تشهد جميع الأمم دورات حياتية تتمثل في المراحل الأساسية: الطفولة، الشباب، والشيخوخة. وبالمثل، عانت الحضارة العربية من فترات مظلمة عبر تاريخها، على غرار ما شهدته البشرية.
على الرغم من أن هذه الأمم قد تقترب من الانحدار، إلا أنها نادرًا ما تختفي تمامًا من الوجود.
عند النظر إلى تاريخ الشعوب، يتبين لنا أنه كان لكل أمة عصر ذهبي حيث ازدهرت فيه العلوم والأفكار، وقد امتد تأثيرها العلمي والفكري إلى العديد من الدول الأخرى. لمزيد من التفاصيل حول
العصور المظلمة عند العرب، نرجو زيارة موقع
مقال
.
مفهوم العصور المظلمة عند العرب
يمتلك الغرب تاريخًا طويلًا وعريقًا غنيًا بالأحداث البطولية. ومع ذلك، يُظهر تركيزه على ما يُعرف بالعصور المظلمة خطأً فادحًا في فصل ماضيه عن حقبة تصل إلى ألف عام.
عند مراجعة هذه الحقبة الزمنية، نلاحظ أن مفاهيم جديدة بدأت تطفو على السطح بخصوص فترة العصبية تلك، حيث سعى العديد من العلماء لإعادة تقييمها وإبراز إنجازاتها.
على الرغم من ذلك، تبقى التسمية الأكثر دقة لهذه المرحلة هي “العصور الوسطى”. تسعى هذه التسمية إلى تسليط الضوء على العظمة التي تمت فيها، والتي سببّت لاحقًا تطورات هامة في أوروبا.
من بين الأسباب البارزة لتجاهل هذه الفترة هو بروز الإسلام وتأثيره، الذي أثار حسد العالم لفترة طويلة، لا سيما بالمقارنة مع ما يُسمى “العصور المظلمة” في التاريخ الأوروبي.
لقد قدمت الأمة العربية الإسلامية علومًا وفنونًا وثقافات فريدة من نوعها، رغم عدم تقديرها بالشكل المناسب. ومع ذلك، لا يمكن إنكار تأثيرها الفعال على الغرب، رغم محاولات التغاضي عنه.
تظل هذه الحقائق التاريخية حاضرة بالرغم من تجاهلها من قبل العديد من الكتاب الغربيين. وفي الوقت نفسه، يُظهر أن هناك مغالطة كبيرة ترتبط بمفهوم “العصور المظلمة”، حيث تتزامن تلك الفترة مع فترة ازدهار الحضارة الإسلامية.
في خضم ظلام أوروبا، بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، استهلت الحضارة الإسلامية عصرها الذهبي.
العصور المظلمة مقابل العصور الوسطى وفقًا للعلماء
تظهر الدراسات الحديثة التي قام بها العالِم هاسكينز وباحثون آخرون، أن مفهوم “العصور المظلمة” يتسم بالمغالطة. فقد شهدت أوروبا انتعاشًا ملحوظًا في القرن الثاني عشر، وليس خلال الفترة المعروفة بعصر النهضة، التي بدأت من أواخر القرن الخامس عشر وحتى القرن السابع عشر.
يوضح سارتن، في مقدمته الضخمة لتاريخ العلوم، استمرار التطور العلمي، وضرورة الاعتراف بدور العصور الوسطى والمساهمات الإسلامية الهامة.
كما اعترف هالبرت وايت، على الرغم من تقديره العميق للعلوم الإسلامية، بأن الصورة التقليدية المرسومة للعصور الوسطى كانت تعبر عن حالة تدهور تاريخي، خاصة في بدايات تلك الحقبة.
