أنواع المعجزات
تُعرف المعجزة بأنها أمر خارق للطبيعة، يرتبط بالتحدي، ولا يمكن لأحد معارضته أو مجاراته. إنها علامة يرسلها الله -سبحانه وتعالى- على يد أنبيائه كدليل على صدقهم ورسالتهم ودعوتهم. فقد تميز جميع الأنبياء -عليهم السلام- بالمعجزات، ولم يكن بإمكان أي واحد منهم أن يأتي بمثل ما جاء به نبي آخر. فيما يلي، سنتناول أنواع هذه المعجزات.
المعجزات الحسية
تُعتبر المعجزات الحسية معجزات مؤقتة، تحدث في فترة معينة وتختفي بوفاة النبي -عليه السلام- الذي أتى بها. وغالبًا ما تكون المعجزات من نوع ما يبرع فيه الشعب الذي أرسل إليهم النبي. ونحن نعرض أدناه بعض الأمثلة على المعجزات الحسية:
- **معجزة سيدنا إبراهيم -عليه السلام-**: عندما ألقى به قومه في النار ليعاقبوه لأنه حطم أصنامهم ودعاهم لعبادة الله، فجعل الله -عز وجل- النار بردًا وسلامًا عليه، وخرج منها حيًا أمام قومه. قال تعالى: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ* قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ).
- **معجزة سيدنا موسى -عليه السلام-**: آتاه الله العديد من المعجزات لتكون علامة على نبوته أمام فرعون وقومه، ومن ضمنها العصا التي تحولت إلى ثعبان بأمر الله. قال تعالى: (وَما تِلكَ بِيَمينِكَ يا موسى* قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخرى* قالَ أَلقِها يا موسى* فَأَلقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسعى). وكذلك انشقاق البحر ليعبر منه موسى وقومه ويهربوا من بطش فرعون. قال تعالى: (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ).
- **معجزة سيدنا صالح -عليه السلام-**: عندما تحداه قومه بأن يأتي بمعجزة تثبت صدق نبوته، وهو ما كانوا يبرعون فيه من نحت الصخور. فأخرج الله لهم من الصخر ناقة حية، لتكون دليلاً على رسالته. قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ هذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ).
- **معجزة سيدنا عيسى -عليه السلام-**: تضمنت شفاء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله. قال تعالى: (وأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّه).
المعجزات العقلية
تتعلق المعجزات العقلية بالمعرفة، مثل علم سيدنا عيسى -عليه السلام- بما يأكله الناس وما يدخرونه في بيوتهم. قال تعالى: (وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ). ويُعد القرآن الكريم المعجزة العقلية الخالدة إلى يوم القيامة.
حيث تحدى الله -عز وجل- مشركي قريش بأن يأتوا بمثل القرآن، وقد كانوا معروفين بالفصاحة والبلاغة. جاء هذا التحدي بعدة مراحل كما يلي:
- أن يأتوا بمثل القرآن الكريم كاملًا، لكنهم عجزوا عن ذلك. قال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا).
- أن يأتوا بعشر سور من القرآن، وهو ما كان يعتبر أسهل عليهم، ولكنهم عجزوا عن ذلك. قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ).
- أن يأتوا بسورة واحدة من القرآن الكريم، لكنهم عجزوا كذلك، وتأكدوا أن القرآن هو معجزة خالدة من الله وليست من تأليف البشر. قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ)، وكذلك قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ).