يوجد تشابه كبير بين مفهومي النسخ والتخصيص، مما يجعل من الصعب التمييز بينهما، حيث أن التخصيص يشبه النسخ بشكل كبير.
يرجع ذلك إلى اشتراكهما في مجال الحكم، بعكس ما يتضح من اللفظ، وفي ضوء ذلك، فقد أنكر بعض العلماء وجود النسخ في الشريعة الإسلامية.
النسخ والتخصيص
- تتشارك النسخ والتخصيص في العديد من الصفات، مما أدى إلى وجود شكوك حول موضوع النسخ في الإسلام، حيث لم يعترف به كثير من العلماء، معتبرين أن الأقاويل المتعلقة به تعود إلى التخصيص.
- في المقابل، اعتبر بعض العلماء أن التخصيص ما هو إلا نوع من النسخ، وقد أدخلوا أشكالًا متنوعة من التخصيص في باب النسخ.
- لذا، يصبح من المهم التمييز بين النسخ والتخصيص.
الفرق بين النسخ والتخصيص
حدد العلماء بعض الفروق بين النسخ والتخصيص، وفيما يلي أبرزها:
- النسخ يتعلق بفترة زمنية محددة، بينما التخصيص يتعلق بأعيان محددة.
- النسخ يتناول الأزمان فقط، في حين أن التخصيص يشمل الأعيان، والأزمان، والأحوال.
- كما ذكر الغزالي، فإن النسخ يرد على الفعل في أوقات معينة، بينما التخصيص يرد على الفعل في ظروف معينة، نظرًا لأن الأعيان والأزمان ليست من أفعال المكلفين.
- النسخ يعم جميع الأفراد، على عكس التخصيص الذي يخص بعض الأفراد، وفقًا لما ذكره البيضاوي.
- النسخ يخصص الحكم وفقًا لزمان محدد، بطرق تختلف عن التخصيص.
- يُعد النسخ تغييرا شاملا، بينما يُعتبر التخصيص مجرد تقليص.
- النسخ يتناول الأحكام سواء كانت ثابتة لشخص واحد أو مجموعة، بينما التخصيص يتعلق بحق فرد واحد فقط.
- التخصيص يبني دلالة اللفظ على ما تبقى تحته، سواء كان حقيقياً أو مجازياً، في حين أن النسخ يُلغي دلالة حقيقة النسخ في الزمن المعين.
- جائز تأخير النسخ إلى ما بعد وقت العمل بالمنسوخ، بينما لا يمكن تأخير التخصيص عن وقت العمل بالمخصص.
- يمكن نسخ حكم الشريعة بشريعة أخرى، بينما لا يجوز تخصيص حكم بشريعة أخرى.
- النسخ يعني رفع الحكم بعد ثبوته، بينما التخصيص يعني بيان المراد من اللفظ العام.
فروق أخرى بين النسخ والتخصيص
لا يمكن أن يتقدم الناسخ على المنسوخ، ويجب أن يكون متأخراً عنه، في حين أن التخصيص يمكن أن يكون عكس ذلك. وإليك الفروق التالية:
- التخصيص يتم بالأدلة العقلية، القرائن، وأدلة السمع، بينما النسخ يعتمد فقط على الخطاب والكلام.
- يتضح الفرق بين النسخ والتخصيص بأن النسخ لا يمكن أن يكون بالإجماع، بينما يجوز أن يكون التخصيص بالإجماع.
- التخصيص يمكن أن يحدث في الأحكام والأخبار، بينما النسخ يخص فقط أحكام الشريعة.
- يمكن أن يتم النسخ بالتراخي، بينما يحدث التخصيص بشكل فوري.
- نسخ المقطوع بالمظنون غير ممكن، بينما تخصيص المقطوع بالمظنون واقع.
- النسخ يرفع حكم العام والخاص، في حين التخصيص غير مشمول إلا في غير العام.
- النسخ يتحقق فوراً لكل ما يتضمنه اللفظ المعني، حتى لو لم يعد مرادًا بعد ذلك، بينما التخصيص يسمح بأن يكون المراد بالعام موجودًا فقط في وقت الخطاب.
التعريف بالنسخ والتخصيص
يستخدم كل من التخصيص والنسخ لاستنباط الأحكام الشرعية المختلفة، وتعريفاتهما كالتالي:
ما هو النسخ
تعددت آراء الأئمة في تعريف النسخ، وتأتي التعريفات كالتالي:
- يعتقد البعض أنه لا يمكن للنسخ رفع حكم ثابت.
- البعض الآخر يرى أنه يختص بإظهار وبيان ما يتعارض مع شروط الاستمرارية وديمومة الحكم.
- أما النسخ في اللغة فيعني التغيير، والتبديل، والتحوير، وإزالة الشيء، وإحلال شيء آخر محله، مثل قولنا “نسخت الشمس الظل” أي أزالته.
- النسخ هو إزالة حكم المنسوخ كليًا ببديل آخر، مع تحديد أوقات العمل بالفرض الأول، وبعد انتهاء مدته يمكن البدء في العمل بالثاني، ومعلوم عند الله متى سينتهي.
- من خلال النسخ، نعلم انتهاء الحكم، وبالتالي يمكن تغييره وتعديله.
ما هو التخصيص
التخصيص في اللغة يشتق من “خصص”، ويعني تخصيص الشيء بإفرادها. وفيما يلي تعريف التخصيص:
- التخصيص في اللغة يعني الإفراد.
- التخصيص يهدف إلى إخراج كل ما كان داخلاً تحت إطار العموم، وتقديره وتنظيمه من أجل التخصيص.
- الناسخ يأتي على الحكم المنسوخ ليؤدي إلى إزالته كليًا، أو الإبطال والإلغاء، بينما المخصص لا يلغي العموم بالكامل.
- التخصيص هو بيان للفظ العام بأمر خاص، حيث يهدف إلى توضيح الأعيان، بينما النسخ يهدف إلى توضيح الأزمان.
- التخصيص ليس منفصلًا عن المنسوخ، بل قد يكون متصلًا أو منفصلًا، بينما الاستثناء يكون متصلًا بالأول.
فروق تميز النسخ والتخصيص
يرفع النسخ حجية المنسوخ إذا كان قد تم رفعه للحكم الواضح بالنسبة للأفراد، بينما التخصيص لا يبطل حجية العام. وإليك النقاط التالية:
- لا يمكن أن يكون النسخ إلا بكتاب الله وسنة رسوله الكريم، بينما التخصيص يمكن أن يتم بالقرآن الكريم، وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وغيرها من الأدلة العقلية والحسية.
- التخصيص من المستحيل أن يأتي بأمر موجه لمأمور واحد، أو نهي بسبب منهى واحد، بينما يمكن أن يطرأ النسخ على غيره من الأحكام.
- الأمر الذي دفع بعض العلماء إلى إنكار وقوع النسخ في الشريعة واعتبار التخصيص هو أن النسخ يفيد تخصيص الحكم ببعض الأزمنة، بينما التخصيص يرفع الحكم عن بعض الأفراد.
- كما يعتبر بعض العلماء أن أشكالًا من التخصيص قد وردت في باب النسخ، مما أدى إلى الخلاف حول عدد المنسوخ فيه.
- يجوز نسخ شريعة بأخرى، لكن لا يجوز تخصيص شريعة بأخرى.
- يمكن للعام أن ينسخ حكمه حتى لا يتبقى منه شيء، بعكس التخصيص.