ومع ذلك، فإن النظر إلى العصور الوسطى من وجهة نظر تاريخ التكنولوجيا يكشف أن الحضارة الإسلامية قد دمجت وبلورت الإنجازات السابقة، واستفادت منها بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، يذكر ويبل أن العصور الوسطى تُعتبر بالنسبة للعديد من الطلاب فترة مليئة بالصراعات والنزاعات غير المجدية، مما أدى إلى تجاهل حديثها ومساهماتها.
ازدهار الحضارة العربية والإسلامية في عصور الظلام الغربية
تتزامن فترة العصور المظلمة الغربية مع قمة الحضارة الإسلامية، مما يوضح حجم العداء الذي واجهته تلك الفترة. حيث ظهرت الحضارة الإسلامية في خضم الظلام الذي ساد في أوروبا بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية.
في عام 622 م، حدثت الهجرة، وفي عام 630 م، دخل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مكة، ومن ثم انتشر الإسلام في المناطق المجاورة بعد وفاة النبي، ليضم الأراضي من إسبانيا إلى حدود الصين بحلول عام 750 م.
دارت الثورة العلمية الإسلامية في أوج ازدهار الإسلام من أواخر القرن الثامن حتى القرن الثالث عشر، حيث شهدنا صعود علماء بارزين في مجالات متعددة.
القرنين الثالث والرابع
بين القرنين الثامن والثالث عشر، تحقق عدد من الاختراعات العلمية الهامة، والتي وضعت الأسس لحضارتنا الحديثة.
شملت هذه الاختراعات علماء ومكتشفات وفنون معمارية ومكتبات ومؤسسات طبية وجامعات، بالإضافة إلى رسم الخرائط واكتشاف أسرار الكون.
ظهر العديد من العلماء مثل البيروني، والخوارزمي، وابن سينا، وغيرهم في تلك الحقبة، مما أرسى أُسسًا قوية للعلوم الحديث.
رغم قوة العرب وازدهارهم، إلا أنهم للأسف شهدوا انهيارًا كبيرًا أمام الغزوات المغولية التي أضاعت التراث العربي.
وهكذا، انتقل العرب إلى فترة من الظلام، وهو ما سنتناوله في الرواية التالية.
العصور المظلمة عند العرب
- منذ ذلك الحين، عانت الشعوب العربية من التبعية وإنتاج الأفكار والمبتكرات من الغرب، رغم دخولنا عصر التكنولوجيا.
- رغم استخدامنا لأجهزة الكمبيوتر والطائرات الحديثة، تظل هذه المظاهر مجرد استهلاك دون أي إسهامات فعلية في الابتكار.
- على الرغم من انفتاحنا وتحسن ظروفنا، تبقى مساهماتنا في الإبداعات الحديثة غير كافية بينما كنا في عصر الأمويين والعباسيين.
- يُعتبر العالم العربي اليوم مثالًا للفقر على مستوى الإبداع والابتكار.
- تاريخيًا، كانت الفترة الحديثة في أوروبا أقصر من العصور المظلمة، التي استمرت لأكثر من 700 عام.
- رغم ذروة الازدهار العربي في عهدي الأمين والمأمون، دخلنا فترة من الظلام مازالت قائمة حتى اليوم.
هل يعيش العرب في عصر مظلم؟
- يمكن وصف العصر المظلم الحالي بفقر المعرفة، والانغلاق الثقافي، وهيمنة الخرافات الفكرية.
- تظهر عدم قدرة الدول العربية على إنتاج احتياجاتها الذاتية، مما يعزز الفقر الفكري.
- نتيجةً لذلك، يُظهر الواقع أننا معتمدون على الدول الأخرى في جميع جوانب الحياة.
- إذا افترضنا أن كل الدول الأخرى تُركتنا بمفردنا، فإن حاجتنا الملحة للمعرفة والتقنية ستظهر جلية.
- إذًا، تُظهر هذه المعطيات أننا لا نملك القدرة على الابتكار أو الإضافة إلى العلوم، مما يجعلنا نعيش في “عصور مظلمة”.