشريف تم في عهد عمر بن عبد العزيز، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن بعض الصحابة قاموا بتدوين وكتابة الأحاديث في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلك كان الحفظ في الصدور هو السائد.
ومن الصحف التي دُوّنت فيها الأحاديث من قبل بعض الصحابة: الصحيفة الصادقة التي كتبها عبد الله بن عمرو بن العاص، وصحيفة علي بن أبي طالب. بالإضافة إلى بعض الكتب التي أعدها الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى حكام الأمصار، والرسائل التي بعث بها إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام، وكذلك العهود التي أبرمها مع الكفار، وغيرها من الوثائق المتفرقة.
بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يقم الخلفاء بتدوين السنة النبوية. ورغم أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كانت لديه الرغبة في تدوين الأحاديث، إلا أنه استشار الصحابة في ذلك، وعندما استخار الله شعر بالقلق من أن يشتغل الناس بالأحاديث ويهملوا القرآن الكريم، ولذلك لم يتم التدوين بشكل رسمي.
أبرز كتب الحديث الشريف
لقد سخّر الله -عز وجل- علماء عظماء لخدمة سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، حيث بذلوا جهودًا كبيرة في جمعها وحفظها وتصنيفها، حرصًا على عدم ضياعها أو إدخال ما هو غير صحيح في مسيرتها. تتنوع المصنفات التي أُلفت في هذا المجال، ولكن من أبرزها وأشهرها الكتب الستة المعروفة:
- كتاب الجامع المسند الصحيح للإمام محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله-، المعروف باسم صحيح البخاري.
- كتاب المسند الصحيح للإمام مسلم بن حجاج النيسابوري، المعروف بصحيح مسلم.
- كتب السنن الأربعة:
- السنن لأبي داود، سليمان بن الأشعث السجستاني.
- الجامع لمحمد بن عيسى الترمذي، ويُعرف بسنن الترمذي.
- السنن لأحمد بن شعيب النسائي.
- السنن لابن ماجة القزويني.