موضوعنا اليوم هو التمييز بين الدلالة والمعنى؛ حيث سنوضّح الفروق بينهما ونستعرض كيف تعكس الدلالة معاني الكلمات. دعونا نغوص معًا في أعماق المعرفة المتعلقة بلغة الضاد.
سنقوم بتبسيط هذا المفهوم لكي يتسنى لكم فهمه بسهولة، لذا تابعونا في السطور التالية.
التمييز بين الدلالة والمعنى
تجدر الإشارة إلى أن الدلالة والمعنى من المفاهيم التي يمكن أن تلتبس على الكثيرين، ولذلك سنعمل على توضيح الفرق بينهما في هذه الفقرة. تابعونا:
- تعريف المعنى: يجدر بالذكر أن مفهوم “المعنى” يعد من أكثر المصطلحات التي شهدت اختلافات بين العلماء، وذلك بسبب تنوع اهتماماتهم الدراسية.
- يعود الاختلاف في تعريف المعنى أيضًا إلى تعدد الأبحاث المرتبطة به من قبل العلماء.
- هذا بالإضافة إلى تنوع المصطلحات المستخدمة في هذا المجال والمجالات ذات الصلة.
- تعد آراء النحويين حول مصطلح المعنى متعددة، حيث يُصنف بعضهم المعنى بأنه معنى صرفي.
- في حين يرى آخرون أنه معنى دلالي، وبالمثل يُفسر بأنه معنى نحوي.
- تعريف اللفظ أو الدلالة يُشير إلى الحامل المادي، أو كما يمكن القول، الجانب الحسي الناطق للمعنى، أي الفكرة الذهنية المجردة للكلمة.
- ويُعتبر اللفظ مفهومًا منطوقًا، وهو ما أكده جميع علماء النحو.
- أوضح سيبويه أن المقصود بكلمة “اللفظ” هو العلامة الإعرابية.
- أو ما يُعرف بـ “الإعراب”، حيث يرى أن الشكل اللفظي، مثل النصب، يرتبط بمعنى معين ويتم توجيهه وتصحيحه بناءً عليه.
- من ناحيته، عرّف ابن مالك الكلمة على أنها لفظ مستقل، يدل على وضع معين سواء من حيث التحقيق أو التقدير.
- في هذا السياق، يُقصد بالاستقلال عدم ارتباطها بأي اسم آخر، مثل ياء “زيد” أو تاء “مسلمة”.
آراء العلماء حول اللفظ والدلالة
تعددت الآراء حول مفهوم اللفظ والدلالة بين العلماء، وسنستعرض بعضها في هذه الفقرة:
- يقول الشيخ خالد الأزهري: “إن اللفظ في أصله مصدر، ويشير إلى المقصود به.
- وهنا المقصود بـ”اللفظ” (في اصطلاح النحويين) هو ما يُلفظ.
- وهو الصوت المتولد عن الفم، بما يشمل بعض الحروف الهجائية.
- علماً أن هذا قد يتحقق كما في كلمة “زيد”، أو يُفترض كما هو الحال مع ألفاظ الضمائر المستترة.
- وأكد كذلك أن الصوت يُطلق عليه لفظ لأنه يحدث نتيجة لعملية خروج الهواء من الرئة.
- هذا الاسم يُعبر عن المسبب أكثر من كونه السبب ذاته.
- ذكر السيوطي أن كل ما يخرج من الفم، حتى لو لم يجمع على حرف، يُعد صوتًا.
- فإذا احتوى على حرف ولم يدل على معنى، فهو قول، وإذا كان مفردًا، فهو كلمة.
- إذا كانت الكلمة مركبة من اثنين لكنها لم تفد معنى محدد، فإنها تكون جملة.
- أما إذا أفادت معنى، فهي كلام، وكل ما يتكون من ثلاثة فهو كلمة.
- وأشار العالم أبو البقاء الكفوي إلى أن اللفظ في اللغة يُعرف بمصدر بمعنى الرمي.
- كما يعني المفعول، حيث يتم تناول ما ليس بصوت أو ما هو بحرف واحد أو أكثر، وهو في الأصل صوت صادر من الفم.
