تعتبر كيمياء الأغذية فرعًا تخصصيًا من فروع الكيمياء، حيث تتناول الجوانب الكيميائية المرتبطة بالطبيعة البيوكيميائية للأغذية، وخصائصها، وكيفية معالجتها في الجسم.
كيمياء الأغذية
تقوم كيمياء الأغذية بدراسة العمليات الكيميائية والتفاعلات التي تحدث بين جميع المكونات البيولوجية وغير البيولوجية للأغذية.
تشمل المكونات البيولوجية عناصر مثل اللحوم والدواجن والخضروات مثل الخس والحليب.
تتداخل كيمياء الأغذية مع الكيمياء الحيوية في العناصر الرئيسية مثل الكربوهيدرات والدهون والبروتينات.
إضافةً إلى ذلك، تشمل الدراسة مجالات متعددة مثل الماء، الفيتامينات، المعادن، الإنزيمات، المضافات الغذائية، والنكهات والألوان.
ترتبط كيمياء الأغذية بكيفية تغير المنتجات الغذائية عند استخدام تقنيات معالجة معينة، وطرق تعزيز أو منع هذه التغيرات.
على سبيل المثال، يتم تعزيز عملية تخمير منتجات الألبان من خلال استخدام الكائنات الحية الدقيقة التي تحوّل اللاكتوز إلى حمض اللاكتيك. كما يمكن منع تحول الألوان على سطح التفاح الطازج باستخدام عصير الليمون أو أي حمض آخر.
نبذة تاريخية عن كيمياء الأغذية
تعود جذور المنهج العلمي في الغذاء والتغذية إلى الاهتمام بالكيمياء الزراعية، كما هو واضح في أعمال ج.ج. فاليريوس وامبري دافي وآخرين.
نشر دافي عناصر الكيمياء الزراعية في محاضرات ألقاها لمجلس الزراعة في المملكة المتحدة عام 1813، مما ساعد في تأسيس هذا المجال على مستوى عالمي.
ساهم كارل فيلهلم شيل في هذه الدراسات من خلال عزله لحمض الماليك من التفاح في عام 1785.
تمت ترجمة ونشر أعمال ليبيغ في كيمياء الطعام عن طريق إيبين هورسفورد في لوويل، ماساتشوستس، عام 1848.
في عام 1874، تم تشكيل جمعية المحللين العموميين التي كانت تهدف إلى تطبيق الأساليب التحليلية لمصلحة الجمهور، مرتكزة على تجاربها الأولى في الخبز، الحليب، والنبيذ، وخصوصاً ما يتعلق بجودة الإمدادات الغذائية وقضايا الغش والتلوث.
تأسست كليات وجامعات في جميع أنحاء العالم، مما ساهم في توسيع نطاق كيمياء الأغذية وأبحاثها، وأبرزها تجربة الحبوب المنفردة بين عامي 1907 و1911 التي قادها هارفي دبليو وايلي في وزارة الزراعة الأمريكية.
هذا وقد كانت لهذه الجهود دور كبير في تأسيس إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 1906.
أنشأت الجمعية الكيميائية الأمريكية قسم الكيمياء الزراعية والغذائية عام 1908، كما أُسس قسم كيمياء الأغذية في معهد تقنيي الأغذية عام 1995.
والفهم لعلم كيمياء الأغذية يستند إلى مجالات مثل الريولوجيا، والنظريات المتعلقة بظواهر النقل والديناميكا الحرارية الكيميائية والفيزيائية، بالإضافة إلى الكيمياء الفيزيائية للأغذية كأحد الأسس في هذا العلم.
الماء في النظم الغذائية
يُعتبر الماء عنصرًا أساسيًا في مكونات الغذاء، ويتراوح محتواه في المنتجات الغذائية بين 50% في اللحوم إلى 95% في الخضروات مثل الخس والملفوف والطماطم.
كما أن الماء هو وسط مثالي لنمو البكتيريا وتلف الطعام إذا لم يتم معالجته بشكل صحيح، ويتم قياس ذلك عبر النشاط المائي الذي يعد عاملاً مهمًا في تحديد العمر الافتراضي للعديد من الأطعمة أثناء عمليات المعالجة.
تتضمن تقنيات حفظ الطعام تقليل نسبة الماء أو تعديل خصائصه لتحسين العمر الافتراضي، مثل التجفيف، التجميد، والتبريد، حيث يرتبط ذلك بمبادئ الفيزيوكيميائية للتفاعلات والتحولات الناتجة خلال تصنيع وتخزين الأطعمة.
الكربوهيدرات في النظم الغذائية
تشكل السكريات الكربوهيدراتية 75% من الكتلة البيولوجية و80% من إجمالي المدخول الغذائي البشري.
تشمل أبسط أشكال الكربوهيدرات السكريات الأحادية التي تتكون من الكربون، الهيدروجين والأكسجين بنسب 1:2:1 وفقًا للصيغة العامة CnH2nOn، حيث تكون n لا تقل عن 3.
