تتداخل مفاهيم الشرك والكفر والفسق بشكل وثيق، لكن لكل منها تعريف محدد. إن فهم كل مفهوم على حدة يعين على إدراك الفروق بينها، حيث يمكن تطبيق مصطلح المشرك على الكافر، والعكس صحيح.
كما جاء في قوله تعالى: “ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون”.
تعريف الكفر
الكفر هو رد الحق المتمثل في آيات الله ورسوله، أو رفض الإيمان بهما، أو التعالي عليه، أو الانغماس في الأهواء التي تبعد عن اتباع الرسالة.
فالكفر يعد سمة من سمات الأفراد الذين يتجنبون الإيمان بالله تعالى، سواء كان ذلك من خلال القلب أو اللسان أو كليهما معاً.
يقول الله عز وجل في كتابه: “ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ”.
أنواع الكفر
ينقسم الكفر إلى نوعين:
- الكفر الأكبر.
- الكفر الأصغر.
“أولاً”: الكفر الأكبر:
وهو ينفي الإيمان، ويمثل خطراً يدفع إلى الخلود في النار، ولا تقبل فيه الشفاعة.
يمكن أن يكون الكفر الأكبر إما بالقول، أو الشك، أو الترك، أو التعالي. كما يتفرع هذا النوع إلى عدة أصناف، منها:
كفر الاستكبار والإباء:
يظهر هذا النوع من الكفر في الأشخاص الذين يدركون حقانية الرسالة ولكنهم يرفضون الاعتراف بها، ويبتعدون عن الفطرة بسبب العناد والتكبر. كما في قوله تعالى: “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ” [البقرة:34].
كفر التكذيب:
وهو إنكار العلامات الواضحة من الله، والتي تشمل إرسال الرسل. حيث يقول الله: “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ” [العنكبوت:68].
كفر الإعراض عن الدين:
ويعني الابتعاد عن دين الله وعدم الاستماع لما جاء به رسله. كما جاء في قوله: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ” [الأحقاف:3].
كفر الشك:
ينطوي هذا النوع على التشكيك في عصمة الرسل، كما في قوله: “وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ…” [الكهف:35-38].
“ثانياً”: الكفر الأصغر:
يمثل الكفر الأصغر غياب الخروج عن الدين، ولا يتعارض مع جوهر الإيمان. قد يترافق مع العذاب، لكنه لا يفضي إلى الخلود في النار، ويقبل فيه الشفاعة. وينقسم الكفر الأصغر إلى عدة أصناف، منها:
كفر العشير والإحسان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أريت النار؛ فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن.” فقيل: أيكفرن بالله؟ فقال: “يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان…”.
قتال المسلم:
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر”.
- كما قال: “لا ترجعوا بعدي كفاراً؛ يضرب بعضكم رقاب بعض”.
- هذا النوع من الكفر لا يؤدي إلى الخروج عن الدين، إذ يبقى الفرد محتفظاً ببعض خصائص الإيمان.
- قال تعالى: “وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا” [الحجرات:9].
تعريف الشرك
معنى الشرك لغوياً
- يعني وجود شراكة بين شخصين.
- يعد الشرك في جوهره كفرًا؛ إذ إنه يعبر عن انصياع الشخص لغير الله.
تعريف الشرك شرعاً
- الشرك هو عبادة مخلوق بنفس مستوى عبادة الله، وتعظيمه كما يُعظم الله.
- حيث يتضمن الشرك وصف الشخص لنفسه بنفس خصائص الله العليا، مثل السجود للشخص أو طلب العون منه.
أنواع الشرك
ينقسم الشرك إلى نوعين:
- الشرك الأكبر (وهو خروج عن الملة).
- الشرك الأصغر (وهو شرك بدون الخروج عن الدين).
“أولاً” الشرك الأكبر:
يتمثل في عبادة غير الله وترك العبادة لله في الأمور الحيوية. مثل عدم الصلاة لله أو الدعاء لغير الله.
“ثانياً” الشرك الأصغر:
يتضمن الأعمال التي تقترب من الشرك، دون الخروج عن الدين، مثل الحلف بغير الله، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك”.
تعريف الفسق
الفسق لغة
- يُعبر عن الخروج عن المعنى أو الهدف أو الطاعة.
- الفسق يعني الفجور والخروج عن جادة الصواب.
أما الفسق اصطلاحاً:
- يعني الابتعاد عن طاعة الله والرسول، وعصيان أوامرهما.
- تشير صفة “رجل فاسق” إلى تجاوز حدود الله.
- قال تعالى: “إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ…” [التوبة:67].
أنواع الفسق
- الفسق الكلي.
- الفسق الجزئي.
“أولاً” الفسق الكلي:
يعبر عن فسق الكافر نتيجة الخروج عن الإيمان، كما جاء في قوله تعالى: “وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ” [السجدة:20].
“ثانياً” الفسق الجزئي:
يتعلق بفسق المسلم دون ارتكاب معاصي تصل إلى حد الكفر.
كما يُظهر قوله تعالى: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ…” [النور:4].
والفسق يتعدى مفهوم الكفر، إذ يشمل الكفر والمعاصي سواء الكبيرة أو الصغيرة.
يعتبر الفسق حالة قد تؤدي إلى الكفر، ولكن في بعض الأحيان تكون الذنوب غير كفرية، ويختلف الأمر بناءً على حجم المعصية.