- يُمكن أن يُعتبر لفظًا مهملًا أو مُستعملًا، وليس صحيحًا القول “لفظ الله” ولكن يمكن أن نقول “كلمة الله”.
أنواع الدلالات
توجد عدة أنواع للدلالات، وسنوضحها لكم في السطور التالية:
-
الدلالة الصوتية: تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد دلالات محددة للأصوات في حد ذاتها، وذلك لأن العلاقة بين الدال والمدلول تُعتبر اعتباطية.
- تتكون الأصوات من وحدات دلالية، بدءًا من الصرف وصولًا إلى الجملة.
- بعض الباحثين يعتقدون أنه يمكن أن تكون هناك دلالة صرفية مستمدة من صوت الكلمة نفسها، مما يعني وجود علاقة طبيعية بين الدال والمدلول.
- كما ذكر ابن جني أن هذه المناسبة الطبيعية موجودة بين لفظ الدال والمدلول.
- وقد أشار بعض الباحثين المعاصرين، مثل محمد المبارك إلى أن الحرف في اللغة العربية يحمل إيحاءً خاصًا، حتى وإن لم يكن دلالة قاطعة للمعنى.
- يُعتبر أيضًا دلالة على اتجاه وإيحاء، مما يُثير شعورًا في النفس يستعد لقبول المعنى.
- قد تظهر الدلالة الصوتية في التنغيم وتصبح واضحة في الجانب التذكيري.
- الدلالة الصرفية: تتعلق هذه الدلالة بالزيادات الصرفية، وتجمع معاني إضافية إلى السياق الجذري.
- الدلالة النحوية: يهتم علم النحو بجانبين مختلفين يتعلقان بتراكيب الجمل العربية، بالإضافة إلى دراسة الإعراب، مما يشير إلى أهمية فهم الدلالة النحوية.
مقدمات التأليف النحوي الثلاث
وفي مصطلحات النحاة، نجد ما يتعلق بما يخرج من الفم من حرف واحد أو أكثر، حيث يمكن أن تُعطى عليه بعض الأحكام. بعد توضيح الفرق بين الدلالة والمعنى، نقدم لكم مقدمات التأليف النحوي الثلاث:
- تشمل المقدمات ثلاث عناصر، هي وحدات القول، الإعراب والبناء، وأيضًا النكرة والمعرفة.
- القواعد المتعلقة باللفظ والمعنى تشمل:
- أولاً، القيام بالربط بين المعنى واللفظ.
- ثانيًا، إصلاح اللفظ.
- ثالثًا، توضيح طبيعة الفرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى.
- في القسم الأول، يُعتبر المعنى دائمًا حكمًا لفظيًا مشابهًا لمفاهيمه.
- أما بالنسبة للفظ، فقد خصصه ابن جني كموضوع مستقل، مع التركيز على أهمية تهيئة اللفظ وعلاقته بالمعنى.
البلاغة والدلالة وتغير المعنى
المعنى يمثل عاملًا مشتركًا بين البلاغة والدلالة، ويتجلى ذلك بصورة واضحة في علمي:
“البيان وعلم البديع، حيث تشمل المحسنات اللفظية والمعنوية. تشير هذه المعاني المركبة إلى معاني تعزز من التأثير الفعلي على المتلقي، كما تعكس مراد المتكلم.
وبعض هذه المعاني تتعرض لتغيرات تأخذ أشكالًا مختلفة نتيجة لعدة أسباب، كما يتم تناولها تحت مختلف المسميات والدراسات البلاغية.
ومن الأمثلة على كيفية انحراف أو تغيير معنى الكلمة: الشكل المنطقي، الشكل الدلالي، وأخيرًا الشكل البلاغي.
كما توجد أنواع من التغيرات البلاغية المعروفة، نذكر من بينها ما يلي:
- أولًا: مقام المقال، حيث يجب الأخذ في الاعتبار أن لكل مقال مقامه الخاص.
- ثانيًا: المجاز، حيث يمكن أن يتحول المعنى باستخدام المجاز. ثالثًا وأخيرًا، الاستعارة.
- الاستعارة تُعتبر أحد أركان المجاز اللغوي، وتعني تشبيه تم فيه حذف أحد طرفي الصورة.