العودة إلى الكفر بعد اعتناق الإسلام وعقوبتها

تُعتبر العودة عن الإسلام إحدى أبشع الجرائم التي يمكن أن يرتكبها المسلم بحق نفسه، حيث إن هذا العمل يؤدي به إلى خسارة دنياه وآخرته، ويتوجب تعزيز حكم الإعدام في هذه الحالة وفق الشريعة الإسلامية.

لا يُحتسب للمرتد أي عمل صالح قام به، سواء كان صلاة أو صوم، وسنوضح في هذا المقال تفاصيل هذا الموضوع، بالإضافة إلى دور أبو بكر الصديق في مكافحة المرتدين عن الإسلام.

تعريف الارتداد عن الدين

الارتداد يعني ترك المسلم لعبادة الإسلام والإيمان بالله تعالى، والتوجه نحو الكفر والابتعاد عن تنفيذ تعاليم الدين، مثل الصلاة والصوم.

أول من ارتد عن الإسلام من العرب

بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ارتد عدد كبير من المسلمين عن دينهم، حيث كان بعضهم متمسكًا بالدين بسبب الرسول نفسه، وليس عن إيمان حقيقي بالدين. وأول شخص عربي ارتد عن الإسلام هو الأسود العنسي.

لم يكتفِ هذا الشخص بالخروج عن الدين فحسب، بل ادعى النبوة كذباً. ومن بين القبائل التي ارتدت عن الإسلام كانت هوازن ووطيء. ومع تولي سيدنا أبو بكر الخلافة، بدأ محاربتهم حتى أعادهم إلى الدين الإسلامي.

أنواع الردة عن الدين الإسلامي

أوضح الشافعي في كتابه المعروف “روضة الكاتب” أن العودة عن الإسلام يمكن أن تكون بالقول مرة واحدة، سواء كان ذلك عن طريق اعتقاد أو استهزاء بأي من تعاليم الدين. كما لفت المالكي في “منح الجليل” إلى أن الرجوع عن الإسلام يمكن أن يتم من خلال إعلان الكفر بالله والرسول.

يتضمن ذلك أيضًا الكفر بالقرآن الكريم، أو إنكار شرعية الدين بشكل واضح، والتهكم على الله أو نبينا محمد، وكافة الأنبياء، وكذلك الانغماس في المحرمات وعبادة ما ليس الله تعالى.

من المعلوم أن من يرتد عن الإسلام يبطل كافة أعماله، فلا تُقبل صلاته ولا تُدفن وفق الشريعة الإسلامية.

الأحكام الشرعية للرجوع عن الدين الإسلامي

اتفق الفقهاء على أن المسلم الذي يرتد عن دينه بعد إسلامه يُستباح دمه، وذلك لأن حكم المرتد أشد من حكم الكافر. ويجب أن يُنفذ هذا الحكم من قبل أولياء الأمر، كونه يشكل تهديدًا ليس فقط للشخص المرتد، بل للمجتمع ككل.

تنتشر أسباب الارتداد بشكل سريع، مما يُصعب مكافحتها أو إيقافها، وهي لا تقتصر على الأقوال فقط، بل تمتد إلى الشك في تعاليم الدين وترك فرائض هامة، كالصلاة والصوم.

أبو بكر ومحاربة المرتدين

بعد تولي سيدنا أبو بكر الصديق الخلافة بإجماع المسلمين، ظهرت مجموعة من الأفراد الذين ارتدوا عن دينهم، مما جعله يفكر في محاربتهم وفقًا للحدود الشرعية.

وقد أكد النبي محمد في أحد الأحاديث على ضرورة قتل كل من ارتد عن الإسلام، وقد نجح أبو بكر في القضاء على هذه الظاهرة وإعادة المرتدين إلى الدين.

قاد أبو بكر الجيش الإسلامي مستلهمًا من خطى النبي محمد، مفتتحًا بلدانًا عربية جديدة، ونجح بفضل قيادته الحكيمة ومساندة الصحابة.

وعقب وفاة أبو بكر، تابع الخلفاء الراشدون مسيرته حتى انتشر الإسلام بشكل كبير في المنطقة العربية وخارجها.

أول من ارتد من الصحابة

لم تبدأ ظاهرة الارتداد بعد وفاة الرسول، بل كانت موجودة أثناء حياته، وأول من ارتد من الصحابة هم:

  • عبد الله بن سعد: وهو أخو سيدنا عثمان بن عفان بالرضاعة.
    • أمر النبي بقتله، لكن سيدنا عثمان استأمنه أثناء فتح مكة.
    • ثم عاد عبد الله إلى الإسلام بشكل إيجابي.
  • عبيد الله بن جحش: كان من أوائل من تركوا عبادة الأوثان قبل إسلامه.
    • كان من ضمن الأوائل الذين أسلموا، لكنه ارتد في الحبشة.
    • اشتُهر بسخريته من المسلمين وتوفي هناك.
  • عبد الله بن خطل: أصدر النبي أمرًا بقتله حتى لو كان بجوار الكعبة.
    • وأُلقي القبض عليه وقُتل أثناء فتح مكة.
  • مقيس بن صبابة: كان أحد الذين صدرت أوامر بقتلهم خلال فتح مكة.
    • قُتل بعد أن ارتكب جريمة قتل لرجل آخر.

لماذا يجب قتل المرتدين؟

حدود الشريعة في هذا الصدد واضحة جدًا، ولا يوجد مجال للجدل. إذا عاد المسلم إلى الكفر دون أن يعلن ذلك أو يخبر به أحد، فإنه لا يلحق ضررًا بنفسه أو بالآخرين، وقد يُهدى مرة أخرى.

أما إذا أعرب عن كفره بشكل صريح، فيجب محاولته العودة إلى الدين بعدة وسائل، وإن لم يقتنع، فيجب قتله، لأنه بذلك يُشكل خطرًا على المجتمع وقد يؤدي إلى الفوضى والفساد.

وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: “من بدل دينه فاقتلوه”.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *