التفريق بين مفهوم توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية

إن توضيح الفروق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية يعتبر من القضايا المهمة التي تحتاج إلى شرح دقيق، نظرًا لأن العديد من الجماعات لا تستطيع التمييز بين المفهومين.

الفروق بين توحيد الربوبية والألوهية

يمكن تصنيف التوحيد إلى نوعين رئيسيين، ويتمثل المعنى لكل منهما بما يلي:

  • توحيد الألوهية: يعني أن الله وحده هو المستحق للعبادة من قبل الإنسان، وكذلك يفيد بتفرد الله بالعبادة.
  • توحيد الربوبية: يعني الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى هو القادر على خلق وتدبير الكون، فهو الملك الذي يرزق عباده، وهو الذي ينفذ جميع هذه الأفعال.

الفرق من حيث الاشتقاق اللغوي

أما من ناحية الاشتقاق اللغوي للمصطلحين، فيظهر الفارق كما يلي:

  • الربوبية: مشتقة من اسم (الرب)، وهو أحد أسماء الله سبحانه وتعالى، ويستخدم في اللغة للدلالة على من يتولى مسؤولية رعاية شيء ما.
  • الألوهية: تأتي من (إله) وتعني التعبد، وورد في المعجم اللغوي أن تأله الرجل يعني أنه تعبّد.

الفرق في المعنى الاصطلاحي

وتظهر الفروق بين المصطلحين من حيث الأفعال المرتبطة بهما:

  • توحيد الربوبية: يرتبط بالأفعال التي يقوم بها الله عز وجل وحده دون غيره، مثل الرحمة، المغفرة، الخلق، والتدبير، وغيرها من الأفعال الفريدة.
  • توحيد الألوهية: يتعلق بأفعال العباد، حيث:

    • يجب أن يعبد الإنسان الله الواحد الأحد دون الشرك به.
    • يفترض عدم عبادة أي إله آخر، بما في ذلك الأصنام.
    • يجب على المؤمن إظهار عبادته لله عبر الصلاة، الصوم، الحج، والزكاة، وغير ذلك من العبادات.

الفرق من جهة الإقرار

يتناول الفرق من حيث إقرار العبد النقاط التالية:

الربوبية

  • أغلب المشركين أقروا بتوحيد الربوبية ووجود إله خالق، ولكن هذا الإقرار يكون غير كامل، إذ لو كان كاملاً لامتنع الجميع عن عبادة الأصنام واتجهوا لعبادة الله وحده.
  • يقول تعالى في كتابه الكريم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وهذا يعني أن إقرار المشركين بالربوبية ليس كافيًا.

الألوهية

  • تعني الإيمان بأن الله هو خالق كل شيء، وهو رب العباد، والإقرار بعدم وجود إله إلا هو وحده لا شريك له، وأن الإشراك بإله آخر يعد خطأ جسيماً.
  • من الآيات الكريمة التي توضح توحيد الألوهية من حيث الإقرار قوله تعالى (أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأَتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).

الفرق من حيث الدلالة

يؤكد علماء الدين على وجود فرق بين المفهومين من حيث الدلالة، على النحو التالي:

  • توحيد الربوبية: يعتمد على دلالة علمية ويعكس جوانب معرفية أكثر من الجانب العملي، ويفيد بضرورة وجود خالق لهذا الكون، ويشار إليه بـ (التوحيد العلمي الخبري).
  • توحيد الألوهية: يرتبط بالجوانب العملية، ولا يكتمل إلا من خلال أفعال العباد التي تعكس إيمانهم بالله سبحانه وتعالى.

آراء القائلين بعدم وجود فرق بين توحيد الألوهية والربوبية

في استكمال حديثنا حول الفروق بين توحيد الربوبية والألوهية، نود أن نشير إلى أن بعض العلماء ينفون وجود فرق بين المصطلحين، مستندين إلى أدلة من ضمنها:

  • عدم ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد الصحابة لهذا التفريق.
  • بالاستناد إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حول سؤال المتوفي في قبره، حيث يتم سؤاله من ربك؟ دون الإشارة إلى إلهك.
  • إن كلا المصطلحين يثبّت أحدهما الآخر، وقول المشرك بأنه يقر بربوبية الله عز وجل دون ألوهيته هو مغالطة، حيث إنهما مفهومين متلازمين.

أمثلة على توحيد الألوهية والربوبية

مثال على توحيد الألوهية

من الأمثلة التي تظهر توحيد العبد لألوهية الله سبحانه وتعالى ما يلي:

  • تشهد أن لا إله إلا الله، وتخص عبادتك لله وحده، دون أن تشرك معه أحدًا من الأنبياء أو الصالحين.
  • في توحيد الألوهية، يُمنع المؤمن من قول “يا فلان” (كالسيدة زينب أو الحسن والحسين) ويطلب الشفاعة منهم، فهذا يتعارض مع الإيمان بالتوحيد.

مثال على توحيد الربوبية

يمكن القول أن الإيمان بجميع أسماء الله الحسنى وصفاته، وأنه خالق الكون، هو توحيد ربوبية، دون أداء العبادات التي تندرج تحت التوحيد. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا النوع من التوحيد ما يلي:

“يا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ، وَجَفَّتْ الصُّحُفُ”

أسئلة شائعة حول توحيد الربوبية والألوهية

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *