النجوم
تتميز النجوم بتنوعها الكبير من حيث الشكل، والحجم، واللون، ودرجة اللمعان. تُعرف النجوم بأنها أجسام سماوية تطلق كميات هائلة من الإشعاعات الكهرومغناطيسية نتيجة للتفاعلات المستمرة داخلها. تتكون جميع النجوم بشكل أساسي من كرات غازية عملاقة تتكون في معظمها من عنصري الهيدروجين والهليوم، وتعد العناصر الأساسية التي تشكل المادة في المجرات والكون، وهي الأكثر شيوعاً في الفضاء. الفارق الرئيسي بين النجوم والكواكب يكمن في أن النجوم تمتلك مصدراً للطاقة، حيث تستمد طاقتها من عملية فيزيائية تعرف باسم الاندماج النووي.
تمر النجوم بمراحل متعددة عند نشوها، تشمل: مرحلة التكاثف التي يتخذ فيها النجم شكلاً كروياً، ومرحلة الانكماش حيث يرتفع حرارة النجم إلى مستويات مرتفعة جداً، وأخيراً مرحلة الاندماج النووي، التي تنتج عنها الطاقة الهائلة التي تُضيء النجم وتبعث منه الضوء والحرارة.
يحتوي الكون على عدد ضخم من النجوم، تصل إلى مليارات الترليونات، والتي تتوزع عبر عشرات مليارات المجرات. في مجرة درب التبانة وحدها، يُقدّر عدد النجوم بما بين 100 و400 مليار نجم، مما يشغل مساحة شاسعة من الفضاء. عند النظر إلى السماء ليلاً من موقع مظلم تماماً، تظهر وكأنها مزدانة بالنجوم، ومع ذلك، لا يُمكن للعين المجردة رؤية سوى عدد قليل جداً من نجوم درب التبانة. كما لا يمكن رؤية نجوم المجرات الأخرى من الأرض. يُقدر علماء الفلك عدد النجوم في الكون بأرقام فلكية، حيث تشير بعض التقديرات إلى وجود عشر سكستليون نجمة، وهذا الرقم يعادل العدد واحد وعلى يمينه 22 صفراً. ولهذا السبب، غالباً ما يُقال بين علماء الفلك إن “عدد النجوم في الكون أكثر من عدد حبيبات الرمال على كافة شواطئ الأرض مجتمعة”، وتدعم بعض التقديرات الرياضية دقة هذه المقولة.
دورة حياة النجوم
تبدأ حياة النجوم من سُحب هائلة من الغاز تُعرف باسم السُدم (بالإنجليزية: Nebulae)، وهي موجودة بكثرة في المجرات ويمكن إعادة تشكيلها باستمرار بعد وفاة النجوم. مع مرور الوقت، تميل أجزاء من هذه السحب الغازية إلى التكاثف والتقارب بفعل قوى الجاذبية، ونتيجة لذلك، تنقسم السحابة إلى عدد من الكرات الغازية العملاقة الكثيفة، التي تجمع معظم جزيئات الغاز التي كانت تُكوّن السحابة سابقاً. ليس من الضروري أن تمتص هذه الكرة كل المادة، إذ تجذب معظمها، ولكن من الشائع أن تبقى منها بقايا كثيرة من الغاز والغبار التي تتكاثف لاحقًا لتتحول إلى كواكب ومذنبات وغيرها من الأجرام المحيطة بالنجوم.
عندما يزداد حجم الكرة الغازية، يصبح وزنها ثقيلاً جداً، حيث تتجمع كميات هائلة من المادة في مركزها، مما يؤدي إلى انهيارها تلقائياً. وهذا الانهيار ينشئ عملية مهمة تُعرف باسم الاندماج النووي. يبدأ الاندماج النووي عندما ترتفع درجة الحرارة في باطن النجم بفعل الضغط الناتج عنه. عندما ترتفع الحرارة إلى درجات عالية جداً، تندمج ذرات الهيدروجين الموجودة في مركز النجم مع بعضها لتكوين ذرة هليوم واحدة، مما يُحرّر كميات هائلة من الطاقة، والتي تنبعث على شكل موجات كهرومغناطيسية تُرسل الضوء والحرارة حول النجم. هذه هي المرحلة الأساسية في حياة النجم، والتي تمر بها الشمس في الوقت الحالي.
خلال هذه المرحلة، يُشبه النجم محركًا يحرق الوقود وينتج الطاقة، حيث يُعتبر غاز الهيدروجين هو الوقود، والطاقة المنتجة هي الضوء والحرارة. تُعرف النجوم التي تمر بهذه المرحلة باسم النجوم المتسلسلة (بالإنجليزية: Main Sequence Stars)، ويمكن تقسيمها إلى أنواع مختلفة بناءً على أطيافها الحرارية، كما هو موضح أدناه.
