التصحر يعد من أبرز التحديات التي تواجه العالم، وخاصة في المنطقة العربية حيث تتفاقم هذه الظاهرة. بالرغم من أن التصحر هو ظاهرة طبيعية لا يتحكم فيها الإنسان، إلا أن هناك ضرورة ملحة لتطبيق مجموعة من السياسات والإجراءات من قبل الحكومات المختلفة لمكافحة هذه المشكلة.
تحتوي الدول العربية على مساحات شاسعة من الصحاري، مما يستدعي استغلال هذه المساحات بشكل يضمن تنوع الحياة وخلق ثروة نباتية. سنستعرض في هذا المقال محورية مشكلة التصحر في الوطن العربي وسبل التغلب عليها.
تعريف التصحر
التصحر هو عملية طبيعية تؤثر على بلدان العالم أجمع، وتتمثل في تمدد المناطق الصحراوية أو تحول التربة من كونها خصبة وقابلة للزراعة إلى تربة جافة تفقد مقومات الحياة. هذه الظاهرة تؤدي إلى تراجع الغطاء الأخضر والموارد النباتية.
وبالتالي، يتقلص عدد السكان في هذه المناطق وينتقلون إلى المناطق التي تظل فيها مقومات الحياة مثل التربة والمياه.
التصحر يؤثر على التربة عبر تحويلها إلى بيئة قاحلة تفتقر إلى الماء، مما يجعلها غير صالحة للزراعة وبالتالي غير مناسبة للحياة، الأمر الذي يؤدي إلى نفور الناس من تلك المناطق.
أسباب التصحر
تتعدد أسباب التصحر وتتنوع بين العوامل الطبيعية وعوامل تتعلق بسوء استخدام الموارد الطبيعية من قبل الإنسان. من أهم أسباب التصحر هي:
- إساءة التعامل مع التربة، مما يؤدي إلى عدم قدرتها على استيعاب أي تعامل جديد وتحولها إلى أراضٍ غير صالحة للزراعة.
- الاستخدام المفرط للتربة في الأنشطة الزراعية دون الالتزام بأساليب تسميد أو استصلاح مناسبة، مما يؤدي إلى تدهور التربة وتقليل قدرتها على الإنتاج.
- قطع الأشجار وحرقها، مما يسبب تفكك تماسك التربة ويؤدي إلى تقليل حيويتها.
- تطبيق استراتيجيات ري غير فعالة وغير مدروسة، مما يساهم في تفاقم مشاكل التربة.
مشكلة التصحر في الوطن العربي
تشير الدراسات إلى أن الوطن العربي يعاني بشكل كبير من مشكلة التصحر، حيث تتجاوز المساحات المتأثرة 9.7 مليون كيلومتر مربع، بما يزيد عن نصف المساحة الإجمالية للدول العربية.
الكثير من الأراضي التي كانت خصبة وصالحة للزراعة أصبحت جرداء، مما أثر بشكل مباشر على أكثر من مليار شخص يعيشون في ظروف قاسية وقليلة الموارد.
الجفاف في الوطن العربي
الجفاف يعتبر ظاهرة واضحة في الوطن العربي، حيث تغطي المناطق الجافة حوالي 89% من المساحة الإجمالية. على الرغم من تساقط الأمطار في فصل الشتاء، إلا أن التربة الجافة سريعة الامتصاص للمياه تسهم في تفاقم مشكلة الجفاف.
تتعرض بعض الدول مثل العراق لنسبة تصل إلى 70% من الصحاري نتيجة للجفاف الشديد. كما تلعب الصحراء المتحركة دوراً كبيراً في تفاقم التصحر، خاصة في المملكة العربية السعودية.
استراتيجيات الوقاية والتقليل من التصحر
قام الخبراء والمختصون بتطوير العديد من الاستراتيجيات لمواجهة ظاهرة التصحر. إليكم أبرز هذه الاستراتيجيات:
- توعية المواطنين بأساليب الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية لضمان عدم تعرضها للتآكل.
- تطبيق تقنيات زراعية حديثة تضمن سلامة التربة وخصوبتها للحفاظ على الإنتاجية على المدى الطويل.
- زيادة المساحات المزروعة بطريقة تحميها من الجفاف.
- منع قطع الأشجار وحرق الغابات لضمان بقاء الموارد الطبيعية.
- اتخاذ تدابير وقائية تجاه التغيرات الطبيعية مثل الفيضانات والأمطار الغزيرة.
- تطوير برامج لدعم المزارعين بأحدث الأساليب التكنولوجية لتحسين جودة التربة وزيادة المحاصيل.
تشجيع المواطنين على مواجهة التصحر
ينبغي على الدول العربية وضع خطط منظمة لرفع مستوى الوعي حول التصحر، وتحفيز المواطنين على الامتداد في استخدام المساحات بدلاً من الاكتظاظ في مناطق محددة.
من المهم توفير موارد مياه مستدامة للمناطق النائية، مما يعزز من قدرة تلك المناطق على استعادة النشاط والحياة.
كما يتوجب على الحكومات العمل على توفير كافة الخدمات الأساسية في المناطق النائية، مثل التعليم والرعاية الصحية، لضمان حياة كريمة تشجع الناس على الانتقال إليها والمساهمة في تنميتها.