سنتناول في هذا المقال الحكمة من مشروعية الصيام بشكل موجز. يُعتبر الصيام الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة، وقد أوجبه الله سبحانه وتعالى على المسلمين كواحدة من العبادات التي تحمل في طياتها العديد من الفضائل والفوائد للفرد والمجتمع.
كما جاء في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
تعريف الصيام
الصيام هو الانقطاع عن تناول الطعام والشراب وكل ما يدخله الجوف، بالإضافة إلى الامتناع عن جميع المفطرات، ويمتد من طلوع الفجر حتى مغرب الشمس. ويُعد الصيام فرضاً، حيث يوجد دليل على فرضيته في الكتاب والسنة وإجماع العلماء.
أصناف الصيام
يمكن تقسيم الصيام إلى نوعين أساسيين:
- الصيام المفروض: هو الصيام الذي فرضه الشرع، مثل صيام رمضان، كما يمكن أن يكون بسبب كصيام الكفارات والنذور.
- الصيام التطوعي: وهو الصيام الذي يُؤدى دون فرض، مثل صيام أيام الإثنين والخميس أو في أي يوم من أيام السنة، مع ضرورة أن يكون صيام يوم الجمعة مصحوبًا بصيام يوم قبله أو بعده.
الحكمة من مشروع الصيام
لقد شرع الله الصيام لتمكين العبد من الاقتراب إليه، وهو يساعد المسلم على التآلف مع الآخرين وإظهار روح التعاون والمساندة للمحتاجين. كما يعزز الصيام من خشوع المسلم في عبادته ويُعلمه ضبط النفس والتحكم في شهواته.
أدلة مشروعية الصيام
هناك عدة أدلة تدل على مشروعية الصيام:
- قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج وصوم رمضان”.
- الإجماع على أن الصيام هو أحد أصول الإسلام، ويرى بعض الفقهاء أن من ينكره يكون كافرًا، بينما يراه آخرون فاسقًا يجب عليه التوبة.
أركان الصيام
يرتكز الصيام على ركن رئيسي وهو التعبد بإرادة الله سبحانه وتعالى، حيث يجب الامتناع عن المفطرات وضبط الشهوات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، مع مراعاة أن الفجر المقصود هو الفجر الثاني.
للفجر الثاني خصائص تجعله متميزًا عن الفجر الأول:
- الفجر الأول يظهر بشكل مستطيل من المشرق إلى المغرب، بينما الفجر الثاني يشرق من الشمال إلى الجنوب.
- الفجر الأول يصاحبه ظلام بعد انبثاق الضوء، أما الفجر الثاني فيظل النور متزايدًا حتى شروق الشمس.
- الفجر الأول لا يُحل فيه صلاة الفجر، في حين يسمح الفجر الثاني بها، ويُعد محددًا لبداية وقت الصيام.
شروط الصيام
يُعتبر الصيام فرضًا على كل مسلم عاقل بالغ، ومستطيع على الصيام، حيث تُعفى الأطفال دون السبع سنوات والمجانين من هذه الفريضة. ويجب قضاء الأيام التي تفوتها الحائض والنفساء، بينما يُلزم المريض غير القادر على الصيام بإطعام مسكين عن كل يوم.
فرائض الصيام
تمثلت فرائض الصيام في النقاط التالية:
- وجود نية الصيام في القلب، دون الحاجة للتعبير عنها باللسان، ويجب أن تكون قبل أذان الفجر.
- حفظ حواس الجسم من المفطرات.
مبطلات الصيام
هناك عدة مفطرات تُبطل الصيام، ومنها:
- تناول الطعام أو الشراب أو حقن الفيتامينات، أو دخول الدخان إلى الجوف مثل السجائر.
- القيء المتعمد.
- العلاقة الجنسية بين الزوجين أو خروج المني بدون جماع.
- التلفظ بأقوال تسيء للإسلام أو الدين.
فوائد الصيام
نستعرض بعض فوائد الصيام:
- تنمية مشاعر المساواة بين المسلمين، حيث يجتمع جميعهم على إفطار واحد.
- تعزيز مشاعر الحب والإخاء والابتعاد عن النزاعات، كما قال صلى الله عليه وسلم: “الصيام جنة”.
- تنمية التقوى لدى المسلم، كما ورد في قوله تعالى.
- تربية النفس على الصبر والتحمل.
- تجنب الرياء، حيث يُعتبر الصيام أمانة بين العبد وربه.
- قدرة المسلم على التغلب على شهواته في سبيل رضا الله.
الفوائد الطبية للصيام
نذكر بعض الفوائد الطبية المرتبطة بالصيام:
- تعزيز جهاز المناعة وتخلص الجسم من السموم.
- هدوء الجهاز الهضمي.
- زيادة حرق الدهون.
- خفض مستوى سكر الدم.
- مساعدة الجسم في التخلص من آثار الإدمان.
- فائدة لصحة مرضى ضغط الدم.
آداب الصيام
تتضمن آداب الصيام:
- صيام الجوارح والتزام الصائم بغض البصر والابتعاد عن اللغو.
- الحرص على قراءة القرآن والأذكار اليومية، والإكثار من الاستغفار والدعاء.
- تعجيل الإفطار عند سماع أذان المغرب وتأخير السحور.
فضل الصيام
- الصيام عبادة تعود بالخير الكبير، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ إلا الصيام، فإنه لي وأنا أُجزِي به”.
- الصائم له فرحتان: عند الإفطار وعند لقاء الله تعالى.
- خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
- لأهل الصيام باب خاص بالجنة، يُقال له “الريان”.
- الصيام يُباعد النار عن العبد seventy عامًا، كما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام.
- الصيام يُعتبر وقاية من النار، وفقًا للحديث الشريف.
- الصيام يُكَفِّر الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
- الصيام يتشفع للصائم يوم القيامة.