بشكل عام، كلما زاد حجم النجم، تُصبح حياته أقصر. تعيش النجوم الصغيرة لمليارات السنين في شكل نجوم متسلسلة، بينما تمر النجوم الكبيرة بسرعة باضطرابات عديدة. تبدأ المرحلة المتأخرة من حياة النجم عندما تستنفد كل ما لديها من غاز الهيدروجين، مما يؤدي إلى فقدها الوقود الكافي لإنتاج الطاقة، ويتوقف الاندماج النووي بداخلها. تمر النجوم بعد ذلك بمراحل غير مستقرة متعددة، وفقًا لحجمها وطبيعتها، وتنتهي حياتها بعدة طرق، فقد تتحول إلى نجوم نيوترونية شديدة الكثافة، أو تنفجر بشكل عنيف يُعرف بالمستعر الأعظم (بالإنجليزية: Supernova)، أو تتطور إلى ثقوب سوداء.
أنواع النجوم
أنواع النجوم بحسب التصنيف الطيفي
جميع النجوم المتسلسلة، أي التي تمر بالمرحلة الأساسية في حياتها، تُشع كميات كبيرة من الأمواج الكهرومغناطيسية، لكن هذه الأمواج تتركز عادةً في أجزاء معينة من الطيف. السبب في ذلك هو أن النجوم الأكبر حجماً تنتج حرارة مرتفعة، مما يؤدي إلى إصدار موجات كهرومغناطيسية ذات ترددات عالية، وبالتالي يظهر لونها قريباً من الأزرق. في المقابل، تكون النجوم الأصغر حجماً أقل حرارة وتصدر موجات كهرومغناطيسية بترددات منخفضة، مما يجعل لونها يميل إلى الأحمر. يوزع علماء الفلك النجوم إلى سبعة أنواع بناءً على أطيافها:
- O: نجوم زرقاء، حرارتها بين 30,000 – 60,000 كلفن.
- B: بين الأبيض والأزرق، حرارتها بين 10,000 – 30,000 كلفن.
- A: نجوم بيضاء، حرارتها بين 7,500 – 10,000 كلفن.
- F: بين الأبيض والأصفر، حرارتها بين 6,000 – 7,500 كلفن.
- G: نجوم صفراء، حرارتها بين 5,000 – 6,000 كلفن، ومن أبرزها الشمس.
- K: تتنوع بين الصفراء والبرتقالية، حرارتها بين 3,500 – 5,000 كلفن.
- M: نجوم حمراء، حرارتها أقل من 3,500 كلفن، منها العمالقة الحمراء، ومن أبرزها نجم قلب العقرب.
أنواع النجوم بحسب التطور النجمي
تخضع النجوم خلال مراحل تطورها من الولادة إلى الموت لعدة أطوار، ولكل نجم دورة حياة فريدة تعود إلى حجمه وكتلته. ومن أهم هذه الأنواع ما يلي:
- النجوم العملاقة: نجوم كبيرة الحجم وذات لمعان شديد، تكون كتلتها أكبر من الشمس بعدة عشرات من المرات.
- القزم البني: هي نجوم ذات كتلة أقل بكثير من أن تولد حرارة كافية داخلها لتفعيل عملية الاندماج النووي، مما يجعلها تظل كرات غازية باردة تشبه الكواكب، وتُعتبر نجوماً فاشلة.
- النجوم المتسلسلة: تُعتبر هذه النجوم نموذجية، تشبه الشمس.
- القزم الأحمر: هو نجم متسلسل ولكن كتلته صغيرة جداً، لذا يتميز بلون أحمر قوي ناشئ عن ضعف التفاعلات النووية داخله. تكون هذه النجوم أصغر بكثير من الشمس وأقل حرارة، لكنها تظل موجودة لفترات طويلة جداً، لأنها تستهلك وقودها الهيدروجيني ببطء شديد، مما يجعل الأقزام الحمراء الأكثر شيوعاً في الكون.
- العملاق الأحمر: تتسم هذه النجوم بأنها في مراحلها الأخيرة بعد استنفاذ وقود الهيدروجين، حيث تبدأ بدمج الهليوم الموجود في طبقاتها الخارجية، مما يؤدي إلى انتفاخها بشكل كبير، مما يزيد من حجم النجم بمرات عديدة.
- القزم الأبيض: نجوم تحتضر تمر بالمراحل النهائية من دورة حياتها، تُطلق هذه التسمية على النجوم متوسطة الحجم التي مرت بمرحلة العملاق الأحمر، حيث أنها تبرد لتتحول إلى قزم أسود، ولا تحدث أي تفاعلات داخلية، لكنها تبقى ساخنة بسبب الحرارة المحتبسة من المراحل السابقة.
- المستعر الأعظم: تُعرف أيضاً بالسوبرنوفا (بالإنجليزية: Supernova)، وهي طريقة تنتهي بها حياة النجوم، وتتمثل في انفجار عنيف جداً يحرر كميات هائلة من الطاقة، مما يؤدي إلى ت散ر جزيئات النجم في مختلف أنحاء الكون. قد تتحول بقايا هذا الانفجار إلى أجسام سماوية غريبة مثل السدم الكوكبية، والأقزام البيضاء، والنجوم النيوترونية، والثقوب السوداء.
- النجوم النيوترونية: هي بقايا المستعمرات العظمى، وتتسم بكثافتها العالية، مما يجعلها تدور بسرعة هائلة حول محورها، قابلة لإكمال عشرات الدورات في الثانية. تكون كتلة النجم النيوتروني حوالي ضعفي كتلة الشمس، وعادة ما تتألف كتلتها بالكامل من النيوترونات.