الجلوكوز هو مثال على السكر الأحادي، إلى جانب الفركتوز، ويتم تكوين السكروز كأحد أكثر السكريات شيوعًا في النباتات.
تتكون سلسلة من السكريات الأحادية لتكوين السكريات المتعددة مثل البكتين، ديكستران، والأجار، ويتم قياس محتوى السكر عادةً باستخدام درجات بكس (Brix).
الدهون في النظم الغذائية
تشمل الدهون مجموعة متنوعة من الجزيئات وتعتبر ممثلة للمركبات غير القابلة للذوبان بشكل نسبي في الماء، تشمل الشموع والأحماض الدهنية (بما في ذلك الأحماض الدهنية الأساسية) والفوسفوليبيدات.
كما تتضمن أيضًا الدهون السفينغوليبيد والجلايكوليبيدات، بالإضافة إلى تربينويدات كالرينينويدات والمنشطات.
تتواجد بعض الدهون كجزيئات أليفاتية خطية، بينما تتميز أخرى بالهياكل الحلقية أو العطرية. وعادة ما تحتوي الدهون على بعض الخصائص القطبية، رغم كونها غير قطبية بشكل مركزي.
هذا التوزيع يعكس طبيعة تفاعلها مع الماء والمذيبات القطبية، مما يجعل بعضها جزيئات برمائية تحتوي على أجزاء كارهة للماء وأخرى محبة له.
في حالة الكوليسترول، تتواجد المجموعة القطبية بشكل محدود كالهيدروكسيل (OH).
بروتينات الطعام في النظم الغذائية
تشكل البروتينات أكثر من 50% من الوزن الجاف لخلية حية متوسطة، وهي جزيئات كبيرة ومعقدة تلعب دورًا حيويًا في بناء ووظيفة الخلايا.
تتكون البروتينات من الكربون، النيتروجين، الهيدروجين، الأكسجين، وبعض الكبريت، مع إمكانية احتوائها على عناصر مثل الحديد، النحاس، الفوسفور، أو الزنك.
تعتبر البروتينات ضرورية للنمو والبقاء، حيث تختلف متطلبات الجسم وفقًا للعمر والعملية الفيزيولوجية مثل الحمل.
تكون المصادر الحيوانية كالحليب، البيض، واللحوم مصدر البروتين الأساسي، بينما توفر المكسرات، الحبوب، والبقوليات مصادر نباتية بديلة.
يمكن استخدام مزيج البروتين من المصادر النباتية للحصول على حصص غذائية متكاملة.
تُستخدم اختبارات ELISA للكشف عن حساسية البروتين مثل حساسية الطعام.
الإنزيمات في النظم الغذائية
تُعتبر الإنزيمات محركات كيميائية حيوية تلعب دورًا أساسيًا في تحفيز عمليات التحول من مادة لأخرى، وتساهم في تقليل الوقت والطاقة اللازمين لإتمام التفاعلات الكيميائية.
تستخدم العديد من جوانب صناعة الأغذية هذه المحفزات، مثل الخبز، التخمير، ومنتجات الألبان، فضلاً عن عصائر الفاكهة، في صناعة الجبن والبيرة.
الفيتامينات في النظم الغذائية
تعتبر الفيتامينات عناصر غذائية ضرورية بكميات صغيرة لتفاعلات التمثيل الغذائي الأساسية في الجسم.
يمكن تقسيم الفيتامينات إلى فئتين: القابلة للذوبان في الماء (مثل فيتامين ج) والقابلة للذوبان في الدهون (مثل فيتامين هـ).
يساهم الإمداد الكافي من الفيتامينات في الوقاية من العديد من الأمراض، بينما يمكن أن تؤدي الجرعات الزائدة إلى مضاعفات مثل الغثيان أو تدهور الحالة الصحية.
المعادن في النظم الغذائية
تتفاوت المعادن الغذائية بشكل كبير، حيث تتطلب بعضها كميات كبيرة للعمل، في حين أن العناصر النزرة قد تكون خطرة عند استهلاكها بكميات مفرطة.
تتضمن المعادن ذات المدخول اليومي المرجعي (RDI) الذي يزيد عن 200 ملغ/يوم، الكالسيوم، المغنيسيوم، والبوتاسيوم.
بينما المعادن النزرة، حيث يكون RDI أقل من 200 ملغ/يوم، تشمل النحاس، الحديد، والزنك، وهي متواجدة أيضًا في العديد من الأطعمة.
المضافات الغذائية
تعتبر المضافات الغذائية مواد تُضاف إلى الطعام بهدف الحفاظ على النكهة أو تحسين الطعم أو الشكل، وهي عمليات تعود لزمن بعيد.
مثل إضافة الخل للأطعمة المخلوطة، أو استخدامه كمستحلب في تركيبات كالمونازيل، وتُدرج هذه المضافات عادةً برقم E في لوائح الاتحاد الأوروبي.
أيضًا، تُصنف بعض هذه المواد على أنها GRAS (“معترف بها عمومًا على أنها آمنة”) من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.