اللهم احمنا في حياتنا وفي الآخرة وفي يوم الحساب لديك

يدعو الإنسان ربه طالبًا منه العون والتوسل في كافة الأوقات، سواء في الأوقات العصيبة أو السهلة، في الحزن أو الفرح. فالله سبحانه وتعالى هو الذي ييسر دروب النجاح والسعادة، وهناك من يعتمد على الإلهام في الدعاء.

بينما يفضل البعض الآخر الاستناد إلى القرآن الكريم والأحاديث النبوية لاستخراج الأدعية المناسبة. وسأخصص هذا البحث لدعاء محدد وهو “اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك”، مع تقديم أدعية أخرى تحمل معاني مشابهة.

اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك

يسعى الإنسان دائمًا إلى الستر في حياته، ويعمل على إخفاء عيوبه أمام الناس؛ حيث يميل إلى الانفراد بذنوبه. وبالتالي، سأقدم شرحًا مفصلاً لمضامين دعاء “اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك”.

معنى “اللهم استرنا فوق الأرض”

هذا هو الجزء الأول من الدعاء، حيث تشير عبارة “فوق الأرض” إلى الحياة الدنيا التي نعيشها. فالله هو الستار، وهو أحد أسمائه الحسنى، وينبغي للمسلم أن يدعو الله باستمرار ليُحافظ على ستره في حياته.

على من وقع في المعصية أن يلجأ إلى الله تعالى، ويفضل أن يستر المسلم ذنوب الآخرين، حرصًا على عدم إشاعة الفواحش في المجتمع. فقد ورد في الحديث النبوي: “ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة”.

لذا ينبغي على من ارتكب مكروهًا أن لا يُعبر عن ذلك علانية، فالحديث عن الذنوب يكشف ستر الله عليه كما قال صلى الله عليه وسلم: “كل أمتي معافى إلا المجاهرين”.

معنى “اللهم استرنا تحت الأرض”

الجزء الثاني من الدعاء يتعلق بالاستغفار في القبر (تحت الأرض). يُسأل العبد الله -عز وجل- العافية والستر في قبره. “تحت الأرض” تعني في حالة كونه في القبر، وقد أجمع العديد من العلماء أن هذا الدعاء مشروع ومُستحب، وقد اعتبره بعضهم واجبًا بناءً على توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم.

حيث قال في الحديث: “إذا تشهد أحدكم فلْيستَعذْ بالله من أربع: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال”.

فالعذاب في القبر حق، ومن الضروري على المسلم أن يدعو ربه ليُعافيه من هول هذا العذاب.

معنى “اللهم استرنا يوم العرض عليك”

هذا هو الجزء الثالث من الدعاء. “يوم العرض” يشير إلى يوم القيامة حيث تُعرض فيه أعمال العباد على الله سبحانه وتعالى. فمن الأفضل أن يدعو المسلم ربه أن يستر ذنوبه ومعاصيه في ذلك اليوم.

فالله تعالى وعد العبد بأن يستره في الدنيا والآخرة إذا تاب ورجع إلى الله نادمًا على ما فعل.

هل الدعاء بالستر مشروع؟

وفيما يتعلق بحكم الدعاء بالستر، فإن الأمر يعتمد على حالة من يدعو. فإذا كان يدعو وهو مستهزئ أو مصر على معصيته، فهذا الأمر محرم. أما إذا دعا بعد التوبة والندم، فإن الأمر يكون مشروعًا وله دليل:

  • روى أبو داود حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله عز وجل حيٍ ستيرٌ، يحب الحياء والستر” وقد صححه الألباني.
  • لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتم ذكر اسم المخطئ علانية بل كان يحاول توجيه الكلام دون ذكر أسماء محددة؛ حيث قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه ما يكرهه لم يقل: ما بال فلان يقول كذا، ولكن يقول: ما بال أقوام يصنعون أو يقولون كذا”.
  • قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة”.
  • كما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة”.
  • وذكر عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه”.

أقوال العلماء حول الستر

إليك بعض مواقف العلماء عن الستر تشمل:

قال ابن القيم:

وهو الحيي، فلا يفشى عبده عند التجاهر بالمعصية، ولكنه يلقي عليه ستره، فهو الستير وصاحب المغفرة.

  • قال المنذري: “ستر المسلم هو تغطية عيوبه وإخفاء زلاته”.
  • قال ابن عثيمين: “فالستر قد يكون مأمورًا به محمودًا، وقد يكون حرامًا”.

قصة ماعز

ماعز، وهو صحابي، قد ارتكب معصية الزنا، وألح عليه رجل يُدعى هزّال للاعتراف بذنبه، وبالفعل اعترف وتم إقامة الحد عليه. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتجاهل المُطالبة بالاعتراف، بل أنبّه هزّالًا قائلًا: “وَاللَّهِ! يَا هَزَّالُ لَوْ كُنْتَ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا مِمَّا صَنَعْتَ”.

أدعية مأثورة عن الستر

إليكم بعض الأدعية المختارة التي تعبر عن الاستغفار والستر:

  • عن عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: “اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي” رواه أبو داود.
  • وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: “اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن”.
  • قال أبو هريرة: كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني أعوذ بك من جار السوء، ومن زوج تشيبني قبل المشيب، ومن ولد يكون علي ربا، ومن مال يكون علي عذابا ومن خليل ماكر.”
  • اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك.
  • اللهم استرنا بسترك الجميل، ولا تفضحنا بين خلقك ولا تخزنا يوم القيامة